بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
أزمة التطرف
تعريفه:
♦ إنه داء اجتماعي!
♦ لا يتوقف عند مجموعة بشرية معينة!
♦ غير محصور في أتباع دين معين!
♦ لا يعرف له لون واحد! هو مستشرٍ بين الشرق والغرب، العرب والعجم، المسلمين وغير المسلمين، وبين أصحاب الديانات وبين الملاحدة، نعم! إنه طاعون العصر.
تجده في الحاكم والمحكوم، وفي الصغير والكبير، والشاب والفتاة، تجده في البيوت والحارات والشوارع والطرقات، تجده بين الغلاة الذين غالوا في دينهم وتشددوا، وبين الجفاة الذين يريدون الانسلاخ من الدين بالكلية!
إن أزمة التطرف لها وجهان: أحدهما يتعلق بالمعرفة والفكر، والثاني يتعلق بالأخلاق والسلوك.. وهو الأخطر.
فالحق أن أزمة التطرف بشقيه الإفراط والتفريط، والتشدد والانحلال هي أزمة أخلاقية في المقام الأول.
من صفات المتطرفين:
- عدم الاعتراف بالآخر وسوء الظن بالآخرين.
- التعالي والاعتداد بالذات والغلظة في التعامل.
- الطعن في العلماء والتشويش عليهم واتهامهم في كثير من الأحيان.
- الظلم للآخرين وعدم مراعاة حرماتهم.
- العزلة والانغلاق الفكري.
- الغضب والانفعال السريع.
- الكذب وإخفاء الحقائق.
الأسباب:
1ـ الجهل: فالجاهل لا يحكم عقله بل يندفع وراء عاطفته.
2ـ وجود بعض البدع والخرافات والعادات والتقاليد المخالفة لصميم الدين.
3ـ جرأة بعض الشباب على إطلاق أحكام الحلال والحرام التي لا تستند إلى دليل شرعي، مخالفين قوله تعالى: "وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلاَلٌ وَهَـذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ". النحل/116
5ـ الظن وانتشار الإشاعة في المجتمع، فتصبح الساحة مسرحًا لتبادل الاتهامات والظن السيء بالناس.
الردود والعلاج:
ديننا الحنيف الذي يرفض التشدد والإيغال في الدين، كما أنه يرفض الانحلال والتسيب والبعد عن تعاليمه، يعالج هذه الأزمة بروية وحكمة!
يقول الشهيد مطهري "إن إحدى خصائص الإسلام هي الاعتدال والوسطية، أكدت على ذلك التربية القرآنية، ورسخته، فلا هو بالجامد الثابت المتحجر المتزمت، ولا هو المرن المتلوّن المتبدل بتبدل الزمان والمكان وتعاقب الأيام واختلاف الأوضاع".
الرجوع إلى الفطرة:
إن للمعرفة الإلهية أساساً فطرياً في باطن كل فرد، وإن هذه المعرفة الفطرية تتحول إلى إيمان تفصيلي بمعونة العقل والتدبر في الآيات الكونية، وإن أساس الإيمان والمذهب قائم على الفطرة والعقل. وبالرغم من أن القرآن الكريم يستند في المعرفة إلى الفطرة ويعبر عن ندائها بـ الدين القيّم فإنه يدعو الناس إلى التدبر في أسرار الخلق ويأمرهم بالتعقل والتفكير.
يقول تعالى فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ (الروم:30).
والعقل هو الوسيلة التي ينبغي أن يستثمرها الإنسان لتمييز ذلك، لأن بواسطته يستطيع تأمل تجاربه فيدرك بذلك انحرافه، وجذور تراجعه.
وإن كثيرًا ممن يعالجون التطرف يولون الفكر اهتمامًا أكثر من السلوك مع خطره، فتغيير الفكر ممكن وإن كان صعبًا، كما أن أثر الفكر قاصر، وأثر الأخلاق والسلوك متعد، لأنه يتعلق بالتعامل مع الآخر. فإذا عولجت أخلاق المتطرفين عادوا إلى جادة الطريق، وإذا دوويت أخلاقهم استقاموا على الصراط المستقيم.
من هنا كانت الأخلاق هي المنطلق الرئيس في علاج ظاهرة التطرف، والعناية بسلوك الأشخاص في المجتمعات، مع مراعاة أدوات العلاج الأخرى، كالظروف الاجتماعية، والظروف النفسية التي يمر بها من يصاب بداء التطرف؛ تشددًا وانحلالاً.
إن على المصلحين والساعين إلى علاج التطرف أن يعالجوه أولاً في نفوسهم وفي بيوتهم وفي علاقتهم مع أبنائهم، وعلاقتهم مع مرؤوسيهم والخدم، ومع أصدقائهم في تعاملهم، ومع زوجاتهم في البيوت، ومع طلابهم في المدارس والجامعات، وفي النوادي والمنتزهات، فإن وأد التطرف في المهد أولى من البحث عن علاجه بعد ما بلغ سن الشباب والرجولة والشيخوخة والكهولة.