تحذير
جراثيم وفطريات خطيرة
في وسائد فراش النوم
7 - أكتوبر - 2012
أجرى فريق من الباحثين من جامعة مانشستر ببريطانيا بحث طبي حول الجراثيم والفطريات الموجودة في وسائد فراش النوم، وقد تبين أن تلك الوسائد التي نضع رؤوسنا عليها تحتوي على كميات كبيرة من الفطريات بعضها خطير ويسبب الأمراض.
وقد بين هذا البحث أن وسائد النوم تحتوي على كميات هائلة من الكائنات الحية الدقيقة، ومنها مثلا بعض أنواع الفطريات مثل فطريات أسبرغللس فيمغتسAspergillus fumigatus المسببة للعديد من الأمراض، فحالة أسبرغللوسس المرضية هي سبب رئيس في الالتهابات الفطرية القاتلة لدى مرضى سرطان الدم (لوكيميا) وزراعة نخاع العظم إضافة إلى إثارة حالات الربو لدى البالغين وغيرها من الآثار المرضية.
هذا وقد درس فريق البحث عدد كبير من وسائد النوم بعضها صنعت من المواد الطبيعية، كذلك الصناعية، ووجدوا آلاف الفطريات لكل غرام، مما يعني الملايين في كل وسادة. والأنواع التي تم التعرف عليها تراوحت بين أربعة أنواع من الفطريات للوسادة الواحدة، وبين ستة عشر نوعاً لبعضها الآخر، كما أنهم لاحظوا أن نوع أسبرغللس فيمغتس الفطريات كان أكثر وجوداً في الوسائد المكونة من مواد القطن الصناعي، وأن بعض من أنواعها هو مما يوجد أيضاً على الجدران الرطبة وفي دش الاستحمام.
وعن نتائج هذه الدراسة قال رئيس فريق البحث البروفسور أشلي وودكوك ( إننا نعلم جميعنا أن الوسائد ممتلئة بسوس أو عث الغبار المنزلي، الذي يلتهم عادة مثل هذه الفطريات، لكن هناك نظرية تقول إن الفطريات بدورها تقتات على بقايا فضلات هذه الأنواع من السوس كمصدر غني للنيتروجين وباقي حاجاتها من المواد الغذائية، إضافة إلى قشور الجلد البشري التي تتراكم في الوسائد، لذا فإن الذي يبدو أن هناك نظاما معقدا غاية في الصغر لدورات الحياة ).
هذا وتعتبر أسبرغللس من أكثر أنواع الفطريات انتشاراً، فالهواء يحملها حيثما اتجه وتوجد على النباتات المنزلية وداخل أوعيتها، كذلك تتركز في الأقبية وغيرها من الأماكن المغلقة، وبالطبع على الكثير من قطع الأثاث والأدوات المنزلية، إضافة إلى وجودها في كثير من البهارات التي لم يجر حفظها بشكل سليم، وبدخولها إلى الجسم تتجه بشكل رئيس إلى الجيوب الأنفية والرئتين، ومنها تستطيع الانتشار في أماكن أخرى من الجسم كالدماغ مثلاً، كما قد تنتقل من مريض إلى آخر. هذه الفطريات يصعب جداً علاجها، وبعض الإحصاءات الطبية الحديثة تقول إنها توجد لدى واحد بين كل 25 شخصاً يتوفون في المستشفيات الجامعية بأوروبا.
وتشكل تلك الفطريات خطر على المرضى الذين يعانون من اضطرابات في مناعة الجسم كمن تمت لهم عملية زراعة أحد الأعضاء كالكبد أو الكلى أو نخاع العظم نظراً لتناولهم أدوية تخفض من قوة جهاز المناعة كي لا يحصل رفض للعضو المزروع، كذلك لدى المرضى المصابين بأنواع مختلفة من السرطان، سواء كان في الدم خاصة، أو أجزاء أخرى من الجسم عموماً، كما أن من يتناولون أدوية من مشتقات الكورتيزون أو مصابين بأمراض مزمنة في حال تقدمهم في السن كمرض السكري أو الفشل الكلوي أو فشل الكبد، ولا ننسى أمراض نقص المناعة الفيروسية كالإيدز، هؤلاء كلهم عرضة لخطورة الإصابة بالفطريات التي يصعب بكل معنى الكلمة علاجها في بعض الحالات، التي أحد أقرب مصادرها هي الوسائد المنزلية.
كذلك فان فطريات أسبرغللس تتسبب في حدوث نوبات الربو وتدهور حالة مرضاه خاصة من البالغين، كذلك حالات الحساسية كالتي في الجيوب الأنفية. الأمر الأسوأ هو اختراقها لأنسجة الرئة في حال وجود كرات مجوفة فيها نتيجة لإصابة سابقة بميكروبات الدرن (السل)، ومن ثم تنمو هذه الفطريات داخلها ويكبر حجم التجويف الكروي شيئاً فشيئاً، مما يهتك أنسجة الرئة ويؤدي إلى تهتك جدران أوعيتها الدموية، وبالتالي تظهر حالات النزيف الرئوي وبصق الدم مع السعال.
أيضا لا يقتصر ضرر الفطريات على الإنسان، بل النباتات والحيوانات عرضة هي كذلك للتأثر بها. ولأهمية هذه الدراسة، فإن تعليق الدكتور غيوفري سكوت، رئيس أمانة أبحاث الفطريات البريطانية، كان قوله: النتائج الجديدة لها أهمية كبيرة خاصة على المرضى المصابين بالحساسية أو مشاكل الرئة أو نقص المناعة، وذلك عند مغادرتهم المستشفيات، حيث الوسائد المغلفة بطبقة من البلاستيك، إلى المنازل حيث الوسائد الملوثة مما قد تنتكس حالتهم الصحية على إثره.
وبما أننا نقضي على أقل تقدير ثلث عمرنا في النوم على الوسائد ونتنفس بعمق ولمدة طويلة قربها، فمن المهم التنبه إلى ضرورة وضع حد لتلوثها إما باستبدالها بين فترة وأخرى، وإما على أقل تقدير استخدام القطن الطبيعي. والأمر لا يقتصر على الوسائد، بل المراتب التي ننام عليها والسجاد الذي يفترش الأرض وغيرها من الأثاث المنزلي.