حامي الشريعة « المهدي المنتظر »هو السيد حيدر بن السيد سليمان بن السيد داود الحلّي , ولد في مدينة الحلّة في وسط العراق سنة (1240 هــ) ، اشتهر بمرثياته الحُسينية ومدائح أهل البيت (عليهم السلام) ، واشتهر بكتابة قصائد الحوليـّات ، فكان يعد القصيدة في سنة كاملة ثم يُلقيها ، توفي (رحمه الله) في سنة (1304 هــ) .
قصة القصيدة الخالدة التي نظمها السيد حيدر الحلّي التي يندب بها الحسين (عليه السلام) ويستنهض بها قائم آل محمد (عجل الله فرجه) .
في إحدى السنين نظم قصيدة يندب بها الحسين (عليه السلام) ويستنهض بها قائم آل محمد الحجة المنتظر (عجل الله فرجه) . وكان من عادته أن ينظم قصيدة حولية (سنوية) في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) في كل سنة يوم عاشوراء ، ويذهب ماشياً حافياً على قدميه إلى الضريح المقدس لأبي عبد الله الحسين (عليه السلام) حتى يقرؤها بحضرته ، ولا يعلم أحد بها قبل قراءتها هناك ، ولكن هذه المرة اختلف المكان الذي يقرأ قصيدتهُ فيه ، حيث كان السيد حيدر مُتأخر عن موكب العلماء المتجه من الحلة إلى كربلاء ليسبغ وضوءه ، وبعد أن أسبغ وضوءه أراد اللحاق بالقافلة ، وفي الطريق اعترضه سيدٌ إعرابيٌ جليلٌ جميلُ الوجه عليه بهاءٌ ونورٌ وقال للسيد حيدر بعد أن سلّم عليه : ﴿يا سيد حيدر ، انشدني قصيدتك العينيّة﴾ . فأنشده قصيدة عينيّة سابقة له ، فقال : ﴿لا أريد هذه ، أريد قصيدتك التي أنت ذاهب من أجلها﴾ . فشرع السيد حيدر بقرائتها وبدى على السيد الإعرابي التفاعل مع أبيات القصيدة شيئاً فشيئاً ، وما إن أكمل السيد حيدر هذه الأبيات :مَاذَا يَهِيْجُكَ إِنْ صَبَرْتَ * * * لِوَقْعَةِ الطَّفِّ الْفَظِيْعَهْ ؟حتى أجهش السيد الأعرابي بالبكاء وقال : ﴿يا سيد حيدر لا تكمل ، كفى كفى ، واللهِ إن الأمر ليس بيدي﴾ . واختفى السيد الأعرابي الجليل عن أنظاره .
أَتُرَى تَجِيْءُ فَجِيْعَةٌ * * * بِأَمَضَّ مِنْ تِلْكَ الْفَجِيْعَهْ ؟
حَيْثُ الْحُسَيْنُ عَلَى الثَّرَى * * * خَيْلُ الْعِدَىْ طَحَنَتْ ضُلُوْعَهْ
قَتَلَتْهُ آلُ أُمَيَّةٍ * * * ظَامٍ إِلَى جَنْبِ الشَّرِيْعَهْ
وَرَضِيْعُهُ بِدَمِ الْوَرِيْدِ * * * مُخَضَّبٌ فَاطْلُبْ رَضِيْعَهْ
فعرف السيد حيدر أن هذا السيد الأعرابي الجليل هو الإمام المهدي المنتظر (عجل الله فرجه) ، إذ لم يطلع أحداً على قصيدته ، وقد ناداه باسمه دون سابق معرفة واختفى عن انظاره فجأة !وهذه القصيدة :
أَللَّهَ يَا حَامِيْ الشَّرِيْعَةَ * * * أَتَقَرُّ وَهْيَ كَذَا مَرُوْعَهْ
بِكَ تَسْتَغِيْثُ وَقَلْبُهَا * * * لَكَ عَنْ جَوىً يَشْكُوْ صُدُوْعَهُ
أَيْنَ الذَّريعَةُ لَا قَرَارَ * * * عَلَى الْعِدَىْ أَيْنَ الذَّرِيعَهْ ؟
مَاتَ التَّصَبُّرُ بِانْتِظَارِكَ * * * أَيُّهَا الْمُحْيِي الشَّرِيْعَهْ
فَانْهَضْ فَمَا أَبْقَى التَّحَمُّلُ * * * غَيْرَ أَحْشَاءٍ جَزُوْعَهْ
قَدْ مَزَّقَتْ ثَوْبَ الْأَسَى * * * وَشَكَتْ لِوَاصِلِهَا الْقَطِيْعَهْ
فَالسَّيْفُ إِنَّ بِهِ شِّفَاءَ * * * قُلُوبِ شِّيعَتِكَ الْوَجِيعَهْ
فَسِوَاهُ مِنْهمْ لَيْسَ يُنْعِشُ * * * هَذَهِ النَّفْسَ الصَّرِيعَهْ
طَالَتْ حـِبَالُ عَوَاتِقِ * * * فَمَتَى تَعَودُ بِهِ قَطِيعَهْ
كَمْ ذَا الْقُعُوْدُ وَدِيْنُكُمْ * * * هُدِمَتْ قَوَاعِدُهُ الرَّفِيْعَهْ ؟
تَنْعَى الْفُرُوْعُ أُصُوْلَهُ * * * وُأُصُوْلُهُ تَنْعَىْ فُرُوْعَهْ
فِيهِ تَحَكَّمَ مَنْ أَبَاحَ * * * الْيَوْمَ حُرْمَتَهُ الْمَنِيعَهْ
فَاشْحَذْ شَبَا عَضْبٍ لَهُ * * * الْأَرْوَاحُ مُذْعِنُةً مُطِيْعَهْ
وَاطْلُبْ بِهِ بِدَمِ الْقَتِيْلِ * * * بِكَرْبَلَا فِيْ خَيْرِ شِّيْعَهْ
مَاذَا يَهِيْجُكَ إِنْ صَبَرْتَ * * * لِوَقْعَةِ الطَّفِّ الْفَظِيْعَهْ ؟
أَتُرَى تَجِيْءُ فَجِيْعَةٌ * * * بِأَمَضَّ مِنْ تِلْكَ الْفَجِيْعَهْ ؟
حَيْثُ الْحُسَيْنُ عَلَى الثَّرَى * * * خَيْلُ الْعِدَىْ طَحَنَتْ ضُلُوْعَهْ
قَتَلَتْهُ آلُ أُمَيَّةٍ * * * ظَامٍ إِلَى جَنْبِ الشَّرِيْعَهْ
وَرَضِيْعُهُ بِدَمِ الْوَرِيْدِ * * * مُخَضَّبٌ فَاطْلُبْ رَضِيْعَهْ
يَا غِيْرَةَ اللَّهِ اهْتِّفِي * * * بِحَمِيَةِ الدِّينِ الْمَنِيعَهْ
وَدَّعِيْ جـُنُودَ اللَّهِ تَمْلَأُ * * * هـَذَهِ الْأرْضَ الوَسِيعَهْ
واسْتَأْصِلِي حَتَّى الرَّضِيعَ * * * لِآلِ حـَرْبٍ وَالرَّضِيعَهْ
مَا ذَنْبُ أَهْلِ الْبَيْتِ حـَتَّى * * * مِنْهُمُ أَخْلَوْا رُبُوعَهْ ؟!
فَمُغَيَّبٌ كَالْبَدْرِ تَرْتَقِبُ * * * الْوَرَى شَوْقاً طُلُوعَهْ
وَمُكَابِدٌ لِلسَّمِّ قَدْ سُقِيَتْ * * * حُشَاشَتُهُ نَقِيعَهْ
ومُضَرَّجٌ بِالسَّيْفِ آثَرَ * * * عِزَّهُ وَأَبَى خُضُوعَهْ
أَلْفَى بِمُشْرَعَةِ الرَّدَى * * * فَخْراً عَلَى ظَمَأٍ شُرُوعَهْ
فَقَضَى كَمَا أَشتهَتْ الحَمِيَّةَ * * * تَشْكُّرُ الْهَيْجَاءَ صَنِيعَهْ
وَمُصَفَّدٌ لِلَّهِ سَلَّمَ * * * أَمْرٌ مَا قَاسَى جَمِيعَهْ
وَسَّبِيَّةٌ بَاتَتْ بِأَفْعَى * * * الْهَمِّ مُهْجَتُهَا لَسِيعَهْ
سُلِبَتْ وَمَا سُلِبَتْ مَحَامِدُ * * * عِزِّهَا الغُرُّ الْبَدِيعَهْ
وَكَرَائِمُ التَّنْزِيلِ بَيْنَ * * * أُمَيَّةٍ بَرَزَتْ مَرُوعَهْ
تَدْعُو وَمَنْ تَدْعُو وَتِلَكَ * * * كُفَاةُ دَعَوْتِهَا صَرِيعَهْ
حـُمِلَتْ وَدَائِعُكُمْ إِلَى * * * مَنْ لَيْسَ يَعْرِفُ مَا الْوَدِيعَهْ
يَاضَلَّ سَعْيُكِ أُمَّةً * * * لَمْ تَشْكُّرِ الْهَادِي صَّنِيعَهْ
آلُ الرِّسَالَةِ لَمْ تَزَلْ * * * كَبَدِي لِرِّزْؤُكُمُ صَدِيعَهْ
ديوان السيد حيدر الحلّي : ج١، ص٣٧.