ترابٌ نحنُ .. سعد الساعدي .. العراق
ما بينَ طَعمِ الخبزِ
وملوحةِ التّرابِ
جَسدٌ سقيمٌ
وهل للخبزِ إلاّ ملوحةُ الغرامِ؟
امراةٌ في القُصورِ هكذا تقولُ
تروي حكايةَ التّرابِ
لابنة الملك العظيمِ :
ليسَ واحدٌ فقط
بلْ ثلّةُ أفواهٍ من الجشَعِ
ينقضّونَ كالصّقورِ
يمزّقُونَ كلَّ أثوابِ الحقيقةِِ
وكلّ عذريّةٍ - يابنتي - تحْملُها الزّهورُ .
نامي ، قالت العجوزُ :
لم يُبْقِ لنَا أولئكَ الوحوشُ
غيرَ حُطامٍ من لهبٍ
أحشاؤهُ صليلٌ مِن غَضبٍ
وبعضٍ من ثبورٍ
وكومةِ ألواحٍ مِن القذى
يكحّلُ العيونََ
وينخرُ الصّدورَ
كأنّه يُلجِمُنا
في غَمرةِ الزّحامِ
لنستفيقَ بعدَ ألفِ عامٍ
ونَلهمُ التّرابَ من جديدٍ
لا عيدَ في تقويمِنا
سِوى ترنيمةٍ حبيسةٍ
كقشَّةٍ تعبثُ في دوامةٍ
تبحثُ في رُكامٍ عن سلامٍ .
في ترفِ المتْرَفينَ
أمواتٌ تغنّي للأنينِ
على دكّةِ الموتِ والنّيامِ
هَمَسَتْ تلكَ العجوزُ :
كنّا نخافُ مِن سَوطِ جلّادٍ لعينٍ
واليومَ نخشى على جلّادِنا الهجينِ
أن يَبْلعَ ما تبقّى من بحيراتٍ وأنهارٍ معاً
ويختنِق، أو ينْتفِق في لحظة الأحلامِ .