مدينة عمريت أو ماراتوس مدينة أثرية سورية على ساحل البحر الأبيض المتوسط تأسست في العصر الأموري في الألف الثالث قبل الميلاد. وتبعد عمريت 7 كم عن مدينة طرطوس باتجاه الجنوب تنتشر فيها الآثار والأوابد أهمها معبد فينيقي ذو طابع مميز وملعب أولمبي يعد أقدم المنشآت الرياضية في العالم.
اسم (عمريت أو أمريت) هو الاسم الكنعاني القديم للمدينة. وفي عهد الإسكندر المقدوني دعيت ماراتوس وكانت من أكبر مدن الشرق على البحر المتوسط. وقد ضربت النقود باسم ماراتوس في القرن الثالث والثاني قبل الميلاد مما يدل على أنها كانت ذات مكانة اقتصادية هامة وكانت تابعة مباشرة لمملكة أرواد
المعبد
نحت معبد عمريت في المنحدر الصخري المطل على نهر ماراتياس (نهر عمريت حاليا) يحيط بالمعبد نبع ماء مقدس موصول بمصرف منحوت بالصخر، كان الناس يأتون بالأباريق الفخارية لملئها من المياه المقدسة بقصد الشفاء.
أما الهيكل المقدس الموجود وسط البركة ظل ردحا من الزمن باقيا رغم العوامل الزمنية، أما المحراب فقد كان مخصصا لوضع تمثال الإله الذي كرس له المعبد ، كما وجدت كتابات فينيقية عثر عليها قرب الموقع تؤكد أنه كرس للإله (مالكرت = هرقل) الشافي للأمراض وكان للمعبد مكانة كبيرة بين سكان عمريت والمناطق المجاورة لها.
الملعب الأولمبي
ملعب عمريت الأولمبي ينافس في القدم الملعب الأولمبي في أثينا وهو أقدم منه وكانت تقام علية الألعاب الرياضية وتقام به احتفالات ومسابقات رياضية، وتشير الدراسات أن الفينيقيين في الساحل السوري نقلوا معهم ألعابهم الرياضية من سورية تحديدا من مدينة عمريت إلى اليونان مما يدل على قدم المنشآت الرياضية في عمريت السورية.
بناء الملعب تم تصميمه ونحت في الطبقة الصخرية الموجودة في المنطقة بشكل مستوي وبطول ومقاييس مدروسة ،طوله230 متر وعرضه 30 متر وله في محيطة سبع درجات للجمهور بشكل مدرج. يوجد عند أطرافه بعض المنشآت والمباني وكانت تقام فيه مسابقات الجري وألعاب القوى وبعض الألعاب الرياضية إضافة للاحتفالات.
يوجد في عمريت متحف يضم أهم المكتشفات الأثرية للموقع هو متحف عمريت .
المدافن ( المغازل ) :
تقع على هضبة صخرية بين المقالع القديمة , تغطي مساحة كبيرة لأنها كانت مدافن لمدينتي عمريت و أروادوسميت لدى الآهلين باسم المغازل نظراً لشموخ نصبها التذكاري. وهي نوعان:
هرمية: تتألَّف من قاعدة مكعبة تنتهي بطنف مبسط له درج منحوت نحو الجنوب وباب يؤدي إلى غرفتين يعود تاريخها إلى القرن 5 ق م.
قببية: وهي بجوار الهرمية زيِّنت أطرافها بمنحوتات تمثل أسوداً جانبية وهي من الطراز الفارسي، لها درج وفسحة صغيرة داخلها ردهات صغيرة .
وتجري الآن في عمريت أعمال تنقيب أثرية على يد بعثة وطنية للتنقيب تعاني من نقص حاد في العديد والعتاد والأمن.
ولم تكد البعثة الوطنية تباشر أعمال السبر ببضع مربعات من الأرض حتى تكشفت لها بوادر المدينة (السكن البشري) الذي يعود إلى الفترة الهلنستية وتحتها الفينيقية وبدا ذلك واضحاً من خلال الجدران الحجرية والقنوات المائية (التي تدل على رقي تلك الحضارة) والتنور بالإضافة إلى مجموعة غنية من اللقى التي ضمَّت كمية كبيرة من الفخاريات المطلية والعادية والسرج الفخارية وبعض الحلي والنقود.
ازدهرت مدينة عمريت في الفترة الممتدة ما بين القرنين الثاني عشر والثالث عشر قبل الميلاد، وهو العصر الذهبي للمدن الفينيقية، التي يتحدث عنها المؤلفون القدماء، أمثال هوميروس والتوراة والوثائق الآشورية، كما أنه الزمن التي تولى فيه الفينيقيون المبادلات التجارية الدولية في أرجاء البحر المتوسط وأقاموا العلاقات بين بلاد اليونان والمدنيات الشرقية، فنقلوا إلى اليونانيين أفكار الشرقيين الفلسفية والدينية وطرقهم الفنية وكتاباتهم وصناعاتهم.
التنقيبات الأثرية :
ابتدأت التنقيبات في موقع عمريت على يد بعثة أثرية بإدارة العالم الفرنسي موريس دونان M.Dunand عام 1926، ثم أكملتها تنقيبات أثرية وطنية بإشراف السيد "نسيب صليبي" عام 1954، وما تزال مستمرة إلى اليوم.
عثر في المدينة جراء التنقيبات المتتابعة على أوابد مختلفة ذات أهمية كبيرة، إلا أن أهمها المعبد المنحوت ضمن الطبقة الصخرية المطلة على نهر مارانياس، ويعود تاريخه إلى القرن السادس ق.م، وأظهرت التنقيبات عناصر معمارية غاية في الأهمية في هذا المعبد، وكشفت عن أبعاده البالغة 56.33 × 49 متراً، كما بلغ ارتفاعه ثمانية أمتار ومقاييس بركته 48 × 38 متراً. وكان للمعبد باب كبير يقع في الجهة الشمالية، مقابل باب الهيكل المركزي الذي يتوسط البركة، وعلى جانبي الباب برجان يقودان إلى أروقة المعبد للطواف حول هيكله المركزي بواسطة الزوارق الصغيرة حيث بلغ عمق البركة ثلاثة أمتار.
بالإضافة إلى مذبح صغير لتقديم الأضاحي أمام الباب الكبير، وكرس المعبد للإله "ملقارت" وهو الشافي من الأمراض. ومن الأوابد المهمة التي عثر عليها أيضاً الملعب الذي بقي منه قسم بطول 230 متر والواقع على منحدر الضفة اليمنى لنهر عمريت، ومدافن عمريت المنتشرة على مساحة كبيرة، وقد استخدمت هذه المدافن لسكان عمريت وسكان أرواد الذين استخدموا اليابسة لدفن ملوكهم وحكامهم.
أما مستودع المقدسات فهو هضبة صخرية معروفة باسم المقلع، وعثر بين أنقاضها على تماثيل حجرية محطمة تجسد بمضامينها تقديمات نذرية للمعبد. وتنتشر أيضاً في الموقع البيوت المنحوتة بالصخر.
وتعد عمريت من أهم المواقع الأثرية المنتشرة على طول الساحل السوري، وكان لها إسهام حضاري بارز دلت عليه آثارها المتنوعة.
الآثار التابعة لعمريت محفوظة في متحف حلب ومتحف طرطوس