السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أتيكم اليوم بموضوع أجده مهم في الآطلاع عليه كونه يخص بعض من عادات العرب وتقاليدهم وأخص بالذكر (( تحاياهم )) منذ الجاهلية والى وصولهم لمرحلة التهذيب في الدين الآسلامي الحنيف . اذا موضوعنا اليوم هو ....؟؟ تحايا العرب ....
التحية عند العرب الاوائل
عرب الجاهلية كانوا يعرفون الرب الواحد الأحد ولكنهم جعلوا الاوثان وسيلة يتقربون بها إلى الله
أبيت اللعن: هذه هي تحية العرب الى ملوكها وامرائها في العصر الجاهلي, فاذا دخل العربي على الملك او الامير فانه يحييه بـ »أبيت اللعن« ومعنى ذلك: انك ايها الملك ابيت ان تأتي ما تلعن عليه, اي: لا يوجد فيك عذروب (عيب) تلعن عليه.
أنعم صباحا أو عم صباحا: هذه هي تحيتهم بينهم في العصر الجاهلي. ومعنى: »أنعم صباحا« اي, انعم الله صباحك, من النعومة والنعمة: اللين والدعة والمال خلاف البأساء والبؤس والفقر. و»عم« هي »انعم« ولكنهم حذفوا الالف والنون استخفافا (جعل الكلمة خفيفة في النطق).
قال الشاعر الجاهلي:
»ما انعم العيش, لو ان الفتى حجر
تنبو الحوادث عنه, وهو ملموم«
قال عنترة بن شداد العبسي (مات قبيل البعثة) مخاطبا ومحييا دار عبلة:
»يا دار عبلة بالجواء تكلمي
وعمي صباحا دار عبلة واسلمي«.
الجواء: اسم مكان في نجد. تكلمي: افصحي واخبري عن عبلة
عمي صباحا: اي انعم الله صباحك.
التحية المذكورة اعلاه وقتها الصباح, وعندما يأتي المساء تستبدل لفظة الصباح ب¯ »المساء« فيقال: انعم الله مساءك. وقد يجمع احدهم الصباح والمساء في تحية واحدة لمن يحب فيقول له: انعم الله صباحك ومساءك.
وللعلم فان عرب الجاهلية يعرفون الرب الواحد الاحد »الله« , ولكنهم جعلوا الاوثان والاصنام وسيلة يتقربون بها الى الله, فديانتهم ليست وثنية معقدة كوثنية غيرهم من الامم كاليونان والرومان والفرس.
مرحبا:
تقول العرب في تحية القادم: »مرحبا« اي اتيت عندنا ولقيت رحبا وسعة, لا ضيقا: ومازالت هذه التحية مستخدمة حتى هذا اليوم, وبعضهم يضيف على مرحبا »مراحب« و»مرحبتين«.
مرحبا ومسهلا:
العرب الاوائل والاواخر يستقبلون القادم اليهم بهذه التحية: »مرحبا ومسهلا«. وبعضهم يقول: »مرحبك الله ومسهلك« معناه رحب الله بك مرحبا وانزلك بلدا سهلا, لا صعبا خشنا.
وبعضهم يستقبل ضيفه القادم اليه بهذه الكلمات:
»ارحب, ارحب.. حياك الله« ومازال العرب الحاليون في جزيرة العرب يرددون هذه الكلمات حتى هذا اليوم.
وتنادي العرب خيلها ب¯ »ارحب, وارحبي« اي توسعي وتباعدي, يقول الشاعر:
»نعلمها: هبي, وهلا, وارحب
وفي ابياتنا ولنا افتلينا«
اهلا ومرحبا:
تقول العرب الاوائل والاواخر في تحية الضيف القادم وقبل ان ينزل رحله من ظهر بعيره: »اهلا ومرحبا« اي اتيت اهلا, واتيت سعة ورحبا, فاستأنس ولا تستوحش, انزل في الرحب والسعة, واقم, فلك عندنا ذلك.
قال جواد العرب الذائع الصيت حاتم بن عبدالله بن سعد بن الحشرج الطائي القحطاني (ت 46 ق.ه¯ /578م) واصفا فرحه بقدوم الضيف:
»اضاحك ضيفي قبل انزال رحله
ويخصب عندي والمحل جديب
وما الخصب للاضياف ان تكثر القرى
ولكنما وجه الكريم خصيب«.
اهلا وسهلا:
مازالت هذه التحية: »اهلا وسهلا« مثل رفيقاتها السابقات مستعملة عندنا حتى هذا اليوم, ومعناها انك ايها الضيف او القادم او الزائر عندما اتيت الى مضاربنا: نزلت اهلا وحللت بلدا سهلا, لا حزنا غليظا.
قال الشاعر العربي الجاهلي السموءل بن غريض بن عاديا الغساني (ت 62 ق.ه¯) واصفا قومه الاجواد الشجعان:
»صفونا فلم نكدر, واخلص سرنا
اناث اطابت حملنا وفحول
وما اخمدت نار لنا دون طارق
ولا ذمنا في العالمين نزيل«.
الرحبة والرحاب:
الرحبة, وجمعها الرحاب: هي الارض النقية العذبة الطيبة التربة, الكريمة المنبت, التي ليست بسبخة. وتنتشر الرحاب على ساحل الخليج العربي وساحل الفرات الشرقي وعلى جيلان (جمع جال) وديان الهضبة النجدية التي تصب في نهر الفرات والخليج العربي, وعادة تحوط بهذه الرحاب الارض السبخاء. ومازال عربان البوادي يتردد عندهم حتى هذا اليوم مسمى »رحبة ورحاب« ويبنون عليها بيوتهم (بيوت الشعر) في ايام الصيف.
ونقرأ في التاريخ عن »رحبة مالك بن طوق« وهي مدينة احدثها مالك على شاطئ الفرات. ومالك بن طوق بن عتاب التغلبي, من امراء العرب ومن الفرسان الاجواد في العهد العباسي. وصفه احد شعراء الاعراب:
»فتى كسماك الغيث والناس حوله
اذا قحطوا جادت عليهم سحائبه
فلما رآني الدهر تحت جناحه
رأى مرتقى صعبا منيعا مطالبه
الدهر: عند عرب اليوم والامس وفي اللغة الفصحى يعني الفقر والقحط والمحل
هلا هلاوين:
من عادات عربان الجزيرة اليوم, اذا استقبلك احدهم مرحبا بك بقوله:
»هلا هلا« او »هلاوين« او »ألف هلا« فانك ترد عليه »المهلي ما يولي« او »حياك الله يابوهلا«.
واذكر وانا شاب صغير,(( هذه نقلا وعلى لسان صاحب المقال )) ان رجلا من قبيلتي كان جوادا كريما يكنى »ابوهلا« لكثرة ما يردد كلمة هلا على لسانه مرحبا بالضيفان والزوار الذين يفدون على ربعة بيته (الربعة: ديوان بيت الشعر).
ومن الاسماء المتداولة للرجال عند بعض قبائل جزيرة العرب »ترحيب« و»تريحيب« و»تراحيب«. لاحظ عزيزي القارئ ان تراث العرب منذ عصر الجاهلية ومرورا بكل العصور اللاحقة والاجيال المتعاقبة تميز بظاهرة اكرام الضيف, فالتحية الطيبة والمنزل الطيب والارض الطيبة وكل شيء طيب يقدم لخدمة الضيف وتوفير الراحة والامن والأمان له ولا توجد امة من الامم مثل العرب جعلت في تراثها هذا الترابط العجيب بين مكونات البيئة لخدمة الضيف.
لذلك لا نلوم الشاعر الشعبي صقار القبيسي من العرب الأواخر حينما قال:
ترى الخوي والضيف والثالث الجار
مثل الصلاة ما بين فرض وسنة
والتحية: »هلا« و»هلاوين« مثنى هلا ¯ شائعة عند الحضر والبدو, ولكن الاكثر شيوعا واستخداما عند عربان البوادي, بدلا من »هلاوين« هو: »هلوتين« مثنى هلوه فهم يجعلون »هلا« مذكر و»هلوه« مؤنث, ولكنهم لا يستخدمون »هلوه« وانما مثناها.
السلام عليكم:
لما جاء الاسلام الحنيف جاءت معه تحيته المباركة »السلام عليكم« وامر المسلمون بتبادل هذه التحية فيما بينهم, وكانت هي التحية الافضل والمتقدمة على كل التحيات التي يستعملها العرب, ولما حمل العرب المسلمون الاسلام الى الناس جميعا, وانتشر هذا الدين العظيم وحرر العباد من ظلم العباد الى عبادة رب العباد, فانتشرت مع انتشار هذا الدين تحيته الكريمة الخالدة: »السلام عليكم«.
السلام عليكم: تحية الاسلام. والسلام: امان الله في الارض وانه لا حرب هناك. والسلام: النجاة من الشر والمرض. نقول: فلان سلم من الامر سلامة وسلاما اي نجا. ونقول: سلمك الله اي وقاك ونجاك. والسلام: اصله في لغة العرب, السلامة من جميع الافات.
والسلام: اسم من اسماء الله عز وجل فهو السلام لسلامته من النقص والعيب والفناء, وهو الباقي الدائم الذي تفنى الخلائق ولا يفنى, وهو على كل شيء قدير. ودار السلام: هي الجنة التي وعد بها رب العزة والجلال عباده الصالحين, وهي امنية كل مسلم يسأل الله بان يدخله فيها.
هذا ودمتم بخير وعافية أن شاء الله تعالى