يعتبر عالم اللاهوت السويسري الدكتور هانز كونج Hans Küng أحد أكبر علماء اللاهوت الكاثوليكي، وأحد رواد البحث عن الحقيقة، فهو ينشد الحق أينما كان، وبعد دراسات مضنية ومقارنات دقيقة في العقائد، متحريًا الدقة الكاملة بعقلية يقظة وفكر يتوهَّج وذكاء متوقد، ليصبح في عام 1986م مديرًا لمعهد الأبحاث المسكوفية في (توبنجن) بألمانيا.
قصة إسلام هانز كونج
بعد الدراسات التي أجراها، والبحوث التي أعدها، والمقارنات التي فرَّق خلالها بين حق جليٍّ وباطل خفيٍّ، توصَّل إلى أن الإسلام هو دين سماوي حقيقي، وأن محمدًا رسول الله قد تلقى وحي الله، وبلغه كما أمره الله.
ولم يجد أشهر علماء اللاهوت في ألمانيا بُدًّا من إعلان الحقائق التي توصل إليها، فالحقيقة يتحتم إظهارها؛ إنصافًا للحق.
لقد شَجَر خلاف عنيف، وبدأ صراع بين حقٍّ يريد أن يعلنه أكبر علماء اللاهوت الدكتور هانز كونج، وبين رجال الأصولية الكاثوليكية الذين فوجئوا بعالم له مكانته العلمية الهائلة يدعو إلى الإسلام، ويصدِّق برسول الله ويؤمن به. ثم وصل الخلاف منتهاه مع بابا الفاتيكان بعد أن نشر كتابه الخطير المفصح عن الحقائق بأدلة وبراهين لا تقبل الشك، ذلك الكتاب هو (المسيحية والأديان الأخرى)(1).
لقد كان من المثير حقًّا تأكيد (هانز كونج) تسليمًا ويقينًا جازمًا بأن محمدًا صلى الله عليه وسلم هو رسول حقيقي بمعنى الكلمة، وأن القول بغير ذلك زعم كاذب، ووهم باطل يفتقر للبرهان.
إسهامات هانز كونج
استطاع هانز كونج الدفاع عن الإسلام ومواجهة أفكار الكنيسة، وأن الكنيسة لا يمكنها أن تستمر بعد ذلك في إنكار نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه رسول الله تلقَّى وحي السماء، وهو رسول حقيقي بكل معاني الكلمة.
لقد استطاع هانز كونج أن يُقيم الحجج الدامغة والبراهين الساطعة التي لا يتطرق إليها أدنى شك على تفنيد حجج خصومه الواهية عن دين الإسلام ونبي الإسلام، بل إنه -حبًّا في الإسلام واستمساكًا بمبادئه- طلب من خصومه الساخطين عليه في الكنيسة الكاثوليكية أن يحاولوا فهم الإسلام، وأن يراعوا ضمائرهم، ويؤدوا واجبهم ولو لمرة واحدة في حياتهم تجاه هذه الديانة العالمية التي طال تجاهلها. ويبدو أن القساوسة الكاثوليك قد استجابوا لهذه الدعوة بدراسة القرآن وفَهْم مبادئ الإسلام وعقائده، فلما تبيَّن لهم أنه الحق اعتنق الإسلام اثنان من القساوسة تابعين (لأبرشية باريس) بعد اقتناعهما وتصديقهما بما جاء في القرآن(2).
من أقوال هانز كونج: "محمد نبي حقيقي بمعنى الكلمة، ولا يمكننا بعد إنكار أن محمدًا هو المرشد القائد على طريق النجاة"(3).
المصدر: كتاب (عظماء أسلموا) للدكتور راغب السرجاني.
(1) مفيد الغندور: الإسلام يصطفي من الغرب العظماء ص170.
(2) المصدر السابق ص171.
(3) شوقي أبو خليل: الإسلام نهر يبحث عن مجرى، ص15.