وايوما.... وايووووووووما...وايوما..أين أنتِ يا أبنتي؟ لقد ضاعت أبنتنا في غابة نود يا أيدو
لا تخافي يا زوجتي لابد ان نجدها، ربما تكون قد ذهبت تجمع لنا بعض الأعشاب من الغابة...... وايووووووماااااا..-
من حق أبنتنا المسكينة أن تهرب .. فهي لم تنل منّا سوى الاستهزاء و السخرية.-
لم نكن نحن فقط...بل كافة أفراد القبيلة يتحاشونها لمجرّد أنّها ولدت معوّقة ، فهي منتصبة القامة ولا تستطيع الركض على يديها و رجليها مثلنا كما ويصعب عليها القفز من شجرة لأخرى، وجسمها قليل الشعر وجلدها رقيق الملمس وليس مثلنا.. أنها فعلاً معوّقة .
حانت الشمس للغروب وهم لا زالوا يبحثون عن أبنتهم و يصرخون بصوت عالٍ علّها تسمعهم... وفي هذه الاثناء سمعوا صوتها من أعماق الغابة
أبي... أمي...أنا هنا... تعالوا و انظروا ماذا وجدت -ذهبوا باتجاه الصوت فوجدوها جالسة على الارض والى جانبها شاب غريب الشكل ممدّد على الارض بلا -حراك.-من هذا المخلوق الغريب يا أبنتي؟ هل هو ميّت ؟-كلا يا أبي.. أنه حي.. واظنه فقد وعيه بسبب الجوع و الارهاق ..نظر الأب الى هذا الشاب نظرة أستغراب ، فهو مختلف عنهم في العديد من النواحي ، شكلاً و وجهاً و شعراً و لون البشرة...ثم قال لأبنته بحنان: لكِ أن تحتفظي به لنفسكِ يا أبنتي ، فانتما تتشابهان!
ربط الأب يدي و رجلي الشاب الى خشبة طويلة ثم تعاونا جميعاً على حمله الى الكوخ .أعتنت وايوما بالشاب أياماً عديدة الى أن أستعاد صحته . لمّا صحى عرف بأنه قد اختطف من قبل قبيلة من القرود الذكية.. قرود تستطيع التخاطب فيما بينها . ولمّا دخلت عليه وايوما محضرة له الطعام أستغرب من وجودها بين القردة و اعتقد بانهم قد اختطفوها مثله فقال لها.. هل ترغبين بالهروب معي بعيداً عن هذا القطيع.. فنحن لا ننتمي لهذه المجموعة.. ألا ترين اننا نختلف عنهم..
اجابته بحزن: نعم اعرف ... فكلانا معوّقان... ولكن لا بأس.. سنرحل من هنا سويّة... ولكن هل لي أن أسألك عن قصتك ..ما أسمك و من تكون و من أين أتيت؟ اجابها بمرارة: انا قابيل... هارب من وجه الله لأني قتلت أخي هابيل...هربت و تركت والدي وحدهما... لا أدري كم مشيت ولا أعرف كيف وصلت الى هنا. استغربت وايوما من هذا الكلام وقالت له باستغراب: وما دخل (الله) بالموضوع؟ هل هو من نفس القبيلة؟ أجابها بحزن: لا.. ولكنه كان يحب أخي أكثر منّي وقد فضّل هداياه على هداياي ولذلك جنَّ جنوني على أخي و حقدت عليه و قلت في نفسي ، لو قتلته فلن يجد الله سواي و سيضطر أن يقبل مني الهدايا... ولكن للأسف ، حدث العكس، إذ غضب الله منّي أشدَّ الغضب و طردني لأكون شريداً في الارض. قالت له بتعاطف: لا تحزن.. فانت الان معي و سنرحل سوية و نعيش معاً فكلانا منبوذين.. وفي صباح اليوم التالي غادرا القبيلة الى أن وصلا الى شرق عدن حيث الارض جيدة و الماء متوفر... فقال قابيل لوايوما: سنستقر هنا و سأبني في هذا المكان مدينتي... عرف قايين زوجته وولدت له أبناً معوقاً مثله.. أسماه حنوك.. ومن ذلك اليوم ابتدأ المعوقون بالتكاثر و الازدياد.