في مفاجأة قضائية مدوية في القضية الأشهر بين قضايا ثورة 25 يناير، قضت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار مصطفى حسن عبدالله امس ببراءة جميع المتهمين، 24 متهما، من رموز النظام المصري السابق في قضية قتل المتظاهرين في قلب ميدان التحرير يومي 2 و3 فبراير 2011، والمعروفة إعلاميا بـ «موقعة الجمل»، وانقضاء الدعوى الجنائية ضد النائب البرلماني السابق عبدالناصر الجابري لوفاته أثناء نظر الدعوى.
وكانت المفاجآت عديدة في جلسة الأمس، الأولى أنها كانت استكمالا لسماع بقية مرافعات الدفاع ولم تكن مخصصة للحكم، والثانية الحكم في نهاية الجلسة وسط حالة فرحة بين المتهمين وحالة دهشة بين الحضور، وفي حضور إعلامي وأمني مكثف، وهتافات بين المتهمين وأسرهم. وانخرط عدد كبير من المتهمين في البكاء.
وكان قرار الاتهام قد نص على أن فريقا من أركان نظام الحكم السابق بحكم مواقعهم في الحزب الحاكم أو السلطتين التشريعية والتنفيذية والفريق الآخر ممن صنعوا الأسماء والنجومية في أحضان النظام السابق ورعايته، وعقب انتهاء الرئيس السابق من خطابه في الاول من فبراير 2011، أراد الفريق الأول الدفاع عن بقاء النظام السابق واستمرارا لمواقعهم فيه، وأراد الفريق الثاني تقديم قرابين الولاء والطاعة حتى يستمروا تحت عباءة ورضا النظام السابق في قابل الأيام، بعد أن اعتقدوا أن الأمر سيستتب له عقب ذلك الخطاب، فتلاقت واتفقت إرادة جميع المتهمين، واتحدت نيتهم من خلال اتصالات هاتفية جرت بينهم على إرهاب وإيذاء المتظاهرين بميدان التحرير «المحتجين سلميا» على سوء وتردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية بالبلاد.
وكانت النيابة العامة المصرية قد اتهمت قيادات النظام السابق بتنظيم تشكيلات عصابية وإرهابية للهجوم على المتظاهرين في ميدان التحرير بوسط القاهرة في محاولة -باءت بالفشل- لإخراجهم بالقوة من قلب الميدان أثناء ثورة 25 يناير.
ونفى المتهمون الاتهامات المنسوبة إليهم وقالوا إنها كاذبة ومفبركة.
وتضمنت لائحة الاتهام في بداية القضية رئيس مجلس الشورى السابق وأمين عام الحزب الوطني المنحل صفوت الشريف ورئيس مجلس الشعب السابق أحمد فتحي سرور وأمين التنظيم السابق بالحزب الوطني ماجد الشربيني ووزير الإنتاج الحربي السابق وأمين عام الحزب في القاهرة محمد الغمراوي والمحامي مرتضى منصور ونجله أحمد مرتضى منصور، والنائب السابق محمد ابو العينين وآخرين، من البرلمانيين السابقين ورجال الأعمال المعروفين.
من جهة ثانية، كشف مصدر قضائي مصري، ان اللجان الفنية التي شكلها أخيرا جهاز الكسب غير المشروع، التابع لوزارة العدل، دهمت عددا من المساكن والمقار المملوكة والتي يتردد عليها عدد من رموز النظام السابق، والذي تجرى في شأنهم تحقيقات تتعلق بتحقيق كسب غير مشروع وجني ثروات طائلة على نحو غير مشروع، وأنها عثرت على مستندات تدين هؤلاء الأشخاص، وتم على الفور ضمها إلى ملف القضية الخاصة بكل متهم.
وتابع المصدر إن الجهاز يواصل تحقيقاته في ضوء البلاغات والتقارير الواردة إليه من الجهات الرقابية حول جرائم الفساد المالي لعدد من رموز النظام السابق تضخمت ثرواتهم وحققوا كسبا غير مشروع.
من جهة أخرى، حددت محكمة النقض المصرية أمس جلسة 20 ديسمبر المقبل لنظر أولى جلسات الطعن المقدم من رجلي الأعمال أمين التنظيم السابق في «الحزب الوطني» المنحل أحمد عز ورئيس هيئة التنمية الصناعية السابق عمرو عسل، على الحكم الصادر بمعاقبتهما بالسجن المشدد لمدة 10 سنوات إثر إدانتهما ووزير التجارة والصناعة السابق رشيد محمد رشيد الذي قضي بمعاقبته غيابيا بالسجن المشدد لمدة 15 عاما، في القضية المعروفة إعلاميا بـ «تراخيص الحديد».
وتضمن حكم الجنايات أيضا تغريم كل من عز وعسل 660 مليون جنيه وإلزامهما برد رخصتي الحديد الخاصتين بشركة عز الدخيلة وعز للصلب المسطح وتغريم رشيد محمد رشيد مليار و 414 مليون جنيه وإزامه برد رخصتي الحديد، مع عزل كل من عسل ورشيد من وظيفتيهما.
من ناحية اخرى، أعلن النائب العام المساعد والناطق الرسمي للنيابة العامة عادل السعيد، أن النيابة تلقّت بلاغات عدة تتضمن تربح نجل الرئيس السابق جمال مبارك، من إجراءات شراء ديون مصر إبان فترة عمله في أحد المصارف الأجنبية في الخارج خلال العام 1986 بمساعدة عدد من المسؤولين في البنوك وقتئذ.
وقال السعيد «إن النيابة العامة أمرت بتشكيل لجنتين لفحص القواعد محل البلاغات، حيث تتكون اللجنة الأولى من الخبراء المختصين بوزارات الصناعة والتجارة والداخلية والمالية، إضافة إلى البنك المركزي المصري، لبيان القواعد التي تم وضعها لتنظيم عملية سداد ديون مصر، وعما إذا كان بها أو في تطبيقها أو تنفيذها ثمة مخالفات ترتب عليها إضرار بالمال العام أو إهداره، وتحديد المسؤول عن ذلك، وبيان مدى اتصال جمال مبارك أو أي من أسرة الرئيس السابق أو أصهاره بتلك الوقائع أو الاستفادة منها من عدمه».
وأشار «إلى تشكيل لجنة أخرى من الجهاز المركزي للمحاسبات لفحص النتائج التي توصلت إليها اللجنة السابقة»، لافتا إلى أن «التحقيق لايزال جاريا في الواقعة، التي لم تشمل سؤال محافظ البنك المركزي الدكتور فاروق العقدة، لأنه لم يكن يشغل ثمة وظيفة وقت ذاك لها صلة بالوقائع التي تضمنتها البلاغات موضوع التحقيقات».