جولة صَرفية
المصدر الصناعي:
مصدر يُصنع- أي يصاغ من الكلمات الجامدة أو المشتقة بزيادة ياء مشددة- هي ياء النسب، وتلحقه تاء للدلالة على ما فيه من الخصائص والصفات. وهذه التاء هي تاء النقل- التي تنقل الكلمة من الوصفية إلى الاسمية ليتمحض اللفظ للمعنى المصدري.
..
وحقيقة المصدر الصناعي أنه يحوي الصفات المنسوبة إلى الاسم، فالعالِمية الصفات المنسوبة إلى العالِم (نذكر شهادة العالِمية من الأزهر)، والإنسانية الصفات المنسوبة إلى الإنسان، تلك التي تحمل الخصائص والصفات التي تدل على معنى مميز، فالإنسانية تحمل معاني مشحونة أكثر من لفظة "الإنسان" وهي مجردة.
..
يصاغ المصدر الصناعي من الاسماء المشتقة مثل: جاهل: جاهليّة، مشرق: مشرقيّة، معلوم: معلومية، أسبق: أسبقية، حرّ: حرية... الخ، فنقول مثلاً: مشروعية القانون ليست منطقية.(مشروعية مصدر صناعي من كلمة – مشروع)
..
ويصاغ من الاسماء الجامدة : حجر: حجريّة، صوف: صوفيّة، التقدم: التقدمية، فنقول:
إنسانيّة الموظف دفعته أن يكون وفيًا.
ويصاغ كذلك من المصادر: سياسة: سياسيّة، اتكال: اتكالية، احتمال: احتمالية، انتهازية، جمالية.
ومن الأسماء الأعجمية: الأفلاطونية، النرجسية، الديموقراطية والدكتاتورية والماسونية..
بل هناك من اختار من اسم الاستفهام مصدرًا صناعيًا: كمية، كيفية، ما هي: ماهية، ومن الضمير (هو)= هُوِية، أنا= أنانية.
..
كثرت في اللغة المعاصرة المصطلحات العلمية التي تستخدم المصادر الصناعية المستحدثة للدلالة على فاعلية المصدر أو حركيته، وخاصة بعد ترجمة العلوم، نحو الجنسانية، الجنسية (أو الجنسوية بإضافة واو، ومثلها التنموية)، بل قرأت في بعض الكتب المغاربية مصادر صناعية غريبة، ومنها ما أخذ من الأفعال.
..
أما الاسم المنسوب فهو اسم يضاف إلى آخره ياء مشددة، ويكسر ما قبلها ليدل على نوع من العلاقة بين الاسم المنسوب والمنسوب إليه، فهو وطني وهي وطنية، وذاك استقلالي وتلك استقلالية.
* علينا أن ننتبه في تحديد الكلمة -حتى لا يلتبس علينا- فنميز بين المصدر الصناعي وبين المنسوب للمؤنث:
الاشتراكية ليست كالرأسمالية. (كلا الاسمين= مصدر صناعي)
النوعية جيدة. (النوعية مصدر صناعي بمعنى النوع)
هناك فروق نوعية بين هذي وتلك. (نوعية- منسوب للمؤنث، فلو قلنا "هناك فرق.." لاستلزم أن يكون النعت مطابقًا= "نوعي")
الدولة الاشتراكية ليست كالدولة الرأسمالية (كلا الاسمين منسوبان وإعراب كل منهما في الجملة نعت).
..
إذا لا لم يُرَد الوصف فالاسم هو مصدر صناعي، نحو حافظ على وطنيتك، فالمقصود الوطن وما يستلزم من مواقف وحالات، فالكلمة مصدر صناعي.
فإن أريد به الوصف كان اسمًا منسوبًا لا مصدرًا سواء أذكر الموصوف لفظًا= حافظ على اللغة العربية، أو مقدرًا = تعلم العربية! فالعربية اسم منسوب.
..
نميز بين المصدر الصناعي والمنسوب للمؤنث في الجملة حسب السياق.
وللتمييز أكثر فإن بإمكانك تغيير المصدر بمصدر آخر، ففي قولك "التقدمية عنوان الحضارة" فالتقدمية مصدر صناعي= التقدم.
أما في جملة "كانت النظرة إلى المرأة نظرة تقدمية" فالكلمة الأخيرة هنا منسوبة إلى المؤنث، وهي وصف للنظرة. فلو قلت "كانت النظرة موقفًا..." لقلت "تقدميًا وصفًا للموقف.
د. فاروق مواسي