مدن وأديرة عاشت في محيط واسط القديمةالحلقة الخامسة من كتاب واسط بين الماضي والحاضر للمؤلف السيد عبد المنعم تقي الطباطبائي
قال ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان ج5 ص347 :-
ورأيت أنا واسط مراراً فوجدتها بــــــلدة عظيمة ذات رساتيق وقرى كثيرة وبساتين ونخل يفوق الحصروكان الرخص موجوداً فيها مـن جميع الأشياء مالايوصف بحيث أني رأيت فيها كوز زبد بدرهمين وأثنتي عـــشرة دجاجة بدرهم واحد ....... والخبز أربعون رطلاً بدرهم واللبن مائـــة وخمسون رطلاً بدرهم والسمك مائة رطلٍ بدرهم وجميع ما فيها بهذه النسبة .
وقد مدح بعض الشعراء واسطاًمنهم ابو شجاع بن دواس القنا حيث يقول :-
ياربُ يوم مربي فـــي واسط جمع المسـرة ليلهُ ونهارهُ
مع أغيد خنثٍ الدلال مهفهف قد كاد يقطعُ خصره زنارهُ
وقميص دجلة بالنسيم مفركٌ كــــسرٌ تجرّ ذيوله أقطارهُ
1- مدينة فم الصلح:- مدينة تقع عــــلى نهر شمال واسط ويدعى (بنهر فم الصلح ) وقد وصف أبن رسته فــــــي ( الأعلاق النفيسة ) فم الصلح بأنها مدينة على شرقي دجلة وبها مسجد جامع وأسواق وفـي فم الصلح هذه كانت تقع دار الحسن بن سهل وزير المأمون وفيها تزوج المأمون ببوران بنت الحســــن بن سهل وكان قد خطبها سنة (209هـ --824م) ثم أنحدر الــــــــى فم الصلـــــح حيث أبتنى بهــــا . وتصف المصادر المختلفة يوم الزواج وبذخه بأفاضـــــة من ذالك أن بوران لما أدخلت على المأمون نثر على القوادوالمدعوين بنـادق مسك فــــيها رقع بأسماء ضــياع وجوار وخيل وكل من وقع بيده رقعه أصبح يملك ما كتب فيها .ونثرت جدتها علـــــى رأسه ألف حبة لؤلؤ نفيسة وقد أوقدت ليلة الزفاف شمعة عنبر وزنــها أربعون (40) مناً في فانوس من ذهب(1) . مدينة يقام فيها عرس الخليفة وفــيها سكن الوزير لابد وأن تكون من السعة وجمال العمارة ولطافة المنظر ما يليق بـــهذا الحفـــــل البهي الذي حضره كبار القواد والأمراء ورجال الدولة .
2- مدينة المدائن :- يطلق أسم المدائن علــــــى مــــــا بقي مـــــن مدينتي ســلوقية اليونانية وطيسفون الفارسيـــــة . وذكر المؤرخــــون العـــرب عدداً من المدن التي كانت تتشكل منها المدائن والتـــــي قيل عنها أنها سبع مدن بيـــن كل مدينة وأخرى مسافة بعيدة أو قريبه .أما معــــــجم البلدان فقد ذكر ياقوت أن الــــمدائن متـــــكونه مـن المدينة العتيقة
3- بلدة النيل :- جاء في معجم البلدان ( النيل بلدة فــــي سواد الكوفة قرب حلة بني مزيد يخترقها خليج كبير يتخلج من الفرات الكبــــيرحفره الحجاج بن يوسف الثقفي وسماه بنيل مصر وقيل أن هذا النـــــــيل يستمد ماءه مــــن( صراة جماسب ) وقال الشاعر في نيل السواد :-
قالوا هجرت بلاد النيل وأنقطعت حبال وصلك عنــها بعد أعلاقِ
فقلت أني وقـــــــد أقوت منازلها بــعد أبن مزيد من وفدٍ وطرّاقِ
4 –قوسان:- قوسان كورة كبيرة ونــــهراً عليـــه مدن وقرى بين النعمانية وواسط ونهره الذي يسقي زرعه يقال له الزاب الأعلى(1) .
5- بلدة دير العاقول :- في الجنوب الغـربي من أسكاف بني جنيد كانت تقع بلدة دير العاقول نسبة الــــى دير للنصارى بـــــهذا الأسم يقع على الضفة الشرقية من دجلة ويقول عــــنه ياقوت (بانه يقع بين المدائن – مدائن كسرى – والنعمانية بينه وبين بغداد خمسـة عشر فرسخاً على شاطئ دجلة كان) فأما الأن فبينه وبين شاطئ دجلة مقدار ميل . وكان عنــــده بلد عامــــر وأسواق أيــام كون النهروان عامراًفأما الآن فالدير بمفرده وسط البرية .وان السكان فـــــي تلك المنطقة يطلقون عليها (الداور) وعندهم عدة داورات وأعتقد ان الداور مـــــحرف من الدير حيث كانت في المنطقة عدة أديرة للنصارىوقد زرت تلــــك الداورات الموجودة الآن فـــي منطقة العزيزية عندما كنت مشرفاً تربوياً.
وقد جاء ذكر دير العاقول في أقوال بعض الشعراء .قال أحدهم
فيك دير العاقول ضيــعت أيا مي بلهو وحث شرب وطرفي
بعد ما قد نعمت في دير قنى معهم قاصــفين أحسن قصفي
بين ذين الديرين جنة دنيا وصفها زائد على كل وصفي
وقال البحتري :-
نزلوا ربوة العراق أرتياداً أي أرض أشف داراً وأسنى
بين دير العاقول مرتبع أشــــــــــرف محتله الــــى دير قنى
وقد ذكر ان الشــــاعر العربـــــي الكبـــــير ابا الطيب المتنبي قد قتل بالقرب من دير العاقول .( جاء في الصبح المنبي قــــال الخالديان كتبنا الـــى أبي نصر محمد الجلي نسأله عما صدر لأبي الطيب المتنبي بـعد مفارقته عضد الدولة وكيف كان قتله وأبو نصر هذا من وجوه الناس فـــــي تلك الناحــية وله فضل وأدب وحرمة . فأجابنا عن كتابنا جواباً طويلاً يقول فــــي أثنائه . أمّا ما سألتم عنه مــــن خبر مقتل أبي الطيب المتنبي فأنا أسوقه لكم وأشـــرحه شرحاً بيناً . أعلموا ان مسيره كان من واسط يوم السبت لثلاث عشرة ليلة بقيت مــــــن رمضان سنة ثلاث مئة وأربعة وخمسين فقتل بضيعة تقرب مــــــن دير العاقول لليلتين بقيتا من شهر رمضان ) .وقد أقامة وزارة الثقافة نصباً عظيماً لقـــــبر المتنبي شمال مدينة النعمانية تمثل فــــــيه روعة الفن والأدب . ولازال شامخاً في سمائها شموخ المتنبي .
6- بلدة همانيا :- وهي بلدة صغيرة تقع على فرسخين جنوب بلدة دير العاقول ودير قنّى على ضفة نهر دجلة اليمنى .
7- مدينة جرجرايا :- وفـــــي الجنوب من بلدة همانيه ( بينها وبين النعمانية وعلى الضفة اليسرى من النهر ) كانــــت تقــع مدينة جرجرايا وكانت المدينة الرئيسة في طسوج النهروان الأسفل وقد جاء ذكرها فـــــي معجم البلدان وقد خرج منها جماعة من العلماء والشعراء والوزراء ولها ذكر كثير فـــــــــي الشعر العربي من ذالك قول (أبزون السمعاني ) .
ألا يا حبذا يوماً جررنا ذيول اللهو فيه بجرجرايا
ويرى فلكس جونس أن الأطلال الواقعة فـــــي جوار ( صدر الشاعورة) شمال قرية الدبوني الحالية هي من بقايا مدينة جرجرايا .
8- مدينة جبّل :- في جنوب مدينة النعمانيــة وأثارها مطمورة تحت مياه دجلة حالياً والأعراب في المنطقة يسمونها ( جنبل ) وقـــد ذكرها ياقوت فــــــــي معجمه بقوله ( بليدة بين النعمانية وواسط ).
وقد ذكرها الشاعر البحتري في قوله :-
حنانيك من هول البطائح سائراً على خطر والريح هول دبورها
لأن أوحشتني جبّل وخصاصها لمـــا آنستني واسط وقصورها
وموقع جبل حالياً في موضع بين مدينة الــكوت وناحية الأحرار مقابل أم البني وهي
راقدة تحت مجرى نهر دجلة وقد تصطدم في آثارها عند أنخفاض منسوب المياه في دجلة السفن المارة بالمنطقة عنـــــدما كان دجــــلة وقتها طريقاً نهرياً لنقل البضائع والركاب وقــد ظن البعض أن تلــــك الأثار والأجر بقايا لجسر أجري كان هناك وهذا خطأ واضح فــــــالموقع هو لمدينة طمرتها مياه دجلة وهي مدينة ( جبّل ) بلا شك .
أما الأديره التي كانت فـــــي حدود مدينة واسط والتي هي اليوم محافظة واسط التي كانت فـــــي عهدها القريب (لواء الكوت) فهي كثيرة منتشرة في برية المحافظة من جنوب محافظة بغداد وألى الشمال القريب مـــــن مدينة الــــــكوت الحالية وأهم هذه الأديره هي :-
1- دير قنّى :- وبالقرب من بلدة دير العاقول يقع دير (قنّى) عـلى بعد كيلو مترين من دجلة ويقال له دير (قوني) نسبة الى أمرأة جميلة نبيلة سعت فــــي بنائة أكراماً لمارماري الذي شفاها من البرص الذي كانـــــــت مصابة بــــــه ويعرف أيضاً بدير ( مرماري) السليح وهو دير حسن النزهِ عامر مـحكم البناء شبيه بالحصن المنيع وفيه مائة قلاية لرهبانه والمتبتلين فيه (والقلاية هـــــــي الصومعة التي ينفرد فيها الراهب وجمعها قلايات ) لكل راهب قلاية .
يرى بعض الباحثين ومنهم فيلكس جونس أن دير العاقــــول يقع فـــــــي تلول الدير الموجودة شمال العزيزية الحالية وأن دير قنى يقع في تل قماز القريب منه . وللشع