قصة شخص كان يرى
زيارة الحسين بن علي (عليهما السلام) بدعة !
رَوَى مُؤَلِّفُ الْمَزَارِ الْكَبِيرِ بِإِسْنَادِهِ إِلَى الْأَعْمَشِ قَالَ :
كُنْتُ نَازِلًا بِالْكُوفَةِ ، وَكَانَ لِي جَارٌ كَثِيراً مَا كُنْتُ أَقْعُدُ إِلَيْهِ وَكَانَ لَيْلَةَ الْجُمْعَةِ ، فَقُلْتُ لَهُ : مَا تَقُولُ فِي زِيَارَةِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) ؟
فَقَالَ لِي : بِدْعَةٌ ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ، وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ .
فَقُمْتُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَأَنَا مُمْتَلِئٌ غَضَباً وَقُلْتُ إِذَا كَانَ السَّحَرُ أَتَيْتُهُ وَحَدَّثْتُهُ مِنْ فَضَائِلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مَا يُسَخِّنُ اللَّهُ بِهِ عَيْنَيْهِ !
فَأَتَيْتُهُ وَقَرَعْتُ عَلَيْهِ الْبَابَ ، فَإِذَا أَنَا بِصَوْتٍ مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ أَنَّهُ قَدْ قَصَدَ الزِّيَارَةَ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ ، فَخَرَجْتُ مُسْرِعاً فَأَتَيْتُ الْحَيْرَ فَإِذَا أَنَا بِالشَّيْخِ سَاجِدٌ لَا يَمَلُّ مِنَ السُّجُودِ وَالرُّكُوعِ ، فَقُلْتُ لَهُ : بِالْأَمْسِ تَقُولُ لِي بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ ، وَالْيَوْمَ تَزُورُهُ !
فَقَالَ لِي : يَا سُلَيْمَانُ ، لَا تَلُمْنِي فَإِنِّي مَا كُنْتُ أُثْبِتُ لِأَهْلِ هَذَا الْبَيْتِ إِمَامَةً حَتَّى كَانَتْ لَيْلَتِي هَذِهِ ، فَرَأَيْتُ رُؤْيَا أَرْعَبَتْنِي ! فَقُلْتُ : مَا رَأَيْتَ أَيُّهَا الشَّيْخُ ؟
قَالَ : رَأَيْتُ رَجُلًا لَا بِالطَّوِيلِ الشَّاهِقِ وَلَا بِالْقَصِيرِ اللَّاصِقِ ، لَا أُحْسِنُ أَصِفُهُ مِنْ حُسْنِهِ وَبَهَائِهِ ، مَعَهُ أَقْوَامٌ يَحُفُّونَ بِهِ حَفِيفاً وَيَزُفُّونَهُ زَفّاً ، بَيْنَ يَدَيْهِ فَارِسٌ عَلَى فَرَسٍ لَهُ ذَنُوبٌ ، عَلَى رَأْسِهِ تَاجٌ لِلتَّاجِ أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ فِي كُلِّ رُكْنٍ جَوْهَرَةٌ تُضِيءُ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ . فَقُلْتُ مَنْ هَذَا ؟ فَقَالُوا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) . فَقُلْتُ وَالْآخَرُ ؟ فَقَالُوا وَصِيُّهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) . ثُمَّ مَدَدْتُ عَيْنِي فَإِذَا أَنَا بِنَاقَةٍ مِنْ نُورٍ عَلَيْهَا هَوْدَجٌ مِنْ نُورٍ تَطِيرُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ . فَقُلْتُ لِمَنِ النَّاقَةُ ؟ قَالُوا لِخَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ وَفَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) . قُلْتُ وَالْغُلَامُ ؟ قَالُوا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) . قُلْتُ فَأَيْنَ يُرِيدُونَ ؟ قَالُوا يَمْضُونَ بِأَجْمَعِهِمْ إِلَى زِيَارَةِ الْمَقْتُولِ ظُلْماً الشَّهِيدِ بِكَرْبَلَاءَ ، الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) . ثُمَّ قَصَدْتُ الْهَوْدَجَ وَإِذَا أَنَا بِرِقَاعٍ تَسَاقَطُ مِنَ السَّمَاءِ أَمَاناً مِنَ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ لِزُوَّارِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) لَيْلَةَ الْجُمْعَةِ . ثُمَّ هَتَفَ بِنَا هَاتِفٌ أَلَا إِنَّا وَشِيعَتَنَا فِي الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا مِنَ الْجَنَّةِ ... وَاللَّهِ يَا سُلَيْمَانُ ، لَا أُفَارِقُ هَذَا الْمَكَانَ حَتَّى تُفَارِقَ رُوحِي جَسَدِي .
المصادر : (النجم الثاقب في معرفة أحوال الإمام الغائب : ج2، ص163 . | المنتخب (للطريحي) : ج 1، ص 196. | المزار الكبير: ص107. | بحار الأنوار : ج98، ص58.)