إن شهر رمضان حقًّا هو شهر مبارك وهو شهر هذه الأمة المباركة، فرض الله صيامه وسنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قيامه.. شهر تضاعف فيه الحسنات، وتزداد فيه الخيرات والبركات، وتعتق فيه الرقاب، وتجاب فيه الدعوات، فيه ليلة القدر خير من ألف شهر، قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين"[1].
وماذا عسانا أن نقول عن رمضان واللّه تعالى يقول: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ} [البقرة: 185]. فحسبه شرفًا وفضلاً أَن جعله الله تعالى ظرفًا لنول أعظم خير، وهو القرآن الكريم.
وإنما الذي نقول: إن على المؤمن أن يعظِّم هذا الشهر بتعظيم الله تعالى له، فلا يغشى فيه ذنبًا بترك واجب من الواجبات وما أكثرها! ولا بارتكاب منهيٍّ عنه من المنهيات، وأن يكثر فيه من الطاعات، ويسابق فيه في الخيرات؛ لأنه شهر الاغتنام فلا يفرط المؤمن في مثله، وهو قادر عليه. والله المستعان.
ليلة القدر
أمّا ليلة القدر فهي من أفضل لياليه، وبها زاد شرف رمضان وعظم فضله على سائر الشهور، وهي ليلة ذات قدر كبير وشرف عظيم؛ حيث عدلت ألف شهر لا ألف ليلة، وهي هدف القائمين وبُغية المتهجدين، جاء في الصحيح "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه".
أَجمع المسلمون على فضل هذه الليلة وفضل قيامها، وأن من ظفر بها فقد ظفر بخير عظيم، وقد تطلع إليها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولازموا المسجد من أجلها، فقال لهم صلى الله عليه وسلم: "تَحَرَّوْا ليلةَ القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان". فتحدد بذلك زمانها وهو شهر رمضان فلا تكون في غيره، وتعيَّن موطن احتمال وجودها وهو الوتر من العشر الأواخر كالواحد والعشرين، والثالث والعشرين، والخامس والعشرين، والسابع والعشرين، والتاسع والعشرين من آخر رمضان.
وخير طريق للفوز بها هو الاعتكاف في العشر الأواخر، ومن جدَّ وجد، ومن طلب النفيس هان عليه ما يَبذلُ من الرخيص، وما أرخَصَ شهوات النوم والجماع وكثرة الأحاديث مع الأهل والإخوان!!
[1]رواه البخاري في كتاب الصوم.
الشيخ: أبو بكر الجزائري