بقلم: حسن سعيد رضا
من خلال مطالعتي لتاريخ الدول الاشتراكية، وجدتُ أنَّ أهم أسباب انهيار أغلب تلك الدول وضعف الباقي منها، عدم الاتفاق بين تلك البلدان من جهة، والتناحر بين التيارات المكونة للحزب الحاكم في كل بلد من جهة أخرى.
فعلى سبيل المثال، أدى عدم الاتفاق بين الاتحاد السوفيتي -روسيا حالياً- بقيادة جوزيف استالين ومن خلفه من القيادات أمثال نيكيتا خروتشوف من جهة, وبين الصين بقيادة ماو تسي تونغ من جهة أخرى, أدى الى إضعاف المعسكر الاشتراكي وانقسامه الى اتجاهَين: أحدهما مؤيد للاتحاد السوفيتي يضم دول شرق أوروبا أمثال جمهورية يوغوسلافيا وتشيكوسلوفاكيا وهنغاريا ورومانيا وبولندا وبعض دول آسيا مثل كمبوديا وكوريا الشمالية وبعض دول أمريكا اللاتينية -أمريكا الجنوبية- مثل كوبا وتشيلي, واتجاه آخر مؤيد للصين يضم بقية البلدان الشيوعية في آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية.
من جانبٍ آخر، كان التناحر الداخلي بين التيارات المكونة للحزب الشيوعي الحاكم في كل بلد سبباً مهماً في تدمير الدول الشيوعية، فالنزاع بين جوزيف استالين وبين ليون تروتسكي أدى الى حدوث انشقاق في الحزب الشيوعي السوفيتي، وسبب مجموعة من الاغتيالات بين كوادر الطرفَين انتهى بحملة شرسة قادها استالين ضد أنصار خصمه ختمها بتصفية تروتسكي بالعاصمة المكسيكية.
وفي الصين لم يكن الأمر ليختلف كثيراً، فحدة النزاع بين لين بياو وبين ماو تسي تونغ أحدثت شرخاً داخل الحزب الشيوعي الصيني، لكن حملة الاغتيالات لم تحدث، وإن حدثت فلم تكن بعنف مثيلتها في الاتحاد السوفيتي، مع هذا انتهى الأمر بقتل لين بياو على يد أنصار ماو تسي تونغ بتفجير الطائرة التي كان يستقلها في الأجواء المنغولية.
هذا الأمر لم يحدث في المعسكر الرأس مالي -الغريم التقليدي للمعسكر الاشتراكي-، فبلدانه وإن لم تكن متفقة في ما بينها، لكنها على الأقل لم تدخل في دوامة النزاع، ولم تشهد أحزابها الحاكمة انشقاقات داخلية، ولم تستعر حملات اغتيالات محمومة كما في الدول الشيوعية، بَل على العكس كان وجود المعسكر الاشتراكي سبباً للتقارب الجزئي بين الدول الرأس مالية، كما حدث حينما اتفقت دول الأمريكتَين على تصفية الشخصيات الشيوعية في ما بات يسمى (عملية الكوندور) التي سنتكلم عنها لاحقاً ان شاء الله.
#خاطرة_سياسية