يدين الفقه القانوني لفلاسفة اليونان وعلى راسهم الفيلسوف (أرسطو) في التمييز بين فكرتين قد تعبران في ظاهرهما عن مفهوم واحد الا ان الفرق بينهما يظهر جليا في اطار التطبيق العملي لقواعد القانون التي سعى فقهاء القانون الى تلطيفها ومنهم استقى الفقه القانوني الحديث فكرة التمييز بين العدل او ما يسمى (العدل الشكلي القانوني ) والعدالة (العدل الجوهري او الانصاف) فالاول وثيق الصلة بالقاعدة القانونية والثانية لصيقة بالمعايير القانونية .. وقد حاول بعض الفقهاء التعريف بفكرة العدل على انه يفيد معنى المساواة التي ترتبط بالدور الاجتماعي للقانون و الذي يعني تطبيق القاعدة القانونية على نحو متساو بالنسبة لجميع المخاطبين اي ( الحالات او الاشخاص الذين يكونون في مركز قانوني معين ) وهذه نتيجة طبيعية مرتبطة بعمومية القاعدة وتجردها تطبق على الجميع ممن هم بذات المركز القانوني من دون محاباة وبمنتهى النزاهة ومن دون استثناء احد لذلك فان دور العدل الشكلي يقتصر هنا على ان القاعدة القانونية تكون على مسافة واحدة من الجميع و تطبق بحقهم بشكل متساو فلا فرق بين ام تسرق لاطعام اطفالها وبين اخر يسرق لاشباع شهواته لان العدل القانوني يعتد بالاثر الظاهر لا بالوضع الشخصي لكل مخاطب في تطبيق حكمه . لذلك عده فلاسفة اليونان وسيلة غير عادلة للحكم لان طبيعة القاعدة القانونية العامة والمجردة تعني انه لا يمكن الاخذ بالظروف الشخصية لكل حالة فردية على حدة فتكون ضحية من ضحايا ذلك العدل الشكلي . لاحظ الفيلسوف اليوناني ارسطو انه من الصعوبة بمكان مراعاة الحالات الفردية المستعصية وهي تلك الحالات التي تؤدي الى تطبيق القاعدة القانونية عليها الى نتائج ظالمة فوجد ما يسمى بالعدل الخاص للتخفيف من فكرة جمود العدل القانوني الشكلي الذي اطلق عليه ارسطو تسميات عديدة وهي الانصاف او الملائمة او العدالة التي يقصد بها التخفيف من حدة القاعدة القانونية العامة المجردة بالنسبة للحالات الفردية الخاصة وهي محاولة لا يجاد التوازن والتساوي بغية تصحيح ما هو ظالم وغير منطقي على نتائج تطبيق العدل القانوني المجرد ، اما العدالة بمعناها العام ( تعني الشعور بالانصاف والملاءمة وهو شعور نفسي يوحي به الضمير النقي ويكشف عنه العقل السليم والتي تمثل مبادئ عالية تهدف الى كل ما هو خير و انساني وكل ما يوحي به الضمير من حلول منطقية منصفة تقوم على مراعاة ظروف وحاجات كل فرد على حدة . والواقع ان القاعدة القانونية بعموميتها وتجريدها تقوم على فكرة العدل من دون اكتراث بالاوضاع الخاصة للافراد فهي تنفذ بحق جميع المخاطبين بها الذين لديهم نفس المراكز القانونية ومن هنا جاءت الدساتير بمبدأ عام يعد من المبادئ الثابتة التي لا يمكن اغفالها في أي دستور وهي قاعدة ( ان المواطنين متساوون امام القانون ) .