هل صحيح ان موسى علية السلام لطم عين ملك الموت فاعورة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة


عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه
(إن موسى عليه السلام لطم عين ملك الموت فأعوره)

والسؤال كيف يجوز لنبي أن يضرب ملكا مع العلم بأن ملك الموت شديد وهل أذن الله سبحانه تعالى لموسى عليه السلام بذلك؟


فالاجابة عن هذا السؤال له شعبتان

الشعبة الأولى تتعلق بحديث لطم موسى عليه السلام للملك حتى فقأ عينه,

والشعبة الأخرى هي هل صح أن ملك موت الموت بعزارئيل كما هو الشائع عند كثير من الناس

نجيب عن هذا الشطر الثاني بأن الجواب فيه مختصر لنعود إلى الجواب عن الشطر الأول، لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم إطلاقا تسميه ملك الموت بعزرائيل

فقد جاء في كثير من الأحاديث اسم جبرائيل وميكائيل وإسرافيل هذا ثابت لكن تسمية ملك الموت بعزرائيل فليس له أصل في السنة فضلا عن القرآن الكريم

نعود إلى الجواب عن الشق الأول من السؤال

وهو حديث ملك الموت وتضعيف من ضعفه من العلماء بين يدي الجواب أريد أن أذكركم بقاعدة علمية معترف بها حتى عند من ليس مسلما هذه القاعدة العلمية هي أنه لا يجوز لمن كان جاهلا بعلم أن يتكلم فيهلأنه يخالف نصوصا من الكتاب والسنة من ذلك قول ربنا تبارك وتعالى

((ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا))

فالذي يريد أن يتكلم في الطب مثلا يجوز أن يتكلم إذا كان مفسرا لأن الطب ليس من علمه, كما أن هذا الطبيب المختص في مهنته لا يجوز أن يتكلم في التفسير أو في الفقه أو في غير لأن هذا وذاك إذا تكلم في غير اختصاصهما فقد قفا ما لا علم له به ويكون قد خالف النص القرآني السابق هذا أظن من الأمور التي يصح أن يذكر معه المثل العربي القديم

" هذا أمر لا يختلف في اثنان ولا ينتطح فيه عنزان " أ

ي أنه لا يجوز أن يتكلم في علم ما إلا أهل الاختصاص إذا كان هذا أمرا مسلما فهو كذلك عدنا إلى هذا الحديث أو غيره من الذي يتكلم فيه آلطبيب مثلا الجواب طبعا لا, آلكمياوي مثلا الجواب مثلا أسئلة كثيرة وكثيرة نقترب من الحقيقة آلمفسر؟ آلفقيه؟ الجواب لا,

إذا من الذي يتكلم إنما هو العالم بالحديث وعلماء الحديث

كما قيل كانوا إذا عدوا قليلا فصاروا اليوم أقل من القليل

ولذلك فلا يجوز لطلاب العلم أن يتورطوا بكلمة تنقل عن عالم لا نعرف هوية واختصاص هذا العالم إذا ما قال الحديث الفلاني ضعيف هذه قاعدة يجب أن نلتزمها دائما أو أبدا ومن عجائب المصائب التي حلت بالأمة من الغفلة عن القواعد العلمية المبثوثة في الكتاب والسنة أنهم يبتعدون عنها كل البعد وإذا جاء دور ما يتعلق بما يخص أنفسهم تجدهم يحققون مثل ذلك النص القرآني الذي يلزم المسلمين أن يرجعوا إلى أهل الاختصاص مثلا

إذا أصاب أحدنا أو أحد من يخصنا مرض ما فهو لا يذهب إلى أيّ طبيب وإنما قبل كل شيء يسأل عن المختص لذلك المرض ثم يتابع السؤال والبحث والتحقيق عن الطبيب الماهر المختص في ذلك المرض حين ذاك يذهب إليه ويعرض نفسه أو ... عليه

أما فيما يتعلق بالدين فأصبح الأمر فوضى لا نظام له ذلك أن الناس اليوم كلما رأوا إنسانا يدندن حول بعض المسائل الفقهية أو حول بعض الآيات القرآنية أو الأحاديث النبوية ظنوا أنه عالم زمانه! فيتوجهون بالأسئلة فيقعون في المحظور الذي جاء ذكره في الحديث الأول ألا وهو قوله عليه السلام

(قتلوه قاتلهم الله ألا سألوا - أي أهل العلم - فإنما شفاء العي السؤال)

بعد هذا أعود لأقول أي إنسان تكلم في غير اختصاصه لا يجوز له ذلك وبخاصة إذا تبين أن كلامه مخالف لأهل الاختصاص في العلم الذي تكلم هو فيه بغير علم أحاديث لطم موسى عليه السلام لملك الموت

الحديث أخرجه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال


(جاء ملك الموت إلى موسى عليه الصلاة والسلام فقال له أجب ربك -يعني سلمني نفسك وروحك- فما كان من موسى عليه السلام إلا لطمه لطمة ففقأ عينه فرجع الملك ملك الموت إلى ربه قال يا رب
أرسلتني إلى عبد يكره الموت فقال الله له عد إليه وقل له إن ربك يقول لك ضع يدك على جلد ثور فلك من العمر من السنين بعدد كل الشعرات التي تكون تحت أصابعك فرجع ملك الموت إلى موسى عليه السلام وقال له ما أمره به ربه قال موسى وماذا بعد ذلك؟ قال الموت, قال: الآن فقبض ملك الموت روح موسى عليه السلام فتلك اللحظة)

قال نبينا صلوات الله وسلامه عليه (ولو كنت ثمة -أي حيث قبض ملك الموت روح موسى- لأريتكم قبره عند الكثيب الأحمر)

هذا نص الحديث في الصحيحين
الجواب الآن يحتاج إلى أن نتكلم في أكثر من مسألة,

المسألة الأولى يتبين بعد ورود هذا الحديث في الصحيحين أن ذلك الذي ضعفه هو الضعيف ذلك لأنه تكلم بغير علم وفي ظني أن هذا المضعف هو من أولئك الناس الكثيرين الذين يسلطون ويحكمون عقولهم إن لم أقل أهواءهم في الحكم على الأحاديث الصحيحة بأنها ضعيفة وربما قالوا إنها موضوعة ما الدليل على ما زعموه من الضعف والوضع؟ هو تحكيمهم عقولهم واتباعهم لأهواءهم
((ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض))

ذلك لأن الإيمان ضعف في صدور كثير من الناس ولو ممن قد ينتمون إلى العلم هذا من جهة ومن جهة أخرى لم يدرسوا السنة دراسة واعية مستوعبة لطرق الحديث التي من عادتها أنها تزيل ما قد يقع في نفوس البعض من إشكال.

اذن الإشكال الذي يصوره السؤال أن ملك الموت كيف يضربه موسىى عليه السلام؟
ا الجواب في رواية في مسند الإمام أحمد بسند صحيح قال
(كان ملك الموت يأتي الناس على صورة البشر)
فإذا ملك الموت لما جاء عند موسى فقال له أجب ربك ما جاءه بالعلامة التي تجعل موسى عليه السلام ينتبه إلى أن هذا الذي يقول له أسلم روحك هو ملك مرسل من الله فهو جاءه بصورة بشر وأي إنسان منا لو جاءه شخص و يقول سلمني روحك فماذا سيكون موقفه منه؟!
سيكون موقف موسى عليه السلام بالذات لأنه يتعدى على وظيفة لملك كريم لا يشاركه فيها الملائكة الآخرون فيكف إنسان يتقدم إلى بشر مثله ويقول أسلم روحك!
فماذا كان منه إلا أن فقأه ضربه صفعه ففقأ عينه هذا أمر طبيعي

والشبهة تطيح وتزول من أصلها وفصلها

حينما نتذكر هذه الرواية الأخرى أن ملك الموت كان يأتي الناس عيانا بصورة البشر لذلك ترون في تتمة الحديث أن ملك الموت لما شكى أمره إلى الله وقال أرسلتني إلى عبد يكره الموت أعطاه علامة وقال له ارجع إلى موسى وقل له إن ربك يأمرك أن تضع يدك إلى آخر الحديث على جلد ثور فلك من العمر بكل شعرة تحت يدك لما رجع الملك بهذا البرهان إلى موسى عليه الصلاة والسلام قال له وماذا بعد ذلك؟ قال الموت قال إذا الآن فقبض روحه في تلك الساعة لماذا استسلم ثانيا ولم يستسلم أولا؟
الجواب أولا كان الطالب بشرا من البشر فكأنه يهزأ وما كان موسى يعلم أنه ملك من الله مرسل فلذلك ضربه فلما جاء الملك ومعه هذه العلامة من الله عز وجل واطمأن موسى إليها وسأله ذلك السؤال وأجابه ما بعد ذلك الموت

قال فالآن موسى لا يكره الموت ولكنه فقأ عين الرجل على ظنه أنه بشر من البشر فحينما ننظر إلى الحديث بتفسير هذه الرواية التي رواها الإمام أحمد في المسند يطيح الإشكال ويبطل قول من قال أنه ربما يكون هذا الحديث من الإسرائليات هذا كلام باطل لأنه حين يقال الرواية الفلانية أو الحديث الفلاني هو من الإسرائليات فذلك يعني أنه مما كان أهل الكتاب من اليهود والنصارى يتحدثون بينهم ببعض الروايات التي تلقوها عن أسلافهم وفيها الحق وفيها الباطل لذلك قال عليه السلام
(إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم
) هذا هو معنى كون الشيء من الإسرائليات.


والحمد لله رب العالمين