ترجمة: ميادة خليل
يعود لأم والدي الفضل في أول تعارف لي مع القهوة. القصص التي روتها لأحفادها، كانت كلها غريبة.
إحدى هذه القصص عن القهوة. حكت جدتي بأنها شربت أول كوب قهوة في خان في البلد الجار العراق في طريقها لزيارة مدينة كربلاء المقدسة:
بعد رحلة دامت لأسبوع في الصحراء على ظهر الجمال، وصلنا ذات مساء مع أختيّ الكبيرتين إلى خان حيث استرحنا فيه لعدة أيام. منهكات من التعب، فرشنا السجادة عند الحائط، جلسنا ومددنا سيقاننا المتشنجة. رجل أثيوبي مع موقد فحم في يده وسلة على ظهره، سأل إن كنا نرغب بشرب القهوة. نعم، نرغب بذلك بكل تأكيد. أحرق الاثيوبي بعض القهوة، وطحنها على الفور، أعد الشراب في قدر صغير وصبه في ثلاث طاسات.
لم نشرب قهوة من قبل قط. من خلال افتتاننا بالرائحة واللون والمذاق الفريد المر للقهوة مع حلاوة قطع السكر التي وضعناها في فمنا قبل ذلك، استمتعنا بهذه المعرفة الأولى وطلبنا كوباً آخر. لكن دون أن ندرك ذلك، كنا قد فعلنا حماقة. شربنا القهوة على معدة فارغة، لم نكن نعرف بأن القهوة شراب قوي. نحن، اللواتي كنا متعبات ومهذبات دائماً، نحن، اللواتي كن هادئات دائماً، بدأنا الكلام بصوتٍ عالٍ. قهقهنا. اعطت القهوة مفعولها وأوقعنا أزواجنا في الحرج. نظراً لسلوكنا السخيف طلبنا المغفرة عند الامام الحسين المقدس.
قادر عبد الله
مقطع من كتاب “الغراب”
سمعت قصة عن عجائز صينيات يعتقدن أن مهمتهن في الحياة قد انتهت ولاحظن أن أجسادهن قد أُنهكت. يستخدمن أرواحهن بأن يتمنين الموت لأنفسهن. يُجنبن أنفسهن الآلام. يتسلقن مع جيرانهن جبلاً، وهناك يودعن العائلة ويبقين لوحدهن على الجبل. ويتمنين الموت لأنفسهن. وبعد ذلك بوقت قصير جداً يتوفين، لأن أرواحهن غادرت أجسادهن ببساطة وتوقف التنفس وضربات القلب. الموت بالنسبة لهن اختيار وليس نتيجة. اتضح أن أرواحنا تمارس نشاطاً قوياً عن طريق التنويم المغناطيسي. الأمر مختلف معي. أنا أصارع من أجل كل دقيقة أقضيها إلى جانب حبيبي پيتر.
هانس پيتر رول
من كتاب “في البحث عن السماء”
قال الدكتور ريان بأنه سعيد بقدومنا. ثم تردد للحظة.
“تَسا، أخشى أن لدي أخبار سيئة لكِ” قال، “انتشر السرطان إلى السائل الدماغي في حبلك الشوكي”
“هل هذا فظيع؟” سألت مازحة.
لكنه لم يضحك. “فظيع جداً. انتشر بسرعة أكبر مما توقعنا” انتظر للحظة.
“أستطيع نصحك فقط بأن تفعلي كل ما يحلو لكِ” قال بلطف.
حاول أبي أن لا يبكي، لكن ثمة دموع كبيرة صامتة سقطت في حجره.
“والآن؟” سأله أبي.
تحدث دكتور ريان عن أدوية جديدة. سوف لن تنفعني، لكن أدوية أخرى ربما تنفع.
لم أنصت.
سوف يحدث حقاً الآن. سوف لن أذهب إلى المدرسة بعد الآن. سوف لن أكون مشهورة أبداً. سوف لن أدرس أو أعمل. سوف لن أسافر، لن أكسب المال. لن أحب أبداً.
أنا مريضة منذ فترة طويلة، سمينة وأشعر بالغثيان من الأدوية. جلدي مبقع، شعري يتساقط ويجب أن أتقيأ كثيراً مرة بعد أخرى. هذا ليس عدلاً. لا أريد الموت بهذه الطريقة. أريد أن أعيش قبل أن أموت.
من رواية “قبل أن أموت” للكاتبة البريطانية جيني داونهام
– كان رئيسي في العمل يحكي لي دائماً تلك القصص الدينية والرمزية من القرآن بهدف استنباط العبرة منها، وهذا ما كان يمنحني شعوراً بعدم الارتياح. بالتالي حكيت له قصة الأمير أوديب لأمنحه الشعور بعدم الارتياح، وفي نهاية الأمر تصرفت على أني شخصية رئيسية في القصة التي حكيتها. كان هذا هو السبب الذي أبقى رئيسي في العمل في قعر البئر، بسبب قصة، أسطورة.
– الأيرانيون ليسوا مثلنا نحن الأتراك الذين نسوا شعرائهم وأساطيرهم في الماضي عن طريق تغريبهما، فكرت. خاصة شعرائهم، لا ينسونهم.
– لكني وجدت أن التشابه بين الإيرانيين والاتراك ساحراً. لم استعجل العودة إلى إسطنبول، تسكعت في شوارع طهران ومن شوارع التسوق إلى متاجر بيع الكتب (كان فيها الكثير من الترجمات لكتب نيتشه!) وجدت كل شيء مدهش. إيماءات الرجال في الشارع، وتعبيرات وجوههم، ولغة جسدهم، والطريقة التي يبقون فيها واقفين أمام الباب للسماح لبعضهم بالدخول، كيف يتسكعون دون هدف ويقتلون الوقت بتدخين السجائر، كان هذا يشبه سلوكنا، نحن الاتراك، تماماً. حركة المرور في طهران رعب كبير كما هو الحال في إسطنبول. عندما بدأنا في تركيا التوجه إلى الغرب نسينا إيران. دخلت في متاجر الكتب في شارع الثورة ووقفت مذهولاً من التشكيلة المتنوعة من الكتب.
من رواية “المرأة ذات الشعر الأحمر” أورهان باموك 2017
- في طفولتي، كان التعبير عن نفسي من خلال الملابس مصدراً للمعاناة. كنت أشعر بأني مختلفة بالفعل، ظاهرة بسبب اسمي، عائلتي، ومظهري. من نواح أخرى، كنت بحاجة إلى مجرد أن أكون مثل أي شخص آخر. أحلم بالتماثل، أو حتى الاختفاء. عوضا عن ذلك، أُجبر نفسي على إيجاد أسلوبي الخاص، أشعر بأن ملابسي سيئة، الاستثناء بدلا من القاعدة.
- تحمل الملابس دائما طبقات أضافية من المعنى بالنسبة لي.
- في مراهقتي، كنت ألبس ما أريد، قررت الكيفية التي أقدم بها نفسي. لكن ظلال ذلك القلق القديم بقيت: الخوف من ارتداء ملابس سيئة أو أختيار خاطئ أو إدانة.
- عندما صدرت كتبي، كنت في الثانية والثلاثين، اكتشفت بأن هناك جزء آخر مني تهيأ وقدم نفسه للعالم. لكن ما التف حول كلماتي، أغلفة كتبي، لم يكن من اختياري.
- أكرهت في بعض الأحيان على تقبل سترات لكتبي لم أحبذها، أجدها إشكالية مخيبة للآمال. اعترف بذلك. أقول لنفسي: دعي الأمر، لا يستحق المعركة. لكن في نهاية المطاف أشعر بالحزن، بالامتعاض.
- يظهر الغلاف عندما ينتهي الكتاب، عندما يكون على وشك الظهور للعالم. يشير إلى ولادة الكتاب، وبالتالي إلى نهاية المحاولة الإبداعية. يضفي على الكتاب بصمة من الاستقلالية، حياة خاصة به. يخبرني أن عملي قد انتهى.
- إذا كان مسار الكتاب حلما فإن غلاف الكتاب يمثل اليقظة.
- رغم أن الغلاف وجد ليحمي كلماتي، الوصول إلى الغلاف، يوصلني بالجمهور، يجعلني أشعر بأني غير محصنة. الغلاف يجعلني مدركة أن كتابي قد قُرأ بالفعل.
- الغلاف المناسب مثل معطف جميل، أنيق ودافئ، يلف كلماتي عندما تسافر عبر العالم، في طريقها إلى حجز موعد مع قرائي. الغلاف غير المناسب ثقيل وخانق، أو يشبه السترة الخفيفة جداً: غير كاف.
- الغلاف الجيد غزل. أشعر بأني أسمعه، أفهمه. الغلاف السيء مثل عدو، أجده مكروهاً.
- الغلاف نوع من الترجمة، ترجمة كلماتي إلى لغة أخرى، لغة بصرية. يقدم الكتاب، لكنه ليس جزءاً منه. لا يمكن له أن يكون أدبياً جداً.
- مثل الترجمة، الغلاف يمكن أن يكون وفياً للنص، أو خادعاً.
- الغلاف يقول شيء ما عن الكتاب حتى قبل قرائته، تماماً مثلما الملابس تقول شيئاً عنا قبل أن نتكلم.
- قارنت الغلاف بالوجه، لكنه قناع أيضاً، شيء يخفي ما خلفه. يمكنه أن يغوي القارئ. يمكنه أن يفضح سره أو سرها. مثل الحلي الذهبية، بريقها خادع.
- للغلاف هوية مستقلة. له مظهره، وقدرته الخاصة.
- لم أتحدث مع مصصمي أغلفة كتبي قط. لا أعرفهم، ولا أتدخل في عملهم. أرى النتاج النهائي، في تلك الأيام على هيئة مرفق في الإيميل. يمكنني أن أوقع عليه أو لا، وربما أطلب تغييرات صغيرة. أسأل نفسي إن كان المصمم قد قرأ الكتاب، أو فصل واحد منه، أو حتى بضع صفحات قبل التصميم. أسأل نفسي إن كان هو أو هي قد أحب الكتاب. لم يكن هذا واضحاً لي.
- يظل الغلاف شيء قابل للإزالة، قابل للتغيير. بغض النظر عن تأثيره، إذا لم يحض على بيع الكتاب، لا قيمة له.
- العلاقة بين القارئ والكتاب اليوم غير مباشرة إلى حد بعيد، مع عشرات من الناس يؤزون من حوله. لم نعد لوحدنا، أنا والنص. أفتقد الصمت، غموض الكتاب العاري: العزلة، دون دعم.
- أنا أؤمن بأن الكتاب العاري (بلا غلاف) يمكنه الوقوف على قدميه أيضاً.
- عندما أكتب بالإيطالية، أبحث بين الحين والآخر، أحدق في الكتب التي ترافقني. أرى صفاً من الأشواك. مرتبة وفقاً لتصنيف دقيق. ورغم ذلك تفتقر إلى التنظيم البصري. أرى خليط من الكتب دون سترات، مع أغلفة عادية جداً أو سترات بلاستيكية واقية.
- سترات الكتب الأمريكية تعكس روح البلد، القليل من التجانس والكثير من الأختلاف.
- سلاسل الكتب الأوروبية، حيث تعايش الكتّاب الأحياء والموتى، سلاسل الكتب الأمريكية تبدو لي غالباً مثل قبر فخم.
- أغلفة كتبي تميل إلى عكس هويتي المزدوجة، انقسامي، نزاعي. وبالتالي غالباً ما تكون توقعات وتخمينات.
- طوال حياتي وأنا أتنازع بين هويتين، كل منهما مفروضة عليّ. مهما حاولت التحرر من هذه العقدة، أجد نفسي كوني كاتبة، أقع في نفس الفخ.
- من أنا؟ كيف أرى نفسي، كيف ألبس، أفهم، أقرأ؟ أنا لا أكتب من أجل تجنب السؤال فحسب، لكن للبحث عن الجواب أيضاً.
- أصبحت الأغلفة جزءاً مني مع مرور الوقت، وتوافقتُ معها.
- ما هي سترة الكاتب المثالية؟ إنها غير موجودة. الأغلبية العظمى من الأغلفة، مثل ملابسنا، لن تبقى إلى الأبد. لها معنى، تمنح السعادة، في عصر معين فقط، بعد أن يتم تؤريخها. تحتاج إلى إعادة تصميم مع مرور السنوات، إلى التغيير، مثلما يحدث مع الترجمة القديمة تماماً.
- صوت الكاتب فردي، منعزل.
ثياب الكتب – جومبا لاهيري
الولدان
هناك ريشة على وسادتي
الوسائد تصنع من الريش،
نم.
ريشة سوداء كبيرة.
تعال إلى جانبي في فراشي.
ثمة ريشة على وسادتك.
أ تعلم؟ لنترك الريش حيث هو وننام على الأرض.
– ضُربت حتى الموت، قلت ذات مرة لبعض الصبية في حفلة.
أوه يا رجل ، قالوا
كذبت بشأن سبب وفاتك، همست لأمي.
كنت سأقول هذا أيضاً، ردت هامسة.
من رواية “Grief is the Thing with Feathers” للكاتب البريطاني ماكس بورتر.
كل دقيقة هي قفزة من صخرة شديدة الانحدار، حيث الحواف الحادة للزمن تُصقل باستمرار. أقدامنا تفك نفسها من الأرض الثابتة لحياتنا بأكملها حتى الآن، ونحن نضع هذه الخطوة الحرجة في الشك. ليس لأننا شجعان بشكل استثنائي، بل لأن هذا هو الطريق الوحيد. الآن، في هذه اللحظة، تتدفق هذه الدوافع المدوّخة (دوافعها الخاصة للكتابة) في داخلي. وأنا أخطو بتهور في الزمن الذي لم أعشه بعد، الكتاب الذي لم أكتبه بعد.
هان كانغ
من “الكتاب الابيض”
– لحظات الوصول والمغادرة لحظات خاصة دائماً، تُشغّل ذاكرتك، إنها طواحين هواء الذاكرة.
– عندما أفكر في حياتي، أستغرب من أنها كانت حقيقية بأكملها. ذات صباح قلت لنفسي: هل أستيقظ يوما ما وأرى أن كل ما حصل مجرد حلم. وللتوضيح، لم تكن حياتي سهلة. لكنها كانت جميلة بالتأكيد وثقيلة، وكانت تستحق العناء. للنجاح ثمن، وعليك أن تتعلم كيفية التعامل مع هذه الحقيقة. لا أحد سيعلمك هذا، الجواب تجده في داخلك كما يحدث دائماً.
– الجوع كان موضوع الحديث الأهم في طفولتي.
– عشت حياتي بشكل جيد قدر استطاعتي، مختبأة خلف ستار ضيق من الخجل. نعم، من الصعب تصديق ذلك، لكني كنت خجولة جداً، ربما بسبب ظروفي. أبي كان غائباً و أمي كانت شقراء جداً، طويلة جداً، حيوية جداً، وقبل كل شيء كانت غير متزوجة.
– أمي كانت تتسول الطعام لنا، لكنها لا تنجح دائماً.
– نحن الصغار نظل دائماً في المنزل خشية أن نخسر مكاننا في حالة عدم السماح لنا من قبل أقارب أمي بالدخول إلى منزلهم عند عودتنا.
– نعجن الدمى من عجين الخبز ونتركها تجف على عتبة النافذة، لكن في صباح اليوم التالي نأكلها كلها في قضمة واحدة من الجوع.
– ذات مساء رأت روميلدا (أم صوفي) من النافذة سيدة مع عربة مشي وكيس تسوق. أسرعت إليها معتمدة على تضامن النساء مع بعضهن لتستجدي قطعة خبز وهي تشير إلى وجوهنا التي تعاني نقص التغذية. شعرت هذه الأم بالشفقة وقاسمتنا خبزها.
– عدا الجوع والعطش كنا نعاني أيضاً من القمل الذي أزعجنا لشهور طويلة. زوال القمل كان بالنسبة لي إشارة على انتهاء الحرب.
– ستيفانو ريدا مدير مجلة Sogno اختار لي لقب “لازارو” بحجة أن جمالي استثنائي لدرجة أني أستطيع أن أحيي الموتى.
– مارلين ممثلة عظيمة سُحقت بثقل موهبتها، برجال أخذوا منها كل ما طلبوه دون أن يقدموا أي شيء في المقابل أو رجال ظنوا أن باستطاعتهم تشكيلها حسب ذوقهم. لم تنجح في إيجاد طريقها الخاص. أنا أرتجف كما لو أن خيالاً أحاط بي.
نعيش في عالم قاس يغذي نفسه، يحصل على متعته من المظهر الخارجي ونادراً ما يسأل نفسه عن المخفي تحته. لذا علينا أن نحرص على أن تبقى الحكاية راسخة في الحياة، أن لا ننسى من نحن، ومن أين جئنا. جاذبية مارلين كسرتها أخيراً وقلّت حتى أصبحت رمزا جنسيا محزنا.
– إذا سنحت لكِ الفرصة، وأنا أتأمل ذلك، اتركي لي رسالة عند الإستقبال، بضع كلمات تكفي، مهما كانت. اليوم، ومثل كل يوم، أنا بحاجة لأن أحصل على شيء منك (يمكن أن تكون لكمة على أنفي، لكن من الأفضل أن تكون بضعة أسطر تحمل لي حبك) إذا فكرتِ وصليتِ معي للرب نفسه، للسبب نفسه، عندها سوف يكون كل شيء على ما يرام والحياة ستكون جميلة.
ملاحظة: إذا كانت هذه البطاقة تعني لك ما تعنيه لي تماماً، كما لو كانت منكِ لي، سوف أكون سعيداً أني كتبتها.بطاقة كتبها كاري غرانت لصوفيا لورين وتركها لها من بين رسائل أخرى في غرفتها في الفندق أثناء تصوير فيلم Houseboat عام 1958. تقول صوفيا عن هذه الرسائل: رسائل عن الحب الذي رغم أنه تغيّر مع مرور الزمن إلا أنه لم ينتهِ.
– على سؤال ما هو سرك، كنت أحاول دائماً الرد بإجابة معقولة: يجب أن تجد التوازن بين الراحة والحركة، بين النشاط والنوم، بين ملذات الطعام المطهوّ والصحي ونظام غذائي متوازن. لكن جوهر الشباب الحقيقي يختبىء في إبداع المرء في مواجهة التحديات اليومية، في الشغف لما تفعل ولما أنت عليه، في الحكمة في استخدام قدراتك الخاصة وتقبل معوقاتك الخاصة.
الحياة ليست سهلة وتتطلب منك الجدية والمرح، صفتان تدربت عليهما لوقت طويل.
– اعتادت صوفيا لورين على كتابة يومياتها منذ أن دخلت السجن. وبعد ذلك بسنوات حرصت على حرقها لأنها سألت نفسها ذات يوم: ماذا سيحدث ليومياتي عندما لا أكون هنا؟ لكنها لم تتوقف عن الكتابة، وأصبح لديها تقليد تتبعه في نهاية كل عام: حرق دفتر يومياتها. تقول عن هذا:
لكل منا أسراره التي لا يريد كشفها. مهما كانت الفاكهة طازجة وناضجة يوجد في داخلها دائماً نواة لا تستطيع أن تشاركها أحداً.
وعن الكتابة تقول:
الوحدة التي توفرها لي الكتابة تشعرني بالراحة والصحبة واكتشفت أشياء في نفسي لم أكن أعرفها. شعرت بالأمان في خصوصيتي، كما لو أني مع الكتابة فقط أستطيع أن أكون في بيتي الحقيقي أخيراً.
– نصيحة چارلي چاپلن لصوفيا لورين:
“عزيزتي صوفيا، أصبحتِ مقيدة بشكل كبير بشيء يجب التغلب عليه لتكوني امرأة سعيدة تماماً. توقفي عن إرضاء الآخرين دائماً، توقفي عن استيعاب الآخرين وكل شيء دائماً. لا، لا ومرة أخرى لا. أنتِ لا زلتِ لا تستطيعين قول لا وهذه نقيصة فظيعة. تَعلُم قول لا أساسي لتتمكني من عيش حياتك كما تريدين. كلفني هذا الكثير من المتاعب لكن منذ أن فهمته ولم يعد أي شيء كما كان: حياتي أصبحت أكثر سهولة بشكل رائع”.
ــــــــــــــــ
صوفيا لورين
حياتي: الأمس واليوم وغداً – سيرة ذاتية
- الأمنية هي شكل مركز للفكرة.
- عندما نصيغ أمنية ما بوعي، نأمر أنفسنا بتحقيقها، لاستلامها.
- عرفت أن بإمكاننا أن نتعلم درساً مهماً من حقيقة أن الأمنية لن تتحقق على ما يبدو، أو أنها لن تحمل لنا ما نتمناه، أو عندما نكون غير مستعدين لها. لأن الفجوة بين ما نتمناه وما نظن أننا نريده مثل نافذة، فتحة يمكن من خلالها أن نصل إلى أنفسنا بلا وعي، وبهذا نأخذ أنفسنا إلى مستوى أعمق من معرفة الذات.
نويلا ألكساندور
من كتاب: The Wishing Year: An Experiment in Desire
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
- يولد الطفل من بيضة ذهبية. عندما تنقسم البيضة إلى شطرين، يصبح النصفان كل شيء: السموات والأرض.
- أقوم بما أستطيع: أطبخ الباستا وأصب عليها الصلصة المعلبة. آكل أكثر من اللازم. إذا لم أفعل هذا ربما سأنجرف بعيداً. وحده طفلي يوقفني على الأرض، رغم أنه خفيف جداً.
أربطه بجسدي بإحكام في شيالة معقدة اشتريناها من قبل. يجد هذا فظيعاً. يتلوى جسده مثل سمكة اللعب.
يريدني أن أحمله كما لو أني أنقذته من حريق.ميغان هنتر
من رواية: النهاية التي بدأنا منها
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــ
أنا لا أرسم شجرة
أنا أصبحت شجرة
جلدي لحاء
حفيف الاوراق على ذراعيّ اللذين اصبحا غصنين
قدمي الجذور التي تشبثت بقوة بالارض الباردة
من أجل تقوية إعصار المتعة.
تحت شجرتي التي تمنح الاوكسجين،
أصبحت أنا آدم وحواء.
يان فابريه
من كتاب تاريخ الدموع ــ نصوص مسرحية
ــ الآن، بعد نهاية رحلته، يتمنى كل ليلة أن يكشفوا (والديه، جده وجدته) أنفسهم له […] لكن في بعض الليالي كان لا يرى إلا صمت والديه، اتضح صمتهما أكثر، كما لو أن لا فرق بينهما وبين صمتهما، وعندها عرف بأن: صمتهما هو الحكمة خاصتهما. ظل وجههما يقول: حسناً، سوف لن نتغير، ليس لدينا أي فرصة لذلك، هكذا كنا وسوف نظل هكذا الى الأبد. عندما يسمع إرنست صمتهما، يقشعر بدنه ويرجف.
ــ بسرعة كبيرة اكتشف الشيوعيون مهارات إرنست: تمكنه من اللغات، موهبته في صياغة العبارات وقدرته على كتابة سلسلة من البيانات السياسية. الأدب كان حبه الكبير، لكنه قمعه ولم يعبر عنه أبداً. العالم لا يبنيه الأدب، لكن القضاء على الظلم. هذا ما قاله لنفسه. بدلا من الشعر والنثر، كتب الملصقات، الرسائل المفتوحة والكتيبات […] ومثل كل رفاقه قسم العالم الى قسمين: أسود وأبيض.
ــ “لكي تكون كاتباً، موهبة الكتابة الحقيقية ليست الشرط الوحيد. إن لم تكن مرتبطاً بوالديك، جدك وجدتك، وعن طريقهم بأصلك، فأنت مؤلف ولست كاتباً. الأدب الروسي حقيقي وعظيم لأنه مرتبط بعقيدة الأمة الروسية. الكاتب الروسي لا يرفع أنفه عالياً ليصبح أيقونة، بل يسجد ويتوسل: “أيها الرب يسوع، يا رب المؤمنين، نجني أنا أيضاً””
_ تلك الليلة كتب أرنست رسالة الى الناشر. “لن أخفي عليك أني أجد رواياتي ليست جيدة. شكرا لله أنك رفضت نشرها. سوف أندم كثيراً لو أنك نشرتها” كان يريد أن يقرأ الرسالة لـ إيرنا، لكن أخيراً قرر أن لا يزعجها. وضع الرسالة في المظروف وشعر عندها براحة كبيرة.
_ الثقافة المحلية لم ترق له على ما يبدو. اللاجئون لا يحملون قيما جمالية وغير متحررين. اللاجئون يظلون لاجئين، حتى لو عملوا بالاراضي والمصانع وأصبحو أساتذة جامعيين. باختصار: يوجد هنا ثقافة النازحين، الفقر كان ورقتها الرابحة. والسياسة متخفية مثل الأدب والدراما.
من رواية “حب مفاجئ” للروائي أهارون أبيلفيلد
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــ
*اخبرت اختي أنها كثيرا ما تحلم بهذا الكابوس الذي يتكرر دائماً:
“أني مطاردة، أمشي وأمشي واصطدم بجدار. كان عليّ أن اقفز فوق هذا الجدار، لكني لا أعرف ما خلفه، أنا خائفة” قالت لأختي أيضاً: “مطاردة الموت نفسه لا تخيفني، أنا خائفة من هذه القفزة”.
سيمون دو بوفوار ــ موت ناعم
*الكتاب عن موت والدة سيمون
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــ
أنا أعاني, لأني أشعر بالنقص, شعور مستمر بالنقص, مثل يتيم لايعرف بالضبط مالذي فقده أو ربحه من خسارته غير المقصودة. هكذا وجدت الأمر مثيراً للأشمئزاز والدهشة في نفس الوقت, عندما ودعت بكل سذاجة أناسا لا أعرفهم حق المعرفة, ومن ثم قطعت على نفسي وعودا مستحيلة للقاءات جديدة معهم. مصر لن تأخذ مكان ليبيا. في هذا المكان وجدت فجوة, فراغ أبحث عنه مثل شخص خائف في الظلام يبحث عن عود ثقاب.
هشام مطر
من رواية “In The Country Of Men”
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــ
- أنا اقرأ. هذا نوع من المرض. أقرأ كل شيء يقع في يدي، كل ما تقع عليه عيناي. الصحف، كتب المدرسة، الملصقات، قصاصات الورق التي أعثر عليها في الشارع، وصفات الطبخ، كتب الأطفال. كل ما تمت طباعته.
أنا في الرابعة. والحرب قد بدأت للتو.- أبكي لفراق أخواي، فراق والداي، بيتنا الذي يسكنه الغرباء الآن. وقبل كل شيء، أبكي لضياع حريتي.
- من هنا بدأ صراعي لإتقان اللغة، صراع طويل ومتواصل سوف يستمر طوال حياتي. أتحدث الفرنسية منذ ثلاثين عاماً، أكتب باللغة الفرنسية منذ عشرين عاماً، لكني لا أعرفها حتى الان. لا أتحدث اللغة دون أخطاء ولا أستطيع الكتابة إلا بمساعدة القاموس الذي أعود اليه مرة بعد أخرى.
- كيف كانت ستبدو حياتي لو أني لم أترك بلدي؟ أصعب، أفقر، كما أظن، لكن أقل وحدة، أقل تمزقاً، ربما سعيدة.
ما أنا على يقين منه هو أني سوف أكتب، مهما حصل، وبأي لغة كانت.- في اليوم الذي ارسلت فيه المسودة كاملة بالبريد، قلت لابنتي الكبرى:
“لقد انتهيت من روايتي”
قالت: “أوه؟ وهل تظنين أن أحد ما سوف ينشرها؟”
قلت: “نعم بالتأكيد”.
لم أشك للحظة في ذلك. أنا مقتنعة تماماً، أنا متأكدة من أن روايتي رواية جيدة، وسوف يتم نشرها دون مشاكل.- جدي يخرج الصحيفة من الجيب الكبير لمعطفه ويقول للجيران:
“انظروا! اسمعوا!”
ويقول لي: اقرأي!”
واقرأ. بسلاسة، دون اخطاء، وبالسرعة المطلوبة.
ماعدا فخر جدي لم أحصل من مرض القراءة إلا على اللوم والاستهزاء.
“لاتفعل أي شيء. هي دائماً تقرأ”
“لا يمكنها أن تفعل أي شيء”
“لا يوجد أحد أكثر خمولاً منها”
“هذا هو الكسل”
وقبل كل شيء: “هي تقرأ بدلاً من أن …”
بدل ماذا؟
“هناك العديد من الاعمال الاكثر نفعاً، اليس كذلك؟”
حتى الآن، صباحاً، عندما يفرغ المنزل والجيران يذهبون الى عملهم، اشعر بتأنيب الضمير عندما اجلس لساعات الى طاولة المطبخ لقراءة الصحف بدلاً من .. التنظيف أو غسل صحون الليلة السابقة ، أو التسوق، أو غسل وكوي الملابس، عمل المربى أو صنع الكعك…
وقبل كل شيء، قبل كل شيء … بدلاً من الكتابة.- لم اختر هذه اللغة. فُرضت عليّ عن طريق القدر، الصدفة والظروف. أُجبرت على تحقيق هذه الغاية، الكتابة باللغة الفرنسية. هذا هو التحدي.
تحدي الأميّ.
أغوتا كريستوف ــ الأمية
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
– الكاتب مرتبط بالمجتمع كله. إن لم يكن كذلك يظل مُقصراً، مثل السياسي الذي يزيح جزءاً من الحقيقة جانباً.
– من اجابة طويلة لــ #ماركيز على: هل تجد أنك تعمل بشكل مختلف الآن مع تقدمك في السن؟
[…] هناك فرق كبير آخر في الذاكرة. في السابق كنت لا أدون كل الأفكار الصالحة للكتابة. عندما أنساها، أكون مؤمنا من أنها ليست مهمة، وأن الافكار المهمة حقا احفظها. الآن أنا أكتب كل شيء. أخاف جدا من معرفتي أني فكرت بشيء لكني نسيته، شيء أود قوله، شيء قرأته، أو فكرة حاصرتني فجأة.
– يمكنني أن أناقش فقط من منطلق الحقيقة. لهذا يجلس الاوربيون إلى جانب بعضهم البعض ويطلقون الاحكام على بقية العالم. انهم لم يجروا بحثا مستقلا وخاصا. يتركون أنفسهم بكل سهولة لتأثير الاعلام ولاولئك الذين يتلاعبون باراء الجماهير. من من الاوربيين كلف نفسه جهد الذهاب الى شمال الفيتنام ليكتشف ما حدث هناك؟ لا زالوا يقسمون على أن كوبا مجرد قمر اصطناعي سوفييتي، بينما أظهر الكوبيون مبادرتهم الخاصة في أفريقيا وأمريكا اللاتينية وكوبا جَرّت “فعلياً” روسيا إلى جانبها. وعلاوة على ذلك، النخبة الاوروبية المثقفة يتجنبون السياسة. يتركون أمرها للسياسي. عصر سارتر وكامو قد انتهى.
– الكتّاب الفرنسيون يكتبون كل سنة النوع ذاته من الكتب لجائزة الغونكور ذاتها.
– تعلمت الكثير من جيمس جويس وإرسكين كالدويل وبالطبع من همنغواي. لكن الحيل التي تحتاجها لتحويل شيء خيالي ولا يصدق إلى شيء معقول وقابل للتصديق تعلمتها من الصحافة.
* من كتاب عالم ماركيز – مجموعة حوارات
*******
عن ترجمة كتاب “مائة عام من العزلة” قال ماركيز في حوار اجراه معه إرنستو غونزاليز بيرميجو – 1971 ، برشلونة.
الترجمة الإنكليزية جميلة جدا، اللغة متماسكة وقوية. النسخة الايطالية أصبحت جيدة أيضاً، عملنا بجد مع المترجم، وشرحنا له بعض الأمور. النسخة الفرنسية جيدة أيضاً، لكني لا استطيع أن أشعر كيف تبدو الرواية بالفرنسية. والطبعة الفرنسية لم تبيع بشكل جيد جداً، رغم فوز الرواية بجائزة أفضل كتاب أجنبي 1969 وأفضل مقال نقدي. بيع منها كما أظن حوالي 5000 نسخة. كان لدي دائماً شعور بأن الكتاب لن ينجح في فرنسا لأن الكتاب ليس ديكارتي. أنت تعرف جيداً الصراع في فرنسا بين عقلانية ديكارت والتخيّل الساحق المجنون لرابليه، وفي النهاية انتصر الديكارتيين. في الولايات المتحدة بيع الكتاب بشكل جيد، خاصة في الجامعات، رغم أن سعره 8 دولارات.
****
من حوار اجراه معه الصحفي الهولندي يان بروكن 1981
أفكر لسنوات في كتابة الرواية. كتابة كتاب مثل الموت، ممكن أن يحدث في أي لحظة ولا تعرف بالضبط متى يحدث ذلك. لكنه يحدث فجأة. وفي تلك اللحظة يجب أن تكون مستعداً وتمتلك هدوءً كبيراً. هناك تشابه آخر بين الكتابة والموت: وهو أنك تصبح أكثر خوفاً كلما تقدمت في العمر. الكتابة نفسها لا تكلفني جهداً أكثر من قبل لكن المدة التي استغرقها قبل البدء في الكتاب تطول باستمرار وهذا له علاقة بالخوف.
من كتاب “أنا مشهور قبل أن يعرفني أحد”
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
– الحب هو، حزن مكشوف، يلازم احياناً نظرة متعطشة للدماء، ودموع تجف بسرعة. يد المرأة التي تكتب الآن سوف تعيد الى الحياة بنت كانت تعاني من حزنها الأول الكبير . دموعي سوف تتدفق من جديد، لكنها سوف تكون دموع حلوة بسبب مسافة كل تلك السنوات الطويلة، عشرات السنين.
– الادب قبل كل شيء لا يقتصر على الكلاسيكيين لكن ـــ شيء جديد لم يحدثنا اساتذتنا سوى القليل عنه ــ أولاً، أن كل الادب هو شيء حي تم انجازه في الوقت الحاضر. اكتشفنا أن ليس كل الكتّاب هم كتّاب ميتين، بل هم يصبحون حتى بعد وفاتهم بفترة طويلة “كلاسيكيين”.
– عن طريق الكتب كانت هي صديقتي الاولى والتي لا تماثلها أي صديقة أخرى. أخت منجذبة للأدب، وبهذا المعنى الادب في المقام الاول هو عشق الكلمات ـــ نقرأها، نتحدث عنها، ونكتب عنها أخيراً، لتنعشنا بأنوارها.
– عجائزنا، والمتزوجات بين الحين والآخر، لديهن ذوق رفيع: عندما يقيمنّ جمال الشابات، يقلن على سبيل المديح: “لديها سر” وهذا يعني أن الشابة في ملامحها أو بسبب لطفها تمتلك جاذبية “مستترة” سوف تحتفظ بها حتى شيخوختها.
آسيا جبار
لا مكان في بيت أبي
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
داوس: في بلدي يعاقب من لا يرسل أولاده الى المدرسة، من يتجاوز السرعة المسموحة وهي 120 كلم في الساعة، من يقطع الأشجار من الحدائق العامة […]
نرجس: كل هذا لا نُعاقب عليه في أفغانستان.
داوس: وهذا أجمل ما في أفغانستان.
من رواية: رجل. بنت. موت لــ ريك لاونسباخ
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــ
نظر الأب الى الكاميرا مباشرة وقال:
“نريد أن نطلب منكم أن تحتفظون بكل صلواتكم من أجلنا في أذهانكم. وإذا اعتدتم الصلاة، من أجل أن تصلون لنا. ليس من الضروري أن ترسلوا صلواتكم لنا عبر الإيميل. ببساطة، كل أمنياتكم وأفكاركم الجميلة ترسلونها لنا. ليس عبر الإيميل أو النقر أو أي شيء من هذا القبيل. ببساطة، أبقوها في أذهانكم في الهواء. هذا كل ما نطلبه منكم.”
***
“كل يوم تقوم الشرطة بالقاء القبض على الناس لأنهم: ’سود يجلسون خلف مقود السيارة‘ أو ’ سُمر يجلسون خلف مقود السيارة‘… كل يوم يتم القاء القبض في الشوارع على رجال امريكيين من اصول افريقية، وجوههم مقابل الجدار، يُفتشون، مجردين من حقوقهم وقيمتهم.”
من رواية “الدائرة” لـ ديف إيغرز
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
نحن نتفس الهواء طوال الوقت، نستخدم الماء كل يوم، نمشي على الأرض باستمرار، لكن تجربتنا مع النار في خطر تضاؤل تدريجي. الدور الذي تلعبه النار سيطرت عليه ببطء اشكال غير مرئية للطاقة، ونحن فصلنا فكرتنا للضوء عن فكرة اللهب، وتجربتنا الوحيدة فيما يتعلق بالنار هي من الغاز (الذي يلاحظ بصعوبة)، عيدان الثقاب أو ولاعة السجائر ( على الاقل للذين لازالوا يدخنون) ووميض الشموع (للذين لا زالوا يذهبون الى الكنائس) […] طبيعة النار موروثة، تذكرنا بالسمو والرفعة … إنها رمز لاعماق جهنم. إنها الحياة لكنها تخمد أيضاً وهي سريعة الزوال باستمرار. لهذا النار أشياء كثيرة جداً.
***
اقرأ ماذا قال تاسيتُس عن اليهود: […] اليهود “غرباء” لأنهم لا يأكلون الخنزير, يأكلون خبز غير مختمر, يتخذون اليوم السابع عطلة لهم, يختنون أبناءهم (وانتبه) ليس من أجل شرط الطهارة المذكور في كتبهم السماوية, ولكن “ليأكدوا أنهم مختلفين”, لأنهم يدفنون موتاهم, ولا يبجلون قيصرنا.
أمبرتو إيكو من كتاب: Inventing The Enemy
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
Total Recall: My Unbelievably True Life Story
أرنولد شوارزنجر
“أبي كان أكثر تعقيداً من أمي. يمكنه أن يكون شهماً ومحباً، خاصة مع أمي. كانا يحبان بعضهما جداً. تظهر هذه المحبة في أمور منها طريقتها في تقديم القهوة له، الهدايا الصغيرة التي اعتاد تقديمها لها ومن الطريقة التي يحضنان بعضهما […]
لكن مرة واحدة كل اسبوع، غالباً في مساء الجمعة، يعود أبي سكران الى البيت. يظل حتى الساعة الثانية أو الثالثة صباحاً يشرب الى طاولة مخصصة له في بار القرية مع قرويين آخرين، مثل القس، مدير المدرسة والعمدة. نستيقظ في منتصف الليل ونسمع تخبطه وصراخه على أمي. لكن غضبه لا يدوم طويلاً. في اليوم التالي دائماً ما يكون لطيف وناعم، ويأخذنا الى الغداء خارج المنزل أو يأتي لنا بهدايا بسيطة لأصلاح ما فعله في الليلة السابقة. لكن عندما نسيء التصرف أنا وأخي، يعاقبنا، أحياناً بحزام بنطلونه.
لانرى ذلك امراً غريباً. كل أب في القرية يضرب أولاده عندما يجد أنهم يستحقون ذلك، وكل أب يأتي الى منزله سكراناً بانتظام.”
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
فكرت، رغم كل براعتي وتضحيتي، اني انتهيت.
فكرت، كيف للشعر أن يدمر كتابتي بهذه الطريقة.
فكرت، كان يمكن أن يكون أفضل لابتلاعه، الآن أنا انتهيت.
فكرت، غرور الكتابة، غرور التدمير.
فكرت، لأني كتبت، تحملت. فكرت لأني دمرت ما كتبت، سوف يجدونني، يضربونني، يغتصبونني، يقتلونني. فكرت، شيئان مرتبطان ببعضهما، الكتابة والتدمير، الاختباء والظهور.
روبرتو بولانو
Amulet
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
أقدم الأشياء هو الحاضر, لأن لا وجود لأي شيء آخر سوى الحاضر. لا أحد يعيش في الماضي, ولا أحد يعيش في المستقبل, مطلقاً.
استكشاف السماء
هاري مولش
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــ