صغارنا و«جنيات» الألعاب الإلكترونية القاتلةعباس سالم 12 / 7 / 2018م - 6:31 م
للعب أهمية كبيرة في حياة الصغار ويسعدون باللهو والمرح الذي يفرغون فيه طاقتهم الحركية، ويعمل على تنمية عقولهم وإدراكهم عن طريق التخيل والتذكر والتفكر الذي يمارسونه من خلال لعبهم، والذي يؤدي إلى تنمية نشاطهم النفسي وبناء شخصيتهم.
إن الكثير من الدراسات العلمية كشفت عن العلاقة الإيجابية بين ارتفاع الذكاء عند الأطفال واللعب، والمقصود باللعب هنا هو اللعب الحركي الجماعي مثل الألعاب الشعبية المختلفة التي كانت تُمارس في الزمن الجميل، والتي تربت عليها الأجيال بشكل تفاعلي مع الطبيعة، بعيداً عن ما نعرفه في عالمنا اليوم من كابوس الألعاب الإلكترونية.
إن الألعاب الإلكترونية بالرغم أنها تحفز الذكاء لدى الأطفال، وتنمي ذاكرتهم وسرعة تفكيرهم ومهاراتهم الإدراكية، إلا أن بعضها قد اغتالت براءة الصغار ودفعتهم إلى الإنحراف السلوكي والأخلاقي والدخول في علاقات مشبوهة مع العالم الافتراضي، وانتهت إلى جرائم الانتحار والقتل بين الصغار من خلال تنفيذ تعليمات إلكترونية افتراضية قضت على حياتهم، كما تفعله لعبة ”الحوت الأزرق“ وغيرها من الألعاب الإلكترونية الخطيرة.
آخر ضحايا الألعاب الإلكترونية مواطن في احدى مدن المملكة لم يتجاوز عمره 12 عاماً! أقدم على الانتحار شنقاً متأثراً بهذه الألعاب الكارثية في أول واقعة مؤلمة تحدث في المملكة، وهذه الألعاب تنتهك حق الإنسان ومخالفة لكل الشرائع والديانات، ولهذا فإن كل أصحاب تلك الديانات مطالبون بوضع خطط لمكافحة شياطين الألعاب الإلكترونية، وتوعية الناس بمخاطرها والمحافظة على أمن وسلامة الأجيال الناشئة.
أيها الآباء وأيتها الأمهات انتبهوا لصغاركم من هذا الجهاز الصغير الذي قدمتموه هدية لهم في عيد ميلادهم أو عند نجاحهم في المدرسة، وتركتموهم يتحدثون مع العالم الافتراضي من دون رقيب! راقبوهم واعرفوا مع من يتحدثون فهناك عدة ألعاب إلكترونية مرعبة شغلت وجدان الصغار والمراهقين مثل: ”لعبة مريم“ و”لعبة الحوت الأزرق“ و”لعبة جنية النار“ و”لعبة تحدي شارلي“ وقبلهم لعبة ”البوكيمون“ فهذا الجهاز هو أسرع الطرق إليها.
إن ”لعبة جنية النار“ تشجع الأطفال على اللعب بالنار، فهي توهمهم بتحولهم إلى مخلوقات نارية باستخدام غاز مواقد الطبخ، وتدعوهم إلى البقاء منفردين في الغرف حتى لا يزول مفعول الكلمات السحرية التي يرددونها، ومنها إلى حرق أنفسهم بالغاز ليتحولوا إلى ”جنية نار“، ولعبة ”تحدي شارلي“ أدت إلى وقوع حالات انتحار بين أطفال المدارس وذلك لاعتماد هذه اللعبة عَلى الأدوات المدرسية لدعوة شخصية أسطورية ميتة تدعى ”تشارلي“.
إن الإدمان على الألعاب الإلكترونية خطر يهدد براءة الطفولة، لذلك اتركوا أطفالكم يلعبون في فضاءات الطبيعة بدلاً من اللعب في الأجهزة الإلكترونية التي تؤدي إلى نتائج ضارة خاصة إذا ما وصل اللعب بها إلى حد الإدمان، وإننا لا ننكر أن بعضها مفيد خاصة تلك التي تعمل على تنمية الذكاء، لكننا نحذر من بعضها الذي يحث على العنف والاكتآب والمشاهد غير الأخلاقية والألفاظ النابية والسلوكيات المنحرفة التى تغير عادات الصغار الاجتماعية والأخلاقية المعروفة التي توارثوها من بيئتهم المحافظة.
إن أكثر الأسر اليوم للأسف باتت تريح نفسها من مسؤولية رعاية الصغار وازعاجهم والانشغال بهم، فتشغلهم بالألعاب الإلكترونية وفيديوهات الرسوم المتحركة في سنوات عمرهم الأولى، ظناً منهم بأن تلك الألعاب والفيديوهات سوف تسليهم وتعلمهم، لكن ما يحدث هو عكس ذلك فمعظم هذه الألعاب تحفز على العنف وارتكاب الجريمة والاستمتاع بقتل الآخرين وتدمير ممتلكاتهم.
خلاصة الكلام هو: أن حكايات الجدات لم تعد تجلب النعاس للأطفال كما هو حالنا في الماضي الجميل، فالأطفال اليوم لم يعودوا بحاجة للنوم، لأن ”جنيات“ التكنولوجيا تحملهم خارج المكان والزمان بما كسبت أناملهم الصغيرة، بينما يعض الأولياء أصابعهم ندماً.