بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
إن الله عزّ وجل قد يخفي أولياءه بين عباده ولذا على الإنسان المؤمن أن لا يحكم على الناس بمجرد النظر إلى هيأتهم الخارجية (فالمرء مخبوءً تحت طي لسانه لا تحت طي لسانه) وسنرى في هذه القصة عبرة تتعلق بذات الموضوع…
رجلٌ اسمه عبدالواحد بن زيد توجه إلى الله عز وجل وهو يدعو بنية خالصة أن يريه رفيقه في الجنة وبينما هو بين اليقظة والنوم إذ سمع هاتفاً يقول له: ياعبد الواحد رفيقك في الجنة ميمونة السوداء فقلت وأين أجدها؟ فقال: في الكوفة في بني فلان، يقول عبدالواحد فخرجت من داري قاصدا الكوفة وكان بيني وبين الكوفة ما يقرب من العشرة فراسخ، فسألت عنها بعد أن وصلت الكوفة فقيل لي إنها امرأة مجنونة فقلت يا ويح نفسي من هذه القسمة ولكني قررت أن أراها فقالوا أنها ترعى غنيمات لها في الجبان فخرجتُ إلى ذلك المطاف فوجدتها قائمة تصلي وبين يديها عكاز لها وعليها جبة من الصوف مكتوب عليها (لا تباع ولا تشترى) ورأيت منظراً عجيباً أذهلني حيث وجدت الذئاب قد اختلطت مع الغنم ترعى معاً فلا الذئابُ تأكل الغنم ولا الغنمُ تخافُ من الذئاب فلما رأتني أوجزت في صلاتها ثم قالت: أرجع يا ابن زيد ليس الموعد هاهنا تعجبت كيف أنها نطقت باسمي ولم التق بها في حياتي ثم قالت بل الموعد ـ فقاطعتها وقلت لها رحمك الله ومن أعلمك أني ابن زيد فقالت: (أما علمت أن الأرواح جندٌ مجندةٌ فما تعارف منها ائتلف وما تناكرَ منها أختلف) فقلت لها عظيني فقالت: وأعجباه لواعظ ثم قالت: يا ابن زيد إنكَ وضعت معايير القسط على جوارحك لخبرتك بمكتوم مكنون ما فيها، يا أبن زيد إنه بلغني أنه ما من عبد أعطى من الدنيا شيئاً فابتغى إليه ثانياً إلا سلبه الله حبّ الخلوة معه وبدله بعد القرب البعد، وبعد الإنس الوحشة ثم أنشأت تقول:
يا واعظاً قام لا حتساب يزجر قوماً عن الذنوبِ
تنهى وأنت المستقيم حقاً هذا من المنكر العجيبِ
لو كنت أصلحت قبل هذا غيك أوتيت من قريبِ
كأن لما قلتَ يا حبيب موقع صدقٍ من القلوبِ
تنهى عن الغي والتمادي وأنت في النهي كالمريبِ
فقلت لها الله أيتها الصالحة: إني أرى عجباً هذه الذئاب مع الغنم فلا الغنم تفزع من الذئاب ولا الذئابُ تأكل الغنم فأي شيء هذا؟ فقالت: أصلحت ما بيني وبين سيدي فأصلح بين الذئاب والغنم…
كنت أتمنى أن أكون كتلك المجنونة… التي أصلحت بينها وبين سيدها…