دعاء كميل مكتوب وبصوت ميثم التمار (قوي وسريع الإجابة)
كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَدْعُو بِهِ وَهُوَ سَاجِدٌ .
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُدْعَى بِهِ فِي الْأَعْيَادِ الْأَرْبَعَةِ :
﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ، وَبِقُوَّتِكَ الَّتِي قَهَرْتَ بِهَا كُلَّ شَيْءٍ ، وَخَضَعَ لَهَا كُلُّ شَيْءٍ ، وَذَلَّ لَهَا كُلُّ شَيْءٍ ، وَبِجَبَرُوتِكَ الَّتِي غَلَبْتَ بِهَا كُلَّ شَيْءٍ ، وَبِعِزَّتِكَ الَّتِي لَا يَقُومُ لَهَا شَيْءٌ ، وَبِعَظَمَتِكَ الَّتِي مَلَأَتْ كُلَّ شَيْءٍ ، وَبِسُلْطَانِكَ الَّذِي عَلَا كُلَّ شَيْءٍ ، وَبِوَجْهِكَ الْبَاقِي بَعْدَ فَنَاءِ كُلِّ شَيْءٍ ، وَبِأَسْمَائِكَ الَّتِي مَلَأَتْ أَرْكَانَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَبِعِلْمِكَ الَّذِي أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ ، وَبِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَضَاءَ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ ، يَا نُورُ يَا قُدُّوسُ ، يَا أَوَّلَ الْأَوَّلِينَ وَيَا آخِرَ الْآخِرِينَ ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَهْتِكُ الْعِصَمَ ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُنْزِلُ النِّقَمَ ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُغَيِّرُ النِّعَمَ ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَحْبِسُ الدُّعَاءَ ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَقْطَعُ الرَّجَاءَ ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُنْزِلُ الْبَلَاءَ ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي كُلَّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتُهُ ، وَكُلَّ خَطِيئَةٍ أَخْطَأْتُهَا ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِذِكْرِكَ ، وَأَسْتَشْفِعُ بِكَ إِلَى نَفْسِكَ ، وَأَسْأَلُكَ بِجُودِكَ أَنْ تُدْنِيَنِي مِنْ قُرْبِكَ ، وَأَنْ تُوزِعَنِي شُكْرَكَ ، وَأَنْ تُلْهِمَنِي ذِكْرَكَ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ سُؤَالَ خَاضِعٍ ، مُتَذَلِّلٍ ذَلِيلٍ خَاشِعٍ ، أَنْ تُسَامِحَنِي وَتَرْحَمَنِي ، وَتَجْعَلَنِي بِقِسْمِكَ رَاضِياً قَانِعاً ، وَفِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ مُتَوَاضِعاً ، اللَّهُمَّ وَأَسْأَلُكَ سُؤَالَ مَنِ اشْتَدَّتْ فَاقَتُهُ ، وَأَنْزَلَ بِكَ عِنْدَ الشَّدَائِدِ حَاجَتَهُ ، وَعَظُمَ فِيمَا عِنْدَكَ رَغْبَتُهُ ، اللَّهُمَّ عَظُمَ سُلْطَانُكَ ، وَعَلَا مَكَانُكَ وَخَفِيَ مَكْرُكَ ، وَظَهَرَ أَمْرُكَ ، وَغَلَبَ قَهْرُكَ ، وَجَرَتْ قُدْرَتُكَ ، وَلَا يُمْكِنُ الْفِرَارُ مِنْ حُكُومَتِكَ ، اللَّهُمَّ لَا أَجِدُ لِذُنُوبِي غَافِراً ، وَلَا لِقَبَائِحِي سَاتِراً ، وَلَا لِشَيْءٍ مِنْ عَمَلِيَ الْقَبِيحِ بِالْحَسَنِ مُبَدِّلًا غَيْرَكَ ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ ، ظَلَمْتُ نَفْسِي ، وَتَجَرَّأْتُ بِجَهْلِي ، وَسَكَنْتُ إِلَى قَدِيمِ ذِكْرِكَ لِي ، وَمَنِّكَ عَلَيَّ ، اللَّهُمَّ مَوْلَايَ كَمْ مِنْ قَبِيحٍ سَتَرْتَهُ ، وَكَمْ مِنْ فَادِحٍ مِنَ الْبَلَاءِ أَقَلْتَهُ ، وَكَمْ مِنْ عِثَارٍ وَقَيْتَهُ ، وَكَمْ مِنْ مَكْرُوهٍ دَفَعْتَهُ ، وَكَمْ مِنْ ثَنَاءٍ جَمِيلٍ لَسْتُ أَهْلًا لَهُ نَشَرْتَهُ ، اللَّهُمَّ عَظُمَ بَلَائِي ، وَأَفْرَطَ بِي سُوءُ حَالِي ، وَقَصُرَتْ بِي أَعْمَالِي ، وَقَعَدَتْ بِي أَغْلَالِي ، وَحَبَسَنِي عَنْ نَفْعِي بُعْدُ آمَالِي ، وَخَدَعَتْنِي الدُّنْيَا بِغُرُورِهَا ، وَنَفْسِي بِجِنَايَتِهَا ، وَمِطَالِي يَا سَيِّدِي ، فَأَسْأَلُكَ بِعِزَّتِكَ أَنْ لَا يَحْجُبَ عَنْكَ دُعَائِي سُوءُ عَمَلِي وَفَعَالِي ، وَلَا تَفْضَحْنِي بِخَفِيِّ مَا اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنْ سِرِّي ، وَلَا تُعَاجِلْنِي بِالْعُقُوبَةِ عَلَى مَا عَمِلْتُهُ فِي خَلَوَاتِي ، مِنْ سُوءِ فِعْلِي وَإِسَاءَتِي ، وَدَوَامِ تَفْرِيطِي وَجَهَالَتِي ، وَكَثْرَةِ شَهَوَاتِي ، وَغَفْلَتِي ، وَكُنِ اللَّهُمَّ بِعِزَّتِكَ لِي فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا ، رَءُوفاً وَعَلَيَّ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ عَطُوفاً ، إِلَهِي وَرَبِّي مَنْ لِي غَيْرُكَ أَسْأَلُهُ كَشْفَ ضُرِّي ، وَالنَّظَرَ فِي أَمْرِي ، إِلَهِي وَمَوْلَايَ ، أَجْرَيْتَ عَلَيَّ حُكْماً اتَّبَعْتُ فِيهِ هَوَى نَفْسِي ، وَلَمْ أَحْتَرِسْ فِيهِ مِنْ تَزْيِينِ عَدُوِّي ، فَغَرَّنِي بِمَا أَهْوَى ، وَأَسْعَدَهُ عَلَى ذَلِكَ الْقَضَاءُ ، فَتَجَاوَزْتُ بِمَا جَرَى عَلَيَّ مِنْ ذَلِكَ ، بَعْضِ حُدُودِكَ ، وَخَالَفْتُ بَعْضَ أَوَامِرِكَ ، فَلَكَ الْحُجَّةُ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ ، وَلَا حُجَّةَ لِي فِيمَا جَرَى عَلَيَّ فِيهِ قَضَاؤُكَ ، وَأَلْزَمَنِي حُكْمُكَ وَبَلَاؤُكَ ، وَقَدْ أَتَيْتُكَ يَا إِلَهِي بَعْدَ تَقْصِيرِي وَإِسْرَافِي عَلَى نَفْسِي ، مُعْتَذِراً نَادِماً مُنْكَسِراً ، مُسْتَقِيلًا مُسْتَغْفِراً مُنِيباً ، مُقِرّاً مُذْعِناً مُعْتَرِفاً ، لَا أَجِدُ مَفَرّاً مِمَّا كَانَ مِنِّي وَلَا مَفْزَعاً أَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ فِي أَمْرِي غَيْرَ قَبُولِكَ عُذْرِي ، وَإِدْخَالِكَ إِيَّايَ فِي سَعَةٍ مِنْ رَحْمَتِكَ ، اللَّهُمَّ فَاقْبَلْ عُذْرِي ، وَارْحَمْ شِدَّةَ ضُرِّي ، وَفُكَّنِي مِنْ شَدِّ وَثَاقِي ، يَا رَبِّ ارْحَمْ ضَعْفَ بَدَنِي ، وَرِقَّةَ جِلْدِي ، وَدِقَّةَ عَظْمِي ، يَا مَنْ بَدَأَ خَلْقِي وَذِكْرِي وَتَرْبِيَتِي وَبِرِّيِ وَتَغْذِيَتِي ، هَبْنِي لِابْتِدَاءِ كَرَمِكَ ، وَسَالِفِ بِرِّكَ بِي ، يَا إِلَهِي وَسَيِّدِي وَرَبِّي ، أَ تُرَاكَ مُعَذِّبِي بِنَارِكَ بَعْدَ تَوْحِيدِكَ ، وَبَعْدَ مَا انْطَوَى عَلَيْهِ قَلْبِي مِنْ مَعْرِفَتِكَ ، وَلَهِجَ بِهِ لِسَانِي مِنْ ذِكْرِكَ ، وَاعْتَقَدَهُ ضَمِيرِي مِنْ حُبِّكَ ، وَبَعْدَ صِدْقِ اعْتِرَافِي ، وَدُعَائِي خَاضِعاً لِرُبُوبِيَّتِكَ ، هَيْهَاتَ ، أَنْتَ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ تُضَيِّعَ مَنْ رَبَّيْتَهُ ، أَوْ تُبَعِّدَ مَنْ أَدْنَيْتَهُ ، أَوْ تُشَرِّدَ مَنْ آوَيْتَهُ ، أَوْ تُسَلِّمَ إِلَى الْبَلَاءِ مَنْ كَفَيْتَهُ وَرَحِمْتَهُ ، وَلَيْتَ شِعْرِي يَا سَيِّدِي ، وَإِلَهِي وَمَوْلَايَ ، أَ تُسَلِّطُ النَّارَ عَلَى وُجُوهٍ خَرَّتْ لِعَظَمَتِكَ سَاجِدَةً ، وَعَلَى أَلْسُنٍ نَطَقَتْ بِتَوْحِيدِكَ صَادِقَةً ، وَبِشُكْرِكَ مَادِحَةً ، وَعَلَى قُلُوبٍ اعْتَرَفَتْ بِإِلَهِيَّتِكَ مُحَقِّقَةً ، وَعَلَى ضَمَائِرَ حَوَتْ مِنَ الْعِلْمِ بِكَ حَتَّى صَارَتْ خَاشِعَةً ، وَعَلَى جَوَارِحَ سَعَتْ إِلَى أَوْطَانِ تَعَبُّدِكَ طَائِعَةً ، وَأَشَارَتْ بِاسْتِغْفَارِكَ مُذْعِنَةً ، مَا هَكَذَا الظَّنُّ بِكَ ، وَلَا أُخْبِرْنَا بِفَضْلِكَ عَنْكَ يَا كَرِيمُ ، يَا رَبِّ وَأَنْتَ تَعْلَمُ ضَعْفِي عَنْ قَلِيلٍ مِنْ بَلَاءِ الدُّنْيَا وَعُقُوبَاتِهَا ، وَمَا يَجْرِي فِيهَا مِنَ الْمَكَارِهِ عَلَى أَهْلِهَا ، عَلَى أَنَّ ذَلِكَ بَلَاءٌ وَمَكْرُوهٌ قَلِيلٌ مَكْثُهُ ، يَسِيرٌ بَقَاؤُهُ قَصِيرٌ مُدَّتُهُ ، فَكَيْفَ احْتِمَالِي لِبَلَاءِ الْآخِرَةِ ، وَجَلِيلِ وُقُوعِ الْمَكَارِهِ فِيهَا ، وَهُوَ بَلَاءٌ تَطُولُ مُدَّتُهُ ، وَيَدُومُ مَقَامُهُ ، وَلَا يُخَفَّفُ عَنْ أَهْلِهِ ، لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إِلَّا عَنْ غَضَبِكَ وَانْتِقَامِكَ وَسَخَطِكَ ، وَهَذَا مَا لَا تَقُومُ لَهُ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ، يَا سَيِّدِي ، فَكَيْفَ بِي وَأَنَا عَبْدُكَ الضَّعِيفُ الذَّلِيلُ ، الْحَقِيرُ الْمِسْكِينُ الْمُسْتَكِينُ ، يَا إِلَهِي وَرَبِّي وَسَيِّدِي وَمَوْلَايَ ، لِأَيِّ الْأُمُورِ إِلَيْكَ أَشْكُو ، وَلِمَا مِنْهَا أَضِجُّ وَأَبْكِي ، لِأَلِيمِ الْعَذَابِ وَشِدَّتِهِ ، أَمْ لِطُولِ الْبَلَاءِ وَمُدَّتِهِ ، فَلَئِنْ صَيَّرْتَنِي لِلْعُقُوبَاتِ مَعَ أَعْدَائِكَ ، وَجَمَعْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَهْلِ بَلَائِكَ ، وَفَرَّقْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَحِبَّائِكَ وَأَوْلِيَائِكَ ، فَهَبْنِي يَا إِلَهِي وَسَيِّدِي وَمَوْلاَيَ وَرَبِّي ، صَبَرْتُ عَلَى عَذَابِكَ ، فَكَيْفَ أَصْبِرُ عَلَى فِرَاقِكَ ، وَهَبْنِي صَبَرْتُ عَلَى حَرِّ نَارِكَ ، فَكَيْفَ أَصْبِرُ عَنِ النَّظَرِ إِلَى كَرَامَتِكَ ، أَمْ كَيْفَ أَسْكُنُ فِي النَّارِ ، وَرَجَائِي عَفْوُكَ ، فَبِعِزَّتِكَ يَا سَيِّدِي وَمَوْلَايَ ، أُقْسِمُ صَادِقاً ، لَئِنْ تَرَكْتَنِي نَاطِقاً ، لَأِضِجَّنَّ إِلَيْكَ بَيْنَ أَهْلِهَا ضَجِيجَ الْآمِلِينَ ، وَلَأَصْرُخَنَّ إِلَيْكَ صُرَاخَ الْمُسْتَصْرِخِينَ ، وَلَأَبْكِيَنَّ عَلَيْكَ بُكَاءَ الْفَاقِدِينَ ، وَلَأُنَادِيَنَّكَ أَيْنَ كُنْتَ ، يَا وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ ، يَا غَايَةَ آمَالِ الْعَارِفِينَ ، يَا غِيَاثَ الْمُسْتَغِيثِينَ ، يَا حَبِيبَ قُلُوبِ الصَّادِقِينَ ، وَيَا إِلَهَ الْعَالَمِينَ ، أَ فَتُرَاكَ سُبْحَانَكَ يَا إِلَهِي وَبِحَمْدِكَ ، تَسْمَعُ فِيهَا صَوْتَ عَبْدٍ مُسْلِمٍ سُجِنَ فِيهَا بِمُخَالَفَتِهِ ، وَذَاقَ طَعْمَ عَذَابِهَا بِمَعْصِيَتِهِ ، وَحُبِسَ بَيْنَ أَطْبَاقَهَا بِجُرْمِهِ وَجَرِيرَتِهِ ، وَهُوَ يَضِجُّ إِلَيْكَ ضَجِيجَ مُؤَمِّلٍ لِرَحْمَتِكَ ، وَيُنَادِيكَ بِلِسَانِ أَهْلِ تَوْحِيدِكَ ، وَيَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِرُبُوبِيَّتِكَ ، يَا مَوْلَايَ ، فَكَيْفَ يَبْقَى فِي الْعَذَابِ وَهُوَ يَرْجُو مَا سَلَفَ مِنْ حِلْمِكَ ، أَمْ كَيْفَ تُؤْلِمُهُ النَّارُ ، وَهُوَ يَأْمُلُ فَضْلَكَ وَرَحْمَتَكَ ، أَمْ كَيْفَ يُحْرِقُهُ لَهِيبُهَا وَأَنْتَ تَسْمَعُ صَوْتَهُ ، وَتَرَى مَكَانَهُ ، أَمْ كَيْفَ يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ زَفِيرُهَا ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ ضَعْفَهُ ، أَمْ كَيْفَ يَتَغَلْغَلُ بَيْنَ أَطْبَاقِهَا ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ صِدْقَهُ ، أَمْ كَيْفَ تَزْجُرُهُ زَبَانِيَتُهَا ، وَهُوَ يُنَادِيكَ يَا رَبَّهْ ، أَمْ كَيْفَ يَرْجُو فَضْلَكَ فِي عِتْقِهِ مِنْهَا فَتَتْرُكَهُ فِيهَا ، هَيْهَاتَ ، مَا ذَلِكَ الظَّنُّ بِكَ ، وَلَا الْمَعْرُوفُ مِنْ فَضْلِكَ ، وَلَا مُشْبِهٌ لِمَا عَامَلْتَ بِهِ الْمُوَحِّدِينَ مِنْ بِرِّكَ وَإِحْسَانِكَ ، فَبِالْيَقِينِ أَقْطَعُ ، لَوْ لَا مَا حَكَمْتَ بِهِ مِنْ تَعْذِيبِ جَاحِدِيكَ ، وَقَضَيْتَ بِهِ مِنْ إِخْلَادِ مُعَانِدِيكَ ، لَجَعَلْتَ النَّارَ كُلَّهَا بَرْداً وَسَلَاماً ، وَمَا كَانَ لِأَحَدٍ فِيهَا مَقَرّاً وَلَا مُقَاماً ، لَكِنَّكَ تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُكَ ، أَقْسَمْتَ أَنْ تَمْلَأَهَا مِنَ الْكَافِرِينَ ، مِنَ الْجِنَّةِ وَالنّاسِ أَجْمَعِينَ ، وَأَنْ تُخَلِّدَ فِيهَا الْمُعَانِدِينَ ، وَأَنْتَ جَلَّ ثَنَاؤُكَ ، قُلْتَ مُبْتَدِئاً ، وَتَطَوَّلْتَ بِالْإِنْعَامِ مُتَكَرِّماً ، أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ ، إِلَهِي وَسَيِّدِي ، أَسْأَلُكَ بِالْقُدْرَةِ الَّتِي قَدَّرْتَهَا ، وَبِالْقَضِيَّةِ الَّتِي حَتَمْتَهَا وَحَكَمْتَهَا ، وَغَلَبْتَ مَنْ عَلَيْهِ أَجْرَيْتَهَا ، أَنْ تَهَبَ لِي فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَفِي هَذِهِ السَّاعَةِ ، كُلَّ جُرْمٍ أَجْرَمْتُهُ ، وَكُلَّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتُهُ ، وَكُلَّ قَبِيحٍ أَسْرَرْتُهُ ، وَكُلَّ جَهْلٍ عَمِلْتُهُ ، كَتَمْتُهُ أَوْ أَعْلَنْتُهُ ، أَخْفَيْتُهُ أَوْ أَظْهَرْتُهُ ، وَكُلَّ سَيِّئَةٍ أَمَرْتَ بِإِثْبَاتِهَا الْكِرَامَ الْكَاتِبِينَ ، الَّذِينَ وَكَّلْتَهُمْ بِحِفْظِ مَا يَكُونُ مِنِّي ، وَجَعَلْتَهُمْ شُهُوداً عَلَيَّ مَعَ جَوَارِحِي ، وَكُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيَّ مِنْ وَرَائِهِمْ ، وَالشَّاهِدَ لِمَا خَفِيَ عَنْهُمْ ، فَبِرَحْمَتِكَ أَخْفَيْتَهُ ، وَبِفَضْلِكَ سَتَرْتَهُ ، وَأَنْ تُوَفِّرَ حَظِّي مِنْ كُلِّ خَيْرٍ تُنْزِلُهُ ، أَوْ إِحْسَانٍ تُفَضِّلُهُ ، أَوْ بِرٍّ تَنْشُرُهُ ، أَوْ رِزْقٍ تَبْسُطُهُ ، أَوْ ذَنْبٍ تَغْفِرُهُ ، أَوْ خَطَإٍ تَسْتُرُهُ ، يَا رَبِّ يَا رَبِّ يَا رَبِّ ، يَا إِلَهِي وَسَيِّدِي وَمَوْلَايَ وَمَالِكَ رَقِّي ، يَا مَنْ بِيَدِهِ نَاصِيَتِي ، يَا عَلِيماً بِذُلِّي وَمَسْكَنَتِي ، يَا خَبِيراً بِفَقْرِي وَفَاقَتِي ، يَا رَبِّ يَا رَبِّ يَا رَبِّ ، أَسْأَلُكَ بِحَقِّكَ وَقُدْسِكَ وَأَعْظَمِ صِفَاتِكَ وَأَسْمَائِكَ ، أَنْ تَجْعَلَ أَوْقَاتِي فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ بِذِكْرِكَ مَعْمُورَةً ، وَبِخِدْمَتِكَ مَوْصُولَةً ، وَأَعْمَالِي عِنْدَكَ مَقْبُولَةً ، حَتَّى تَكُونَ أَعْمَالِي وَأَوْرَادِي كُلُّهَا وِرْداً وَاحِداً ، وَحَالِي فِي خِدْمَتِكَ سَرْمَداً ، يَا سَيِّدِي ، يَا مَنْ عَلَيْهِ مُعَوَّلِي ، يَا مَنْ إِلَيْهِ شَكَوْتُ أَحْوَالِي ، يَا رَبِّ يَا رَبِّ يَا رَبِّ ، قَوِّ عَلَى خِدْمَتِكَ جَوَارِحِي ، وَاشْدُدْ عَلَى الْعَزِيمَةِ جَوَانِحِي ، وَهَبْ لِيَ الْجِدَّ فِي خَشْيَتِكَ ، وَالدَّوَامَ فِي الِاتِّصَالِ بِخِدْمَتِكَ ، حَتَّى أَسْرَحَ إِلَيْكَ فِي مَيَادِينِ السَّابِقِينَ ، وَأُسْرِعَ إِلَيْكَ فِي الْمُبَادِرِينَ ، وَأَشْتَاقَ إِلَى قُرْبِكَ فِي الْمُشْتَاقِينَ ، وَأَدْنُوَ مِنْكَ دُنُوَّ الْمُخْلَصِينَ ، وَأَخَافَكَ مَخَافَةَ الْمُوقِنِينَ ، وَأَجْتَمِعَ فِي جِوَارِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ، اللَّهُمَّ وَمَنْ أَرَادَنِي بِسُوءٍ فَأَرِدْهُ ، وَمَنْ كَادَنِي فَكِدْهُ ، وَاجْعَلْنِي مِنْ أَحْسَنَ عِبَادِكَ نَصِيباً عِنْدَكَ ، وَأَقْرَبِهِمْ مَنْزِلَةً مِنْكَ ، وَأَخَصِّهِمْ زُلْفَةً لَدَيْكَ ، فَإِنَّهُ لَا يُنَالُ ذَلِكَ إِلَّا بِفَضْلِكَ ، وَجُدْ لِي بِجُودِكَ ، وَاعْطِفْ عَلَيَّ بِمَجْدِكَ ، وَاحْفَظْنِي بِرَحْمَتِكَ ، وَاجْعَلْ لِسَانِي بِذِكْرِكَ لَهِجاً ، وَقَلْبِي بِحُبِّكَ مُتَيَّماً ، وَمُنَّ عَلَيَّ بِحُسْنِ إِجَابَتِكَ ، وَأَقِلْنِي عَثْرَتِي ، وَاغْفِرْ زَلَّتِي ، فَإِنَّكَ قَضَيْتَ عَلَى عِبَادِكَ بِعِبَادَتِكَ ، وَأَمَرْتَهُمْ بِدُعَائِكَ ، وَضَمِنْتَ لَهُمُ الْإِجَابَةَ ، فَإِلَيْكَ يَا رَبِّ نَصَبْتُ وَجْهِي ، وَإِلَيْكَ يَا رَبِّ مَدَدْتُ يَدِي ، فَبِعِزَّتِكَ اسْتَجِبْ لِي دُعَائِي ، وَبَلِّغْنِي مُنَايَ ، وَلَا تَقْطَعْ مِنْ فَضْلِكَ رَجَائِي ، وَاكْفِنِي شَرَّ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ مِنْ أَعْدَائِي ، يَا سَرِيعَ الرِّضَى ، اغْفِرْ لِمَنْ لَا يَمْلِكُ إِلَّا الدُّعَاءَ ، فَإِنَّكَ فَعَّالٌ لِمَا تَشَاءُ ، يَا مَنِ اسْمُهُ دَوَاءٌ ، وَذِكْرُهُ شِفَاءٌ ، وَطَاعَتُهُ غِنًى ، ارْحَمْ مَنْ رَأْسُ مَالِهِ الرَّجَاءُ ، وَسِلَاحُهُ الْبُكَاءُ ، يَا سَابِغَ النِّعَمِ ، يَا دَافِعَ النِّقَمِ ، يَا نُورَ الْمُسْتَوْحِشِينَ فِي الظُّلَمِ ، يَا عَالِماً لَا يُعَلَّمُ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَافْعَلْ بِي مَا أَنْتَ أَهْلُهُ ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَالْأَئِمَّةِ الْمَيَامِينِ مِنْ آلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً ﴾ .
المصدر : (مصباح الكفعمي : ص555.)
*