في إطار استمرار #أرامكو السعودية في رحلة تميّزها نحو إثراء التنوُّع الأحيائي، وتوافقاً مع رؤية المملكة 2030 للمحافظة على المقدرات الطبيعية للمملكة، أطلقت الشركة يوم الأحد 20 شعبان 1439هـ (6 مايو 2018)، مبادرة بيئية طموحة لزراعة مليون شجرة في مناطق أعمالها بجميع أنحاء المملكة، برعاية وحضور صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز، أمير المنطقة الشرقية، وذلك في متنزه أرامكو البيئي في الظهران.
وتهدف هذه المبادرة لتحقيق عدة أهداف من بينها مكافحة التصحر، وكبح زحف الرمال، وامتصاص ثاني أكسيد الكربون للحد من التلوث، وتعزيز التنوُّع الحيوي الطبيعي، وإنشاء مناطق جذابة مظلّلة، وحماية الحياة الفطرية، وخاصة الحيوانات المهدَّدة بالانقراض في المملكة.
جدير بالذكر أن هذه المبادرة، المتوافقة أيضًا مع اتفاقيات الأمم المتحدة لحماية التنوُّع البيئي، تأتي في أعقاب المبادرة الناجحة للشركة بزراعة أكثر من مليوني شجرة مانغروف على طول ساحل الخليج العربي وهو ما أُنجز في عام 2017.
وقد رافق إطلاق المبادرة تدشين الأمير سعود بن نايف لمتنزه أرامكو البيئي الذي يمتد على مساحة 500 ألف متر مربع، حيث من المتوقع أن يُسهم تأسيس هذا المتنزه بشكل كبير في تحسين جودة الحياة في المنطقة، في الوقت الذي يعزّز فيه من التنوُّع الأحيائي، و"يغرس البذور" لأجيال المستقبل.
نموذج متميّز في المحافظة على البيئة
وفي كلمة رئيسة له في حفل إطلاق المبادرة، قال رئيس أرامكو السعودية، كبير إدارييها التنفيذيين، المهندس أمين حسن الناصر: "تحرص أرامكو السعودية دومًا على أن تكون نموذجًا متميّزًا في المحافظة على البيئة، وهذه المبادرة نموذج علمي وعملي في تعزيز توازن البيئة الطبيعية لمستقبل أجيالنا".
وأضاف: "إن المملكة بطبيعتها الصحراوية موطن لبيئات متعدّدة وفريدة تتطلب عناية فائقة، لذلك حرصنا على أن تتسم مبادرة زراعة مليون شجرة بحلول العام 2025م بخمسة عناصر لتعزيز الاستدامة وجودة الحياة. هذه العناصر هي أن تتطلب جميع أنواع النباتات المستخدمة حدًا أدنى من مياه الري، وأن تكون المياه المستخدمة من مياه الصرف المعالجة بحيث لا تؤثر على مصادر المياه الجوفية الثمينة، وبالإضافة لذلك سيتم استخدام التقنية والابتكار لتقليص مياه الري اللازمة بنسبة تصل إلى حوالي 70%، مع التطلع لأن تُسهم هذه المبادرة في توفير غطاء نباتي للحد من آثار العواصف الرملية وامتصاص حوالي 20 ألف طن متري من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، وأن تساعد في توفير بيئات للتنزه ذات لمسة جمالية يستفيد منها أهالي المناطق لممارسة الرياضة، مما يرتقي بجودة الحياة، وهو ما ينسجم إلى حد بعيد مع رؤية المملكة 2030".
كما ستنتج المبادرة أكثر من 20 مليون كيلوغرامًا من الكربون المحتجز سنويًا، بينما تزيد أيضًا من مساحة الظل وكمية التبخر، مما يجعل المناطق المستضيفة لتلك الأشجار أكثر برودة. وأضاف الناصر إن جمال المناظر الطبيعية في المملكة يُعَدُّ ميزة إضافية لهذه المبادرة.
مذكرة تفاهم وتعاون مع وزارة البيئة والمياه والزراعة
وعلى هامش إطلاق المبادرة، وقّعت أرامكو السعودية ووزارة البيئة والمياه والزراعة مذكرة تفاهم وتعاون لتعزيز التنسيق بينهما، يعملان خلالها بشكل منظم لتفعيل الإجراءات والتدابير اللازمة للمحافظة على النظام البيئي، والغطاء النباتي الطبيعي، ودعم التشجير، مع التركيز على تشجير مناطق أعمال الشركة في مختلف مناطق المملكة.
ووقّع الاتفاقية من جانب أرامكو السعودية، نائب الرئيس لشؤون أرامكو السعودية، ناصر عبدالرزاق النفيسي، فيما وقّعها من جانب وزارة البيئة والمياه والزراعة، وكيل الوزارة لشؤون الزراعة، حمد بن صالح العيادة.
كما شهد الحفل عرض فِيلْم قصير عن جهود الشركة البيئية بشكل عام، والمبادرة الجديدة بشكل خاص، في حين قدّم محمد الخليفي، من إدارة أعمال معامل بقيق، عرضًا عن المبادرة، تطرق فيه لأهدافها، واستراتيجياتها، وتجربتها في استخدام تقنية البوليمر لري الأشجار.
وفي ختام الحفل، وبعد الاطلاع على أنواع مختلفة من الأشجار المزمع زرعها في المبادرة، قام كلٌّ من سمو الأمير سعود بن نايف، والمهندس أمين الناصر، والأستاذ أحمد بن صالح العيادة بغرس ثلاث شجرات في المتنزه إيذانًا بالإطلاق الرسمي للمبادرة.
مكافحة التصحر
وستساعد زراعة الأشجار المحلية في مواقع استراتيجية في جميع أنحاء المملكة، في مكافحة التصحر، الذي يحدث بسبب عديد من الأعمال، ومنها القطع الجائر للأخشاب، وقيادة المركبات على الطرق الوعرة، والرعي الجائر، والممارسات الزراعية التي تفتقر إلى الكفاءة، والجفاف المستمر. ويُعدُّ التصحر أحد أكبر العوامل المهدّدة لاستدامة التنمية في العالم اليوم.
وتؤدي الأشجار والشجيرات وغيرها من النباتات دورًا مهمًا في تثبيت الرمال، وتساعد جذور الأشجار على ربط الرمال ببعضها، بالإضافة إلى أن النباتات نفسها تساعد على إبطاء حركة الرياح في المناطق الصحراوية. ومن شأن فقدان عدد هائل من الأشجار في المناطق الصحراوية السماح للرياح باقتلاع الرمال وحملها في الهواء ثم إحالتها إلى عواصف رملية مخلفة كميات ضخمة من جزيئات الغبار.
الأشجار المحلية
وسوف تستخدم مبادرة أرامكو السعودية 26 نوعًا من الأشجار المحلية التي تتلاءم مع أجواء المملكة، والقادرة على التكيف مع بيئتها القاسية، بما تتسم به من شح للأمطار وملوحة عالية في التربة والماء. ويشير خبراء البيئة إلى أن ما نسبته 33% من جميع النباتات والحيوانات المحلية بالمملكة معرضة للانقراض. وتُعدُّ زراعة الأشجار والشجيرات المحلية من أهم وسائل استعادة التنوع الحيوي، حيث تساعد هذه النباتات على جذب الحيوانات المحلية المعرّضة بشكل كبير للانقراض.
كما أن النباتات المحلية مرتبطة ثقافيًا بالمملكة، حيث تنبت في المملكة أكثر من 2500 فصيلة من النباتات. وقد أطلق البدو القدامى اسمًا على كل فصيلة منها واستخدموا كثيرًا من تلك النباتات المحلية في صناعة العقاقير الطبية ومستحضرات التجميل والغذاء والفنون لآلاف الأعوام.
وتتطلب الأشجار المحلية عادة كمية أقل من المياه مقارنة بالأشجار "الغريبة"، كما أن المياه التي سيتم استخدامها هي مياه صرف معالجة، وليست من المياه الجوفية، مما يُسهم بفاعلية في المحافظة على موارد المملكة المائية الثمينة.
تقنيات المحافظة على المياه
ومع مراعاة أرامكو السعودية لأفضل الممارسات في مجال الري، ستستمر الشركة في استكشاف أنسب تقنيات المحافظة على المياه واستخدامها في المبادرة. وإحدى التقنيات هي استخدام البوليمرات، التي سبق استخدامها في مناطق شبه قاحلة ومناطق قاحلة للمساعدة على تقليل كمية مياه الري المطلوبة لزراعة النباتات. ويتم وضع البوليمرات داخل التربة بالقرب من كل النباتات لتمتص كميات كبيرة من المياه وتحتفظ بها، وبالتالي تتمكن النباتات المجاورة من الوصول إلى المياه المخزنة داخل تلك البوليمرات. ويمكن أن يساعد ذلك بشكل كبير في تقليل عدد مرات الري المطلوبة لنمو النبات وبقائه على قيد الحياة. وسيتم استكشاف جدوى واستدامة هذه التقنية وغيرها من تقنيات المحافظة على المياه خلال تنفيذ المبادرة.
ومن الفوائد الأخرى للمبادرة زيادةُ مستوى المياه السطحية والمتجدّدة من خلال خفض درجة الحرارة وامتصاص ثاني أكسيد الكربون للحد من التلوث.
أمثلة أخرى على الالتزام البيئي
جدير بالذكر أن أرامكو السعودية قد زادت من تركيزها على حماية التنوُّع الحيوي وتعزيزه، حيث نفذت في السنوات الخمس الأخيرة وحدها العديد من المبادرات واسعة النطاق للمحافظة على التنوع الحيوي، ومنها ما يلي:
-إنشاء منطقة مسيّجة بطول 637 كيلو متراً مربعاً في منطقة الشيبة للمحافظة على أكثر من مئتي نوع من الحيوانات والنباتات المحلية والمهاجرة.
-إعادة توطين المها العربي وغزال الرمال العربي والنعام في محمية الشيبة للحياة البرية بعد انقراضها من المنطقة منذ عقود.
- زراعة مليوني شجرة مانغروف على ساحل الخليج العربي.
- حماية وتأهيل الأراضي الرطبة في غرب مدينة بقيق ذات الشهرة الواسعة على مستوى العالم.
- إنشاء حديقة إيكولوجية للمانغروف في خليج تاروت.
- رصد أعداد جميع أنواع الطيور في المملكة العربية السعودية وأماكن انتشارها.
- إعداد الأطلس البحري لغرب الخليج العربي.
- إعداد الدليل الميداني للتنوُّع الحيوي في الظهران.
- إجراء دراسات مسحية شاملة للتنوع الحيوي في عديد من مرافق أرامكو السعودية في أنحاء المملكة العربية السعودية، ومنها أبها، وبقيق، والباحة، والظهران، وخطوط أنابيب شرق- غرب، وحرض، وخريص، والخرسانية، والمدينة، ومدين، وراس سويهل، والسفانية، وتناقيب، والعضيلية، وغيرها من المواقع.
الأشجار المحلية المدرجة ضمن مبادرة المليون شجرة
سوف تتولى أرامكو السعودية زراعة أشجار وشجيرات ونباتات محلية تشتهر بها كل منطقة محلية حتى تنمو وتتكاثر، ومنها ما يلي:
الضال (Ziziphus nummularia) :
شجيرة متأقلمة مع مناخ الصحراء ويصل ارتفاعها عادةً إلى مترين. أوراق شجرة الضال دائمة الخضرة وفيها أزهار تحمل في مجموعات وتتشكّل على هيئة خيمة، وثمارها تشبه التفاح. وتُعدُّ شجرة الضال من النباتات المحلية شديدة التأقلم مع ظروف الصحراء بجذورها الوتدية وأوراقها الجلدية ومقاومتها للجفاف وتحمّلها العالي للأملاح.
السلم (Acacia ehrenbergiana) :
شجرة صحراوية طويلة شوكية واسعة الانتشار في شبه الجزيرة العربية. وهي من الشجيرات الطوال التي تتميز بفروع حمراء أرجوانية إلى رمادية. وينبت هذا النوع من الأشجار في الوديان والأرض الجرداء وفي الفياض ومجاري الماء، ولا ينبت هذا النوع من الشجر منفردًا بل يكون في مجموعات مختلطًا بغيره من الأشجار. وتُعدُّ أشجار السلم من أكثر الطلحيات قدرة على تحمل الجفاف، ويمكن قطع الماء عنها تدريجيًا بعد السنة الأولى من الزراعة.
السمر (Acacia tortilis) :
تُعدُّ أشجار السمر ذات قمة مستوية، وهي من الأشجار الصحراوية في إفريقيا والمملكة العربية السعودية، وهي مقاومة للمناخ القاسي في الصحراء. ومظهرها العام مثلث الشكل، وتكون قمتها مستديرة غير منتظمة الأفرع، وأوراقها وثمارها ملساء، وهي تنمو في الأودية والرمال المنبسطة وفي المناطق المنخفضة. وأزهار شجرة السمر بيضاء مصفرة عطرية، وتتميز ثمارها بأنها عبارة عن قرون ملتفة تشكّل حلقة متماسكة. وأشجار السمر دائمة الخضرة وتكون وريقاتها صغيرة وفي قاعدتها أشواك حادة.
الغاف (Prosopis koelziana) :
شجيرة طويلة يبلغ ارتفاعها نحو 12 مترًا. فروعها بيض أو رمادية مبيضة، أو بنّية فيها بياض لامع، وأشواكها قصيرة متناثرة غير منتظمة. وينمو هذا النوع من الأشجار في ثلاثة مواقع في المنطقة الشرقية: الموقع الأول في منطقة ثاج في وادي المياه، والموقع الثاني في الونان جنوب الصرار والأشجار في هذا الموقع تتعرّض للرعي الشديد، والموقع الثالث في شمال الأحساء وتحديدًا بلدة المراح، وتزرع هذه الأشجار أيضًا للظلال والزينة في بعض قرى الأحساء.
الأثل (Tamarix aphylla):
شجيرة موطنها المناطق التي تتمتع بمناخ البحر الأبيض المتوسط من شمال إفريقيا وحتى جنوب شرق آسيا، ويوجد هذا النوع في جميع أنحاء المملكة ويصل ارتفاعه إلى 15 مترًا، وهو نبات سريع النمو ويُستخدم كمصد للرياح وفي تحديد الحقول.
وتتحمل هذه الشجرة الأملاح والصقيع وتناسبها المواقع المجاورة لمجاري المياه.
الأراك (Salvadora persica) :
شجرة كثيرة الأفرع يصل ارتفاعها إلى أكثر من ثمانية أمتار، وتوجد في الصحراء من المحيط الأطلسي إلى البحر الأحمر والجزيرة العربية والهند وإفريقيا. وشجرة الأراك دائمة الخضرة، وفروعها متدلية ملساء أسطوانية وعليها خطوط دقيقة وتنمو في مختلف الظروف المناخية، ولها مكانة لدى المسلمين لأنها من أفضل الشجر الذي يُصنع منها السواك.