العيد في الإمارات.. حنين إلى الماضي وتطلع للمستقبل
المصدر: أبوظبي ـ وام
تحتفل دولة الإمارات العربية المتحدة اليوم بعيد الفطر المبارك من خلال عادات وتقاليد راسخة تجمعها بكثير من المجتمعات العربية والإسلامية في هذه المناسبات السعيدة.
وتتسم مباهج العيد في الإمارات بارتباطها بالعادات والتقاليد والموروث الشعبي الذي يحرص عليه الآباء والأسرة عموما بدءا من الخروج إلى مصليات العيد في الصباح لتنطلق الألسن بالتكبير والتهليل معلنة بداية مظاهر اليوم الأول بتأدية هذه الشعيرة المباركة.
ثم تبادل التهاني والتبريكات بين أفراد المجتمع ومن ثم يتم اجتماع أفراد كل منطقة في مجلس عام أو منزل إحدى الشخصيات الاجتماعية البارزة يتبادلون خلاله التهاني ويتناولون وجبات العيد الشعبية المتعارف عليها كوجبة الهريس المعروفة والحلوى والقهوة العربية في أجواء اجتماعية تنم عن الترابط والتكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع.
وفي العصر تصطف فرق الفنون الشعبية في الساحات والميادين العامة مطلقة أهازيجها بالتزامن مع أدائها الحركي المتميز كالعيالة والحربية والتي عادة ما تتغنى في هذا اليوم بهذه المناسبة السعيدة.
وفي هذا السياق استرجع المواطن عبدالله المزروعي ، 70 عاما، ذكرياته التي لملمها أمام مرأى عينيه، وقال: إن الاستعداد للعيد في الماضي كانت تشوبه حركة غير طبيعية فكل الأشياء كانت تحضر قبل 3 أيام من تجهيز لمائدة العيد وشراء الطيب والبخور اللازم (وعاداتنا لم تتبدل مع الأيام ومازلنا نمارس طقوسها.
ومع أول ساعة من صباح العيد يتجمع الناس لصلاة العيد وبعد الصلاة يقوم الناس بتهنئة بعضهم البعض في المصلى بترديد عبارة "كل عام وأنتم بخير" و"عساكم من عواده" و" تقبل الله طاعتكم" وغيرها ثم يذهب الناس إلى منازلهم استعدادا للزيارات العائلية واستقبال الضيوف من الأهل والأقارب).
ذكريات جميلة
وتنتقل ذاكرة المزروعي من زوايا المنزل إلى أزقة الفرجان والأحياء وقال: (في هذه الصدد إن الزيارات المتبادلة مازال لها رونقها الخاص في كل بيت، فالمقتدرون يقدمون الهدايا والعيدية والبعض يقدم الحلويات فكل حسب عطائه وطبقته الاجتماعية والكل يقدر الآخر كنوع من التضامن الاجتماعي فالمجالس مفتوحة والأطفال ينتقلون من منزل إلى آخر).
ويستذكر العيد في الماضي موضحا (في الصغر كنا نلعب في أزقة منازلنا وكانت لدينا ألعابنا البسيطة التي نحصل عليها، كما أن بعض الأطفال يفترشون الأرض ويبيعون بعض الحلويات كنوع من التقليد للكبار والشعور بأنهم تجار).
وأضاف: (الأسواق أيام أول كانت صغيرة وتعج بالحركة من العصر لاكتظاظها بالمتسوقين من أجل تجهيز أغراض العيد واليوم لم يعد كما كان سابقا)، وأرجع ذلك إلى تنوع وانتشار المجمعات الاستهلاكية والمراكز التجارية ومع وجود أيضا أماكن ترفيه مختلفة تناسب كل الأذواق.
وقال: (إن الحياة تعقدت وما عادت الفرجان هي الملجأ الأساسي فسابقا الكل يعرفك وتوجد بعض من المشاعر الحميمية بين الناس، أما اليوم فالجار لا يعرفك في المدن الجديدة لكن بعض القرى وبعض المدن الصغيرة مازالت تحتفظ بأصالتها العريقة كما أن رائحة العيد كانت تستمر 3 أيام متواصلة من تبادل الزيارات والتواصل بينما في الوقت الحاضر فمنذ حلول العصر لليوم الأول تتلاشى رائحة العيد ولا تشعر بها.
عادات راسخة
من جانبها، قالت المواطنة عائشة سلطان عبدالله ،75 عاما: (الشكل العام للاحتفال بعيد الفطر لم يتغير فالأم تحرص قبل قدوم العيد على ترتيب المنزل وتنظيفه وتحضير متطلبات الوجبات الغذائية خاصة التي تحرص العائلة الإماراتية على تجهيزها أيام العيد مثل الحلويات والخبز بشتى أنواعه، ومنها الخنفروش وخبز المحلى والرقاق والجباب والخبيصة والهريس، والهريس أكلة مشهورة وتتكون من اللحم والقمح والماء والبلاليط والساقو واللقيمات والأخيرة لها شعبية كبيرة.
إضافة إلى أشكال أخرى من الحلويات والقهوة العربية وأنواع مختلفة من التمور كل هذا يقدم صباحا، أما المالح الذي لا يستغنى عنه بمائدة عيد الفطر يقدم على مائدة الغداء أول يوم العيد إذ يجتمع الأهل والأصدقاء على وليمة تتكون من السمك المالح ويقدم مع أرز أبيض يغسل ويفور ويقدم مزينا بقطع الليمون والبصل.
كما يقدم على مرق ويسمى مرق مردودة وهي على شكل صالونة بالبصل والطماطم والثوم ومختلف التوابل ويقدم مع الأرز وهذه التقاليد ما زالت موجودة وحافظت عليها الأسرة الإماراتية وان دخلت إلى موائدنا البقلاوة والكنافة وغيرها).
وأوضحت: (أن تقديم مثل هذه الوجبات من العادات الجميلة والتقليدية التي عرفت في الإمارات ومارسها آباؤنا وأجدادنا منذ زمن طويل ولا يزال الجيل الحالي يحافظ عليها كونها من العادات الطيبة التي نحرص جميعا على استمرارها وحتى جيل الشباب الحالي يحرص على المساهمة بفعالية في مراسم تجهيز هذه الأكلات حيث إنها تقليد متبع في العيد كما يحرص الآباء على تعليم وتشجيع أبنائهم على هذه العادة الطيبة ويكونون بالتالي قد ساهموا في ديمومة هذه العادة التي كان يمارسها أفراد المجتمع منذ فترة طويلة).
استعدادات ضرورية
وأشارت إلى أن النساء والفتيات يستعددن لنقش أيديهن بالحناء الحمراء ليلة العيد واليوم يتفنن بها ويرسمن أشكالا فريدة وعجيبة بألوان مختلفة في مراكز التجميل التي تشهد طلبا وتنتعش سوقها قبل وأيام العيد.
وقالت: (الفتيات من جانبهن في الماضي يحرصن على تجهيز ثياب للعيد وهذه تكون حسب إمكانية دخل الأب فبعض الفتيات يجهزن فساتين بعدد أيام العيد وأخريات يكتفين بثوب واحد واليوم تتقابل الفتيات من خلال التجمعات والقيام بزيارات إلى الأهل والأصدقاء وربما قضاء يوم كامل في بيت الجد او كبير الأسرة وهكذا).
وأضافت عائشة: (الصغار في العيد أوفر حظاً من الكبار حيث يتلقون (العيدية) وهي عبارة عن هدايا مالية من أقاربهم وإخوانهم ويحرص الكبار على تجهيز العيدية من خلال زيارة البنوك وطلب الخردة (النقود) ويتم توزيعها لمرة واحدة على كل طفل وطوال أيام العيد).
وعن العيدية، قالت: (من الأولويات المهمة التي يحرص الآباء على تجهيزها قبل العيد وهي غالبا ما تكون مبالغ نقدية يعطيها الأب أو الأخ أو الأخت وربما الجدة ما قبل العيد أو في صباح اليوم الأول ويحرص الأشخاص الذين يعطون العيديات ان تكون عملة جديدة ولم يسبق لها أن تم تداولها ولذلك فهناك زخم كبير وطلب على تلك المبالغ وفي الماضي كانت العيدية عبارة عن عملة نقدية من المعدن.
وكنا نفرح بها كثيرا والآن هذه العملة لا يرضى بها الطفل وهناك بعض الأطفال يستغلون تلك العيديات ويجمعونها لتكون ادخارا جديدا لشراء أشياء مهمة أما البنات فغالبا ما يشترين اللعب والحقائب الصغيرة وغيرها).
عيد الأطفال
وأضافت(كذلك يحظى الصغار بالذهاب إلى الحدائق وركوب "المراجيح" وتناول الأنواع المختلفة من المأكولات المجهزة ويشاركون في التسابق والدخول إلى الألعاب العصرية التي وفرتها ملاعب الأطفال والتمتع بأوقات العيد".
وتتحول سماء الإمارات في العيد إلى (قوس قزح) بألوان الألعاب النارية التي ستزينها ومن المؤكد أنها ستنال أعجاب الجميع خاصة الذين يرغبون في الاحتفال وسط أجواء صاخبة .
زينة
تزدان شوارع الإمارات بالأعلام واللوحات الضوئية التي تكتب عليها عبارات معايدة مثل (عساكم من عواده) أو (مبارك عليكم العيد) لتبهر المارين فيها وتضعهم في أجواء العيد المميزة وتدخل الفرح إلى قلب الكثيرين.
مقومات العيد تناسب احتياجات جميع الزوار
تعتبر الإمارات هذا العام وجهة سياحية تستقبل الزوار الذين رغبوا بقضاء عطلة عيد الفطر السعيد متنقلين بين مدنها ومناطقها التي وفرت كل مقومات الفرح والاحتفال للكبار والصغار منهم.
وتتنوع مقومات العيد في الإمارات لتناسب ذوق واحتياجات كل مواطن ومقيم وكل زائر جديد فمن يرغب بقضاء العيد بطريقة تقليدية في أماكن تجمع بين أصالة الماضي والحاضر عيده فسيكون أفضل في العين وأبوظبي والفجيرة ورأس الخيمة حيث الحصون والقلاع التي تركها التاريخ لا زالت تشهد على ماضي الإمارات العريق.
ومن يرغب في زيارة الأماكن الدينية والإسلامية عليه ان يؤدي صلاة العيد في جامع الشيخ زايد الكبير في أبوظبي ثم التوجه إلى مدينة الشارقة ذات الطابع الإسلامي ولا يفوته ان يمر على واجهة المجاز المائية المطلة على بحيرة خالد للاستمتاع بعدد كبير من الفعاليات الترفيهية.
وتستقبل دبي درة الخليج العيد بأجواء احتفالية تنشر الفرحة والسعادة لكل زوارها الذين يداومون كل سنة على حضور الدورة الخامسة من مهرجان /العيد في دبي/ باعتباره من أهم الفعاليات والمهرجانات الاحتفالية على المستويين الإقليمي والدولي.
ويتسم المهرجان بطابع فريد ومميز اذ انه يحتضن سنويا زوارا من مختلف الجنسيات والأعمار ليجد فيه الجميع ضالته عبر برامج ترفيهية للكبار والصغار وعروض موسيقية وتراثية شعبية.
وهواة السياحة البيئية سيجدون البادية والمناطق البرية التي تستحق الزيارة كما ستستقبلهم حديقة حيوان العين والتي تضم أكثر من 4 الاف حيوان من 168 نوعا وتعتبر مثالا للحفاظ على الحياة البرية على الصعيدين المحلي والدولي كما يمكنهم زيارة "مبزرة الخضراء" على سطح جبل حفيت للاستمتاع بالطبيعة الجبلية.