شرح دعاء الافتتاح
(اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي لَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةً وَلا وَلَداً، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَريكٌ في الْمُلْكِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِىٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبيراً..)..
إن دعاء الافتتاح دعاء مليء بالمعاني التوحيدية، والذي يراد منه أن يربطنا بحالة الأنس بواجب الوجود، والإحساس بأن الله عزّ وجل هو المهيمن، وهو المسيطر، الذي أزمة الأمور طراً بيده، والكل مستمدة من مدده..
ومن المناسب لو نترجم هذه المعاني، إلى واقع معاش في حياتنا السياسية، وفي تعاملنا مع الأعداء، ومع القوى الكبرى.. فالإنسان المؤمن عندما يعيش هذه الحقيقة، بأن الله عزّ وجل هو مالك الملك، وليس هنالك شريك له في هذا الملك، ولا يضاده في ملكه أحد، ويعيش حقيقة الهيمنة الإلهية والسيطرة الإلهية على عالم الوجود؛ فإن هذا الإحساس يوجد في العبد حالة من حالات الاستعلاء والاستغناء.
ومن المعلوم أن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما واجه كفار قريش - بجبروتها وقوتها، القوة الكبرى في ذلك العصر-، في أول معركة من معارك الإسلام الخالدة، والتي كانت في هذا الشهر المبارك، خاطب ربه قائلاً: يا رب!.. إن تَهلك هذه العصابة لا تُعبد.. الملاحظ أن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) جعل الأمر بيد الله عزّ وجل، وأنه هو الذي يقرر في عباده ما يشاء، وكيف يشاء.. وإذا بالمدد الإلهي ينزل بالملائكة المسومة، والتي كانت -في جوار جهود المسلمين في معركة بدر- من موجبات نصر المسلمين.
بالإضافة إلى أن الذي يعيش هذه الحقيقة، أنه لا مؤثر في الوجود إلا الله سبحانه وتعالى، وأن بيده مقاليد الأمور، فإنه سيصل إلى جوهر كلام علي (عليه السلام) -الشهيد في هذا الشهر المبارك-، حيث يقول (عليه السلام): (عظم الخالق في أنفسهم، فصغر ما دونه في أعينهم).. فإذن، الذي يعيش حقيقة مالكية وملكية الله عزّ وجل لهذا الوجود، سوف يرى كل شيء في عالم الوجود صغيراً وحقيراً.. ومن هنا نلاحظ العزة الإيمانية التي يعيشها المؤمن في مواجهة قوى الشر في الوجود، فهذه الحقيقة لا تغيب عن بالهم أبداً.. ثم إن رب العالمين فوض الأمور إلى عبده، إلا أن يذل نفسه؛ لأنه مرتبط بعزة الله عزّ وجل.. ورد في الحديث القدسي: (أنا العزيز.. فمن أراد عزّ الدارين، فليطع العزيز).