اللهمّ اغفر لي الذّنوب الّتي تهتك العصم ، اللهمّ اغفر لي الذّنوب الّتي تنزل النّقم ، اللهمّ اغفر لي الذّنوب الّتي تغيّر النّعم ، اللهمّ اغفر لي الذّنوب الّتي تحبس الدّعاء ، اللهمّ اغفر لي الذّنوب الّتي تنزل البلاء ، اللهمّ اغفر لي الذّنوب الّتي تقطع الرّجاء ، اللهمّ اغفر لي كلّ ذنب أذنبته ، وكلّ خطيئة أخطأتها ...
وحكت هذه الفقرات امّهات الذنوب ، وكبائر الموبقات التي لها الآثار الوضعية المدمّرة التي تجلب للإنسان الشقاء والهلاك ، وهي على أنواع ، عدّ الإمام عليه‌السلام منها ما يلي :
١ ـ الذنوب التي تهتك العصم :
وهي الذنوب التي تزيل عصمة العبد عن ربّه ، وقد ذكرها الإمام الصادق عليه‌السلام وعدّ منها : شرب الخمر ، واللعب والقمار ، وفعل ما يضحك الناس من المزاح ، واللهو ، وذكر عيوب الناس ، ومجالسة أهل الريب (١).
إنّ هذه الآثام تزيل عصمة الإنسان ، وتلقيه في شرّ عظيم.
٢ ـ الذنوب التي تنزل النّقم :
وهي الذنوب التي توجب نقمة الله تعالى من مقترفها ، وقد أدلى الإمام
__________________
(١) أضواء على دعاء كميل : ١٢٥.

الصادق عليه‌السلام ببعضها ، وهي : نقض العهد ، وظهور الفاحشة ، وشيوع الكذب ، والحكم بغير ما أنزل الله تعالى ، ومنع الزكاة ، وتطفيف الكيل ، فإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « خمس بخمس ».
قالوا : يا رسول الله ، ما خمس بخمس؟ فقال :
« ما نقض قوم العهد إلاّ وسلّط الله عليهم عدوّهم ، وما ظهرت عنهم الفاحشة إلاّ وقد فشا فيهم الموت ، وما شاع فيهم الكذب والحكم بغير ما أنزل الله إلاّ وقد فشا فيهم الفقر ، وما منعوا الزّكاة إلاّ وحبس عنهم القطر ، وما طفّفوا الكيل إلاّ منعوا النّبات واخذوا بالسّنين » (١).
فهذه الذنوب هي التي توجب نقمة الله على عباده وأخذهم بالعذاب الأليم.
٣ ـ الذنوب التي تغيّر النّعم :
أمّا الذنوب التي تغيّر نعم الله وتحجبها عن الإنسان ، فقد تحدّث عنها الإمام الصادق عليه‌السلام بقوله :
« ترك شكر المنعم ، الافتراء على الله والرّسول ، قطع صلة الرّحم ، تأخير الصّلاة عن أوقاتها ، الدّياثة ، وترك إغاثة الملهوفين المستغيثين ، وترك إعانة المظلومين » (٢).
إنّ هذه الذنوب هي التي تزيل نعم الله عن عباده وتحجبها عنهم.
٤ ـ الذنوب التي تحبس الدعاء :
أمّا الذّنوب التي تحبس الدعاء ، ولا تجعله يصل إلى الله تعالى ، فهي ما يقترفه الإنسان من الأعمال المنكرة ، والتي منها أكل مال الناس بالباطل ، وعدم
__________________
(١) و (٢) شرح دعاء كميل للسبزواري : ٦٣ ، ٦٤.

الاتّكال على الله ، والغرور ، وغير ذلك من الرذائل والموبقات.
٥ ـ الذنوب التي تنزل البلاء :
أمّا الذنوب التي تنزل البلاء والعقاب ، فقد جاء في بعض الأخبار أنّها سبعة :
وهي الشرك بالله ، وقتل النفس التي حرّم الله تعالى ، وقذف المحصنة ، وأكل مال اليتيم ظلما ، والزنا ، والفرار من الزحف ، والسرقة (١).
وهذه بعض الذنوب التي تكون سببا لنزول البلاء على الإنسان.
٦ ـ الذنوب التي تقطع الرجاء :
أمّا الذنوب التي تقطع الرجاء بالله ـ أعاذنا الله منها ـ فهي اليأس من روح الله ، والقنوط من رحمة الله ، والثقة بغير الله ، والتكذيب بوعيد الله ، كما في الحديث ، أنّ هذه الآثام تقطع الصلة بين العبد وخالقه ، وتلقي الإنسان في متاهات سحيقة من الضلال. ونعود إلى الاستمرار في دعاء الإمام عليه‌السلام ، قال :
اللهمّ إنّي أتقرّب إليك بذكرك ، وأستشفع بك إلى نفسك ، وأسألك بجودك أن تدنيني من قربك ، وأن توزعني شكرك ، وأن تلهمني ذكرك. اللهمّ إنّي أسألك سؤال خاضع متذلّل خاشع ، أن تسامحني وترحمني ، وتجعلني بقسمك راضيا قانعا ، وفي جميع الأحوال متواضعا ...
وحكت هذه الفقرات أجمل ما توسّل به العارفون إلى الله تعالى ، فقد طلب الإمام من الله تعالى أن يقرّبه إليه زلفى ، وأن يوزعه شكره ويلهمه ذكره ، ويجعله راضيا بما قسمه له ... ويستمر الإمام في دعائه قائلا :
__________________
(١) أضواء على دعاء كميل : ١٣٢.