يا أولَ النَّاسِ بالإسلامِ إيمانا
وأرجحَ الخلقِ عند اللهِ ميزانا
نفسُ النبيِّ بذا القرآنُ أخبرَنا
فكنتَ والمصطفى في الخُلْقِ قرآنا
ويا ربيبَ الهدى وللنبيِّ أخاً
وأطهرَ النَّاسِ أرواحاً وأبدانا
يا خيرَ بيتٍ بهِ الآياتُ قد نزلتْ
ومهبطَ الوحي سامى النجمَ بُنيانا
براكَ ربُّكَ من مشكاتهِ قبساً
وشرّفَ الخلقَ إذْ سوّاكَ إنسانا
عبدْتَ رَبَّكَ لا خوفاً ولا طمعاً
بلْ كُنتَ تعبدُهُ حبّاً وشُكرانا
وكُنتَ مُستغرقاً في اللَّهِ منشغلاً
في حبِّهِ عن هوى دنياكَ ولهانا
تركتَ دنياكَ لم تحفلْ بزينتِها
سعياً الى اللَّهِ قد شمّرتَ أردانا
أعرضتَ عنها فما أغرَتكَ لذَّتُها
لكنْ تلذُّ إذا نازلْتَ أقرانا
رغبتَ عنها وما كانتْ مرّفهةً
فكيفَ لو أنّها كانتْ كدُنيانا
فيها الملذّاتُ لم تخطرْ على أحدٍ
واستُكثرَ اللهوُ أشكالاً وألوانا
ما كانَ زهدُكَ في دنياكَ عَنْ عَجَزٍ
أو إنّها بَخِلَتْ منعاً وحرمانا
طلّقتَ دنياكَ إِذْ جاءتكَ راغبةً
ترمي أمامَكَ جُمّاناً وعقيانا
سيّانِ كُنتَ بظهرِ الغيبِ أو علناً
صافي السريرةِ إسراراً وإعلانا
ترنو الى النَّاسِ في التقوى سواسيةً
والناسَ أجمعهمْ في الخَلْقِ إخوانا
فمَنْ سواكَ ببيتِ اللَّهِ مولدُهُ
والروحُ يكلؤهُ حُبّاً وتحنانا
ومنْ سواكَ بيومِ الفتحِ مُرتقياً
ظهرَ النبيِّ وقد حطّمتَ أوثانا
ومنْ سواكَ رَسُولُ اللَّهِ لقّبهُ
لعلمهِ الجمِّ بابَ العلمِ عرفانا
ومَنْ سواكَ إذا سوحُ الوغى حميتْ
تفرُّ من سيفهِ الشجعانُ قطعانا
ومَنْ سواكَ لواءُ النصرِ في يدهِ
في كلِّ معركةٍ ما آبَ خسرانا
بسيفكَ العضبِ دانَ المشركونَ كما
ثبّتَ للدينِ آساساً وأركانا
لم تألُ جهداً لدينِ اللَّهِ تنصرُهُ
فجدتَ بالنفسِ للرحمانِ قربانا
يا دوحةَ المجدِ من أغصانها انبثقَتْ
كواكبُ النور تهدي الدهرَ عُميانا
ما كانَ مثلُكَ في الدنيا أخا كرمٍ
تُروى وتَشْبَعُ إِنْ أكرمتَ ضيفانا
منكَ البلاغةُ تجري سلسلاً عذباً
للظامئينَ ينابيعاً وغدرانا
مَنْ ذا يطيقُ حياةً كُنتَ تسلكُهُا
لو لم تكنْ للتّقى فحوىً وعنوانا
ما بتَّ ليلكَ مرتاحاً وفي دعةٍ
ففي التهجّدِ تمضي الليلَ سهرانا
تقضي لياليكَ تتلو الذكرَ مُنتحباً
والدمعُ يجري على الخدّينِ تهتانا
فلم تُرحْ خافقاً بِاللّهِ منشغلاً
ولم تُرحْ ساهداً بالنومِ أجفانا
كم بتَّ ليلكَ مهموماً على قلقٍ
تخشى يتيماً بهِ قد باتَ جوعانا
وكنتَ للحقِّ صوتاً صادحاً وصدىً
والحقُّ مُنتَبَذٌ لم يلقَ أعوانا
في دربهِ سرْتَ لم تحفلْ بوحشتهِ
وكمْ لقيتَ مِنَ الأقوامِ خذلانا
فكنتَ سيفاً لهُ في كلِّ معتركٍ
يُقيمُ خدّاً صغا إثماً وطغيانا
حتى الخلافةُ لم ترغبْ بإمرتِها
كرهاً رضيتَ بها بِرّاً وإحسانا
لو رُمْتَها نِلْتَها لكنْ زهدتَ بها
للمؤمنينَ معاً نُصّبتَ سلطانا
قد كُنتَ من دونها للنّاسِ مُلْتَجَأً
منْ سالموكَ ومَنْ ناووكَ عدوانا
فلم تهادنْ طليقاً باغياً نَطِفاً
ولمْ تجاملْ عظيمَ المكرِ إدهانا
فأنتَ والحقَّ صنوانٌ فما افترقا
وأنتَ للحقّ ظلٌّ حيثما كانا
مَنْ للصحابةِ إِنْ غاصوا بمعضلةٍ
الّاكَ قد حلّها علماً وبرهانا ؟
من للصناديدِ في الميدانِ إِنْ برزوا
سواكَ مُرغمهم ذُلّاً وإذعانا ؟
فبابُ خيبرَ مهزوماً ومنكسراً
جثا ذليلاً على رجليكَ خزيانا !!!
فأنتَ في الحرب أو في السلمِ مُعجزةٌ
تتيهُ في وصفكَ الأشعارُ تبيانا
يا سيّدي مَنْ أنا أحصي فضائلكمْ ؟
إنّي غرقتُ بها عدّاً وحسبانا
حارَ القصيدُ وتاه اللفظُ في قلمي
أتاكَ مُعتذراً يرجوكَ خجلانا
إنّي لأرجو وقلبي ملؤهُ أملٌ
منكَ الشفاعةَ يَوْمَ الحشرِ تلقانا
أدعو بحقِّكَ عند اللَّهِ ملتمساً
أنْ يسمعَ اليومَ دعوانا وشكوانا