بحث رائع: ظاهرة إعصار النار
في هذا البحث العلمي نستعرض آخر الدراسات العلمية 2013 حول "إعصار النار" Fire Tornado ، وكيف جاء الوصف القرآني مطابقاً للحقيقة العلمية....
ملخص البحث
في هذا البحث العلمي نتأمل الاكتشاف الجديد الذي أسماه العلماء "إعصار النار" Fire Tornado ، وكيف جاء الوصف القرآني مطابقاً للحقيقة العلمية، وأن العلماء يعترفون بأن هذا النوع من الأعاصير لم يكن معروفاً حتى قبل سنوات قليلة. ولكن في القرن الحادي والعشرين وتحديداً في أواخر عام 2013 تمكّن العلماء باستخدام الأقمار الاصطناعية والرادار ومختبرات الأبحاث المحمولة على المناطيد، من تصوير وتحليل ودراسة هذا النوع من الأعاصير نادرة الحدوث، وتبين بالفعل أن التعبير القرآني "إعصار فيه نار" أكثر دقة من المصطلح العلمي "إعصار النار" Fire Tornado .
سوف نتناول تركيب إعصار النار من الناحية الفيزيائية كما كشفه العلماء حديثاً لنثبت دقة التعبير القرآني حيث عبر القرآن عن هذا الإعصار بقوله تعالى: (إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ) ولم يقل مثلاً إعصار له نار، أو إعصار من النار... أي أن التعبير القرآني يتفق مع الحقيقة العلمية.
كما يتناول البحث حقيقة علمية عرضت للمرة الأولى في أواخر عام 2013 حيث صرح العلماء بأن هذا النوع من الأعاصير لم يكن معروفاً من قبل وأول توثيق علمي له كان عام 2003 ولم تتضح الرؤيا أمام العلماء إلا في عام 2013 حيث استخدم العلماء التكنولوجيا الحديثة لدراسة هذه الظاهرة المرعبة ... وهذا البحث يثبت بالدليل العلمي أن أول إشارة علمية لظاهرة إعصار النار جاءت في القرن السابع الميلادي في كتاب الله تبارك وتعالى، أي قبل 14 قرناً من توثيق العلماء لهذا الإعصار... وهذا يثبت السبق العلمي للقرآن الكريم في هذا المجال.
مقدمة
منذ أكثر من عشرين عاماً وأنا أبحث عن إعصار النار الذي ورد ذكره في القرآن الكريم ولكن من دون فائدة، لأن جميع الأبحاث العلمية لم تتحدث عنه ولم يشاهده أحد من قبل. فالإعصار غالباً ما يحدث في بيئة باردة نسبياً ويترافق مع العواصف الرعدية والأمطار والرياح الشديدة ولا مكان في هذه البيئة للنار.
ولكن قبل ثلاث سنوات وتحديداً في عام 2010 رأى العالم إعصاراً من نوع غريب يضرب غابات البرازيل، ولكن لم يكن المشهد ملفتاً للانتباه كثيراً حتى جاء إعصار أستراليا عام 2012 ليحرق إحدى الغابات ويسبب خسائر بملايين الدولارات، حيث تم تصويره وتحليله ودراسته من قبل العلماء وأظهر شريط الفيديو قوة الإعصار الحارقة حيث التهم مساحات كبيرة من الأشجار خلال زمن قصير جداً.
لقد لفت هذا النوع من الأعاصير انتباه العلماء حديثاً بسبب قوته التدميرية، وتكرار حدوثه في العديد من مناطق الغابات في أستراليا وأمريكا، ولذلك قام العلماء حديثاً بدراسة تحليلية دقيقة لمعرفة أسباب هذه الأعاصير لتجنب حدوثها... والعجيب أن نتائج هذه الدراسة جاءت مطابقة للنص القرآني.
سوف نقوم من خلال فقرات هذا البحث بدراسة قوله تعالى : (فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ) دراسة علمية دقيقة ونكتشف الكثير من المعجزات تتجلى في كل كلمة لتشهد على صدق هذا القرآن، وأنه لا يمكن لبشر أن يتنبأ بمثل هذا النوع من الأعاصير في زمن بعثة النبي صلى الله عليه وسلم.
تؤكد الدراسات العلمية أن أشد أنواع الأعاصير إحراقاً للغابات وأسرعها وأعنفها هو إعصار النار Fire Tornado والمثال الذي ضربه الله لنا في سورة البقرة، يناسبه هذا النوع من الأعاصير ليدلنا على سرعة وشدة احتراق الجنة (البستان) وأن إعصار النار هو الإعصار الوحيد الذي يحرق كل شيء فلا يترك من البستان أي شيء يذكر، على عكس بقية الأعاصير التي تحدث أضراراً وإتلافاً للغابات أقل مما يحدثه إعصار النار.
وبالنتيجة يتبين أن هذه الآية الكريمة تحتوي العديد من المعجزات العلمية سوف نتناولها بالتفصيل مع أقوال العلماء حديثاً، ووجه الإعجاز والسبق القرآني في مجال علم الأعاصير، وهذه المعجزة تأتي اليوم لتشهد على صدق كتاب الله تبارك وتعالى.
في رحاب تفسير الآية
قال تعالى: (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) [البقرة: 266]. يقول الإمام ابن كثير: قال تعالى : (وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار) وهو الريح الشديد (فيه نار فاحترقت) أي: أحرق ثمارها وأباد أشجارها، فأي حال يكون حاله.
وفي تفسير القرطبي نجد قوله: فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت قال الحسن : إعصار فيه نار ريح فيها برد شديد! الزجاج : الإعصار في اللغة الريح الشديدة التي تهب من الأرض إلى السماء كالعمود، وهي التي يقال لها: الزوبعة.
وقيل لها إعصار لأنها تلتف كالثوب إذا عصر.
وفي تفسير الطبري: (فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت)، يعني بذلك أنّ جنته تلك أحرقتها الريح التي فيها النار، في حال حاجته إليها, وضرورته إلى ثمرتها بكبره، وضعفه عن عمارتها, وفي حال صغر ولده وعجزه عن إحيائها والقيام عليها. فبقي لا شيء له، أحوج ما كان إلى جنته وثمارها، بالآفة التي أصابتها من الإعصار الذي فيه النار. وعن ابن عباس في قوله: (إعصار فيه نار)، ريح فيها سموم شديدة.
ونلاحظ لدى تأملنا في أقوال المفسرين القدامى أنهم تناولوا معنى الإعصار على أنه ريح تلتف وترتفع للأعلى، فهذه هي المعلومات التي كانت متوافرة حتى عهد قريب. وهناك محاولات عديدة ظهرت حديثاً لتفسير الآية الكريمة بشكل علمي [1] ولكن لم تتضح الرؤيا إلا عام 2013 حيث تمكن العلماء من دراسة وتصوير هذه الأعاصير باستخدام الأقمار الاصطناعية وأجهزة الرصد والمراقبة المتطورة.
صورة بيانية رائعة
تأملوا معي هذه الصورة البيانية الرائعة المكتملة الأركان التي وضعها الله في آية واحدة:
الجنة من أفضل أنواع البساتين حيث تحوي الأشجار المثمرة والأنهار تتدفق فيها والينابيع من تحتها، فهذه صورة كاملة لمزرعة تحوي كل شيء يحتاجه الإنسان حتى يعيش حياة الرفاهية. وضرب الله لنا المثل برجل كبير السن (وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ) فليس لديه أمل في أن يعيش ليزرع جنة أخرى فهي تحتاج لسنوات. وبنفس الوقت الأطفال صغار: (وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ) فليس لديهم القوة الكافية لإنشاء بستان جديد كما فعل أباهم من قبل خلال فترة شبابه.
والحدث الذي فاجأ الأب هو "إعصار فيه نار" فهو إعصار غير مألوف وغير متوقع، أحرق كل شيء، فلم يعد هناك أي أمل في المستقبل، سوى الخوف على الأطفال الصغار. وهنا تمتزج عاطفة الأبوة مع ألم فقدان الجنة فتشكل لنا حالة نفسية فريدة.
لذلك أعطانا القرآن صورة مرعبة لهذه الخاتمة لكي نسارع وننفق في سبيل الله، وهذا الأسلوب النفسي مؤثر جداً حيث يقول علماء النفس اليوم: إن عرض الصور المخيفة والنتائج المرعبة لشيء ما يحرض في نفس الإنسان مؤثرات تجعله يبتعد عن هذا العمل. وهذه الآية تصور لنا النتيجة المرعبة للبخل وعدم التصدق والإنفاق..
ولكن هذه الصورة البيانية الرائعة تخفي وراءها صورة علمية مبهرة لم يراها العلماء إلا حديثاً جداً، فقد رأى العلماء إعصار النار وصوروه ودرسوه دراسة دقيقة، وقد أظهرت نتائج الدراسة العلمية التطابق الكامل بين الوصف القرآني وبين الحقيقة العلمية.
ما هو الإعصار، وكيف يتشكل؟
درس العلماء ظاهرة الأعاصير لفترة طويلة واستخدموا حديثاً الأقمار الاصطناعية وأجهزة قياس متطورة لقياس سرعة الرياح وتوزع درجات الحرارة عبر الغلاف الجوي ونسبة الرطوبة والضغط الجوي وارتفاع الغيوم... وحتى الآن لا يزال العلماء عاجزون عن التنبؤ بحدوث الأعاصير ولا يمكن تجنب أضرارها التدميرية [المرجع رقم 1].
صورة رقم (1) إعصار عادي يتشكل نتيجة حدوث عاصفة رعدية ورياح شديدة حيث تلتف الرياح على شكل دوامات هوائية عنيفة تدور حركة أفقية وعمودية للأعلى، وتسبب اقتلاع أسقف البيوت الخشبية والأشجار وتدمر المنازل وتتلف المحاصيل الزراعية.
يقول العلماء إن الإعصار يتشكل بسبب عاصفة رعدية كبيرة تدعى Supercell بحيث يصعد الهواء الدافئ للأعلى بشدة ويشكل دوامة ويلتف بسبب سرعة الرياح التي يجب أن تكون أكثر من 119 كيلومتر في الساعة وبسبب الحركة المضطربة للرياح. ويتشكل الإعصار على مراحل متعددة. وهناك خمس مجالات للعواصف حسب سرعة الرياح:
1- سرعة الرياح 119-153 كم / ساعة
2- سرعة الرياح 154-177 كم / ساعة
3- سرعة الرياح 178-209 كم / ساعة
4- سرعة الرياح 210-249 كم / ساعة
5- سرعة الرياح أكثر من 259 كم / ساعة.. وذلك حسب وكالة الفضاء الأمريكية ناسا [9]. حيث يؤكد العلماء أنهم لا يعرفون بالضبط لماذا أو كيف يتكون الإعصار! ولكنهم يعلموا بأن الرياح الدافئة تأتي من المحيطات والبحار الدافئة وتندفع باتجاه اليابسة وبسبب اختلاف درجات الحرارة تنشأ الدوامات التي تتطور وتشكل إعصاراً يمكن أن يترافق مع الأمطار أحياناً [2].
صورة رقم (2) الإعصار ينتج في ظروف العاصفة الرعدية حيث تكون سرعة الرياح مناسبة لتشكل دوامة عملاقة وقد يترافق مع زخات من المطر والبرد وضربات من البرق أيضاً.
الآلية الهندسية لتشكل إعصار النار
الذي يميز إعصار النار عن غيره وجود النار بداخله مما يضاعف من قوته التدميرية، حيث يتميز هذا الإعصار بقدرته على إتلاف المحاصيل والممتلكات بالإضافة لإحراق الغابات والبيوت. وعلى الرغم من تكرار حدوث هذا الإعصار في السنوات القليلة الماضية إلا أنه لم تتم دراسته دراسة كافية أو معرفة الأسباب الحقيقية لنشوئه، ولكن يربط العلماء هذا الإعصار بوجود حرائق غابات واقتراب إعصار منها مما يؤدي لتشكل نواة من اللهب تدور بحركة أفقية وحركة عمودية للأعلى.
حسب موقع ناشيونال جيوغرافيك فإن إعصار النار يحدث عندما ترتفع درجة الحرارة ويكون لدينا دوامات هوائية مضطربة. ويتكون إعصار النار من جزء أساسي هو النواة النارية وجزء غير مرئي هو الدوامة الهوائية المحيطة بالنواة مهمته تغذية المركز بالأكسجين.
ويحدث إعصار النار مرة واحدة في السنة في الولايات المتحدة. ويبلغ قطر نواة إعصار النار النموذجي أقل من متر وطوله بحدود 30 متراً وفي حالة الأعاصير القوية يبلغ قطر نواة النار أكثر من عشرة أمتار ويمتد لأكثر من 300 متر عالياً [15].
صورة رقم (3) إعصار النار الذي ضرب منطقة Queensland شرق أستراليا بتاريخ 24 أكتوبر 2012 وسبب دماراً هائلاً في الغابات والممتلكات. ويؤكد البحث أن تشكل إعصار النار يتطلب ظروفاً خاصة من النار والدوامات الهوائية وسرعة الرياح.
تركيب إعصار النار
لقد نال إعصار النار اهتماماً علمياً خلال السنوات القليلة الماضية بسبب استخدام التكنولوجيا المتطورة في دراسته والتي تشمل [16]:
1- أجهزة القياس المحمولة عبر الهواء (المناطيد) والتي تعمل مثل أقمار اصطناعية لجميع البيانات ضمن مجال الأشعة المرئية والأشعة تحت الحمراء.
2- الصور الملتقطة من قبل الأقمار الاصطناعية
3- الصور الملتقطة بواسطة رادارات المراقبة
4- الصور والفيديوهات الملتقطة من قبل هواة التصوير.
لقد وجد العلماء أن إعصار النار يتركب من جزأين:
1- إعصار عادي يتشكل بسبب ظروف جوية مناسبة من درجة حرارة وسرعة رياح وغير ذلك.
2- اشتعال للنار بسبب ارتفاع درجة الحرارة.
حيث تدخل النيران المشتعلة في الغابة إلى قلب الإعصار وتشكل نواة للإعصار تلتف وتدور وترتفع للأعلى، أما الرياح فتشكل دوامة تدور مع حركة الإعصار، ولذلك فإن النار ليست من أساس الإعصار إنما دخلت فيه بسبب الحرارة الزائدة... وبالتالي كان ينبغي على العلماء أن يطلقوا اسم (إعصار فيه نار) بدلاً من "إعصار النار" حيث توحي هذه التسمية بأن الإعصار يتشكل بسبب النار، ولكن الحقيقة أن الإعصار تدخل فيه النار بسبب قوى الجذب التي تمارسها الدوامات الهوائية على النار.
صورة رقم (4) مخطط إعصار النار حيث يظهر لنا على شكل دوامات هوائية عنيفة تجذب الغبار من الأرض وأثناء دوران الدوامة تعمل على تدمير الأشياء التي تقترب منها. وفي قلب الإعصار نجد لساناً من اللهب يدور حول نفسه بحركة مضربة ويرتفع باتجاه الأعلى مما يزيد قوة إحراق النار... ويؤكد العلماء إن هذا النوع من الأعاصير هو الأعنف والأكثر إحراقاً وتدميراً وبخاصة لمناطق الغابات.
أول تسجيل لإعصار النار
يؤكد العلماء أن أول مرة تمكنوا من مشاهدة إعصار النار في عام 2003 وذلك في مقالة بعنوان [10]:
Researchers confirm first 'fire tornado' during 2003 bushfires
أي أن الباحثين لم يتمكنوا من توثيق مثل هذا النوع من الأعاصير إلا في عام 2003 أي قبل عشر سنوات فقط!! ويقول الباحثون [13] إنه في عام 1923 ضرب زلزال يدعى Great Kanto earthquake منطقة في اليابان [14] وتشكل إعصار من النار ارتفع لمئات الأمتار ولكن لم يتم ملاحظته أو توثيقه علمياً.
صورة رقم (5) أول صورة كتوثيق علمي التقطت بتاريخ January 18, 2003 لإعصار النار. [حسب المرجع رقم 6]. وهذه الصورة تعتبر أول ملاحظة علمية لهذا النوع من الأعاصير. وهذا يعني أن الظاهرة جديدة على العلماء ولم يتم توثيقها إلا في القرن الحادي والعشرين.
يؤكد الدكتور Dr Jason Sharples من جامعة NSW, Canberra أن إعصار النار يختلف اختلافاً جذرياً عن الحرائق العادية التي تشكل دوامات بسبب حركة الهواء.
صورة رقم (6) موقع ABC الأسترالي يقول بأن العلماء يوثقون أول إعصار نار على مستوى العالم، ويقول الباحث Rick McRae من إدارة الطوارئ في أستراليا ESA لقد تكهن العلماء بإمكانية حدوث إعصار النار ولكن هذه هي المرة الأولى (2003) التي يوثقون فيها إعصاراً كهذا. [حسب المرجع رقم 7].
يؤكد الباحثون في موقع ABC أن سرعة الرياح أفقياً حول هذا الإعصار بلغت 250 كيلومتر في الساعة وهناك رياح عمودية سرعتها 150 كيلومتر في الساعة. يقول الباحث McRae إن إعصار النار يشبه الإعصار العادي المتولد نتيجة العواصف الرعدية، ولكن مع وجود النار التي تنشأ بسبب حرارة سطح الأرض.
صورة رقم (7) لأول مرة يقوم الباحث Kevin Binkert بتجربة إنتاج دوامة نارية عام 1994 وبعد ذلك انتشرت هذه التجربة في العديد من دول العالم على شكل احتفالات استعراضية [18].
ظاهرة نادرة الحدوث
إن ظاهرة إعصار النار تعتبر من الظواهر النادرة التي يمكن للإنسان أن يراها، بسبب تعقيد ظروف حدوثها، فهذا النوع من الأعاصير يطلب وجود حرائق تجتاح الغابات وظروف جفاف مناسبة وظروف جوية مناسبة أيضاً لحدوث العواصف الرعدية وتشكل الإعصار الذي يقترب من النار فيتشكل عمود النار أو لسان اللهب الذي يرتفع لمئات الأمتار.
صورة رقم (8) حسب موقع "أستراليا جيوغرافيك" يؤكد العلماء أن ظاهرة إعصار النار هي ظاهرة نادرة الحدوث (Rare Phenomenon). ويقولون [11] إن هذه الظاهرة غالباً ما تحدث في الغابات والبساتين فتحرق الأشجار والنباتات ... ومثل هذه الأعاصير لم يتم رصدها في الصحراء.
يستمر إعصار النار لمدة 40 دقيقة (المدة التي رصدها العلماء) وهي كافية لتدمير آلاف الأمتار المربعة من الأرض وإتلافها بشكل كامل. والآن دعونا نتأمل بعض الصور التي التقطت لمناطق ضربها إعصار النار.
صورة رقم (9) إعصار نار يضرب منطقة مرتفعة في أستراليا.. ويؤكد العلماء أن هذا النوع من الأعاصير يصيب المناطق المرتفعة ذات الأشجار الكثيفة [8].
صورة رقم (10) إعصار النار الذي ضرب منطقة في كاليفورنيا مليئة بالأشجار، ومرتفعة عن الأرض. يقول الباحث Dr Andrew Sullivan من مركز CSIRO [11] إن هذه الظاهرة نادرة ولكنها مذهلة، وتحدث نتيجة وجود دوامات هواء قوية، وغالباً ما تحدث في التلال أو المناطق المرتفعة ذات الأشجار الكثيفة حيث تكون دوامات الهواء أقوى...
صورة رقم (11) مشهد لمنطقة في أستراليا مرتفعة كثيفة الأشجار أصابها إعصار النار فاحترقت وقد أخذت هذه الصورة قبل الحريق بيوم وبعد الحريق مباشرةن تأملوا الدماء الكبير وكيف تغير المشهد كلياً [17].
صورة رقم (12) هذه منطقة في كاليفورنيا (Banning, California) مليئة بالأشجار والنباتات ولكن في منتصف 2013 ونتيجة ارتفاع الحرارة ووجود دوامات هواء تشكلت حرائق هائلة وتشكل أحياناً ما يسمى إعصار النار الذي التهم معظم هذه النباتات.
صورة رقم (13) مشهد بعد الحريق مباشرة في الليلة التالية.. سبحان الله كل شيء تغير [19].
إعصار نار خارج الأرض
في عام 2011 التقط العلماء في وكالة ناسا NASA صورة لإعصار نار هائل جداً حدث على سطح الشمس!! ويقول العلماء إن هذا الإعصار يقذف النار بسرعة مئات الآلاف من الكيلومترات في الساعة وتمتد ألسنة اللهب لأكثر من 200000 مئتي ألف كيلومتر.. سبحان الله!
صورة رقم (14) أضخم إعصار شمسي يفاجئ العلماء: التقطت وكالة الفضاء الأمريكية NASA بتاريخ 25/9/2011 تسجيلاً مصوراً لأكبر إعصار النار تشكل على سطح الشمس ، ويقول الباحثون إن إعصار النار الشمسي كبير لدرجة أنه قادر على التهام مئات من أمثال كرتنا الأرضية [20-21-22].
أوجه متعددة للإعجاز في الآية
1- إن إعصار النار لديه القدرة على إحراق بستان كبير (أو جنة) طوله خمسة كيلومترات وخلال عشر دقائق فقط، حيث بينت الدراسات أن هذا النوع من الأعاصير يسير بسرعة تبلغ أكثر من 30 كيلومتراً في الساعة. ولذلك استخدم القرآن حرفي فاء لوصف إحراق الجنة (البستان)، حيث إن حرف الفاء يستخدم في اللغة للتعبير عن السرعة والمباغتة. قال تعالى: (فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ)، الفاء الأولى في كلمة (فَأَصَابَهَا) والفاء الثانية في كلمة (فَاحْتَرَقَتْ)، تدلان على السرعة وهذا ما يحدث بالضبط في حالة إعصار النار حيث يتشكل هذا الإعصار بشكل مفاجئ ويحرق الأشجار والبيوت بسرعة كبيرة...
وهكذا فإن استخدام حرف الفاء يدل على سرعة الاحتراق، وبالفعل تبين تسجيلات العلماء هذا الأمر بوضوح حيث نلاحظ من تصوير الفيديو السرعة الكبيرة التي تحترق فيها الغابة بعكس الحرائق العادية التي تستغرق زمناً أطول. بينما في قوله تعالى: (وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ) استخدم حرف الواو الذي يدل على التراخي.. لأن الكبر لا يصيب الإنسان فجأة بل خلال سنوات.. فسبحان الله.
2- إن العلماء يؤكدون أن هذه الظاهرة (إعصار النار) ظاهرة نادرة وغير مألوفة ولم يتم توثيقها إلا في القرن الحادي والعشرين.. يقول العلماء إن إعصار النار لم يلاحظه أحد من قبل بسبب خطورته وعدم التمييز بينه وبين الحرائق العادية للغابات، ومع التطور العلمي وسهولة التصوير والتوثيق تمكن الإنسان من توثيق هذه الظاهرة لأول مرة عام 2003 ودراستها بشكل مفصل عام 2013 ..
ولذلك فإن أول إشارة علمية أو أول توثيق علمي لظاهرة إعصار النار جاء في القرن السابع الميلادي في القرآن الكريم. وإن وجود ذكر لإعصار النار في القرآن الكريم هو دليل مادي على إعجاز القرآن.
3- يؤكد العلماء (حسب المرجع [12]) أنه لولا تطور التكنولوجيا الرقمية وانتشار وسائل القياس والتصوير الدقيق، ولولا الجفاف الذي يضرب بعض مناطق العالم اليوم والتغير المناخي وارتفاع حرارة الأرض وزيادة حرائق الغابات نتيجة ذلك.. لم يكن من الممكن اكتشاف إعصار النار.
وهذا يدل على أنه لا توجد إمكانية لدى أحد للتنبؤ بمثل هذه الأعاصير أو الحديث عنها، فكيف علم النبي الكريم بها، لولا أن الله تعالى هو الذي أخبره لتكون هذه الحقيقة شاهداً على صدق نبوته عليه الصلاة والسلام.
4- لقد وصف الله تعالى لنا ذلك البستان الذي أصابه إعصار النار (جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ) أي أن هذا الإعصار أصاب جنة مثمرة، وبالفعل يقول العلماء إن إعصار النار غالباً ما يصيب الغابات ذات الأشجار الكثيفة، ولا يقع في الصحراء وهذا يؤكد دقة التعبير القرآني. أي أن القرآن بذلك قد أخبر عن إعصار النار وحدد لنا مكان عمل هذا الإعصار وهي الأماكن التي تحتوي على الأشجار.
خاتمة
وأخيراً دعونا نطرح بعض الأسئلة على كل من يشكك بهذا القرآن ويدعي أنه من تأليف محمد صلى الله عليه وسلم:
- كيف علم النبي الكريم بمثل هذه الأعاصير في زمن لم يكن أحد على وجه الأرض يعلم شيئاً عنها وهذا باعتراف العلماء اليوم؟ وكيف استطاع أن يصفه بكلمات قليلة وصفاً يطابق الحقيقة العلمية؟
- إن النبي الكريم كان يعيش في صحراء، وهذه الأعاصير النادرة لا تحدث إلا في مناطق مرتفعة وكثيفة الأشجار.. فكيف تمكن النبي عليه الصلاة والسلام من تصوير مشهد إحراق إعصار النار للبستان وهو لم يشاهد مثل هذا الحدث من قبل، ولم يقرأ عنه أو يسمع به؟؟
- ما الذي يدعو النبي محمد صلى الله عليه وسلم للدخول في مثل هذه المسائل العلمية المعقدة وماذا ستخدم دعوته في ذلك الوقت؟ كان يكفي أن يذكر احتراق البستان من دون الحاجة لذكر الإعصار!
إن الجواب المنطقي والعلمي لهذه التساؤلات أن هذه الآية هي كلام الله الحق الذي أنزل هذا القرآن وقال فيه: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر: 9]... وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين...