بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: "والذي لا إلهَ إلّا هُو، لا يَحسُنُ ظَنُّ عبدٍ مُؤمِنٍ بِاللّهِ؛ إلّا كانَ اللّهُ عندَ ظَنِّ عَبدِهِ المؤمِنِ؛ لأنَّ اللّهَ كَريمٌ بيَدِهِ الخَيراتُ، يَستَحيِي أن يكونَ عَبدُهُ المؤمِنُ قد أحسَنَ بهِ الظَّنَّ، ثُمّ يُخلِفُ ظَنَّهُ ورَجاهُ، فَأحسِنُوا باللّهِ الظَّنَّ وارغَبُوا إلَيهِ".
التوحيدُ الحقيقيُّ لله عزَّ وجلَّ يُؤدِّي بالمؤمن إلى أنْ يَرىَ كلَّ شيءٍ بعينِ اللهِ عزَّ وجلَّ، فخيرُ الدنيا وكلُّ ما يصلُ للإنسان هو بتقديرٍ من الله عزَّ وجلَّ، وكذلك خيرُ الآخرة.
ولمّا كانت الدنيا محفوفةً بالبلاءاتِ والمصاعبِ والمتاعبِ، وحالُ الإنسان فيها الحذرُ دوماً ممّا يأتيه من هذه الأمور التي يخشاها، فإنّ المؤمنَ يحملُ صفةً تجعلُهُ يتغلَّبُ على كلِّ خشيةٍ وخوفٍ وهي حسن ظنِّه بالله عزَّ وجلَّ، وإلى هذا تُشيرُ الروايةُ عن النبيِّ صلّى الله عليه وآله حيث يَجعلُ بابَ حُسنِ الظنِّ من أبوابِ الوصولِ إلى الخيرات.
إنّ الإنسانَ إذا كان يَتوقّعُ الخيرَ دائماً من عند اللهِ عزَّ وجلَّ فإنّ اللهَ عزَّ وجلَّ سوف يُعطيه ذلك، فعن الإمام الرضا عليه السلام: "أحسِنِ الظنَّ باللهِ"، فإنَّ الله عزَّ وجلَّ يقول : "أنا عندَ ظنِّ عبديَ المؤمن بي، إن خيراً فخيراً، وإن شراً فشراً".
وهذا الأمرُ كما يَرتبطُ بحياةِ الإنسانِ على المستوى الفرديِّ وفي الجوانبِ الخاصّةِ يرتبطُ أيضاً بالأمّةِ كلِّها وبالجماعةِ الصالحةِ، وهذا يعني أنّه في المفاصلِ والأمورِ التي تُشكِّلُ أحداثاً مصيريّةً ترتبطُ بالصالحين جميعاً عليهم أن يكونوا عند حسنِ ظنِّهم بالله عزَّ وجلَّ، وأن لا يكونَ أملُهُم في شيءٍ إلا في العطاءِ الإلهيِّ انطلاقاً من مفهومِ التوحيدِ الحقيقيِّ وأنّ الأمورَ كلَّها بيدِ اللهِ عزَّ وجلَّ.
وهكذا يتوجّه المؤمنون دائماً إلى يَقينِهم بالحكمةِ الإلهيّةِ في كلِّ ما يُقدِّره لهم، سواء كانوا يرونه خيراً أو لا، ولذا مهما اشتدّت المصاعبُ وتكالبَ الأعداءُ عليهم فإنّ ذلك لا يُثنيهِم عن الإقدامِ على القيامِ بوظائِفِهم بل يَشتدُّ عَزمُهم وإرادتُهم لما يرونْه من الثقةِ باللهِ عزَّ وجلَّ.
وإذا أعطاهمُ اللهُ عزَّ وجلَّ نصراً وعزاً وكرامةً، فذلك لما لديهم من ثباتٍ ومن حُسنِ ظنٍّ، لأنّ ذلك يدفعُهُم للعمل والجدِّ والمثابرة على توفير أسباب النصر، وينطلقُ ذلك من الإلتزامِ بالتكاليفِ الإلهيّةِ والعملِ بأوامرِه، فعن أميرِ المؤمنينَ عليه السلام: "وإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ يَشْتَدَّ خَوْفُكُمْ مِنَ اللَّه، وأَنْ يَحْسُنَ ظَنُّكُمْ بِه فَاجْمَعُوا بَيْنَهُمَا، فَإِنَّ الْعَبْدَ إِنَّمَا يَكُونُ حُسْنُ ظَنِّه بِرَبِّه، عَلَى قَدْرِ خَوْفِه مِنْ رَبِّه، وإِنَّ أَحْسَنَ النَّاسِ ظَنّاً بِاللَّه أَشَدُّهُمْ خَوْفاً لِلَّه".
ولذا لا ينبغي أنْ يواجه الناسُ خوفاً من عدوٍّ، يقولُ الإمامُ الخامنئي: "كما حصلَ أنّ البعضَ شعرَ بالخوفِ من قوّةِ العدوِّ في معركةِ الأحزابِ والبعضَ الآخرَ صَمَدَ أمامَ العدوِّ في ضوءِ حُسنِ ظنِّه بالوعدِ الإلهيِّ، اليومَ أيضاً فإنّ البعضَ يَشعرُ بالخوفِ أمام هيمنةِ وقوّةِ أميركا العسكريّةِ والدبلوماسيّةِ والإعلاميّةِ ومساعداتِها الماليةِ ويعتقدون بأنّه لا يُمكنُ الصمودُ أمامَ أميركا في حين أنّ الوعدَ الإلهيَّ المحتمَ هو أنّه «ليُنصرنّ من يَنصُره»".
ويضيف: "إنّ نتيجةَ حسنِ الظنِّ بالوعدِ الإلهيِّ هي الصمودُ والتقدّمُ إلى الأمام في حين إن نتيجةَ سوءِ الظنِّ باللهِ هي الإستسلامُ أمامَ العدوِّ".