بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
مقصود القرآن هو سعادة الإنسان ، فهو كتاب حياة ، إلّا أنّ الاُسلوب القرآني ـلما يحمل الإنسان من غرائز وعواطف ـ يدور على محورين : (الإنذار والتبشير)، فإنّ الصادع بالقرآن النبيّ الأكرم كان منذرآ وبشيرآ :
(وَنَزَّلْنَا عَلَيْکَ الكِتَابَ تِـبْيَانآ لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ )[1] .
فالقرآن بعدما كان فيه بيان وتبيان كلّ شيء فإنّ الإنسان بطبيعته وفطرته وعقله يهتدي إليه فيدخل في رحمة الله الخاصّة فيبشّره الله لتسليمه وإسلامه :
(الحَمْدُ للهِ الَّذِي أنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَآ1 قَيِّمآ لِيُـنذِرَ بَأسآ شَدِيدآ مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ المُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أنَّ لَهُمْ أجْرآ حَسَنآ2 مَاكِثِينَ فِيهِ أبَدآ3 وَيُـنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا آتَّخَذَ اللهُ وَلَدآ4 مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أفْوَاهِهِمْ إنْ يَـقُولُونَ إلاَّ كَذِبآ)[2] .
(فَإنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِکَ لِتُـبَشِّرَ بِهِ المُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمآ لُدّآ)[3] .
(وَكَذَلِکَ أنزَلْنَاهُ قُرْآنآ عَرَبِيّآ وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّـقُونَ أوْ
يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرآ)[4] .
(هُدىً وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ )[5] .
(وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانآ عَرَبِيّآ لِـيُـنْذِرَ الَّذِينَ ظَـلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ )[6] .
(طس تِلْکَ آيَاتُ القُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ1هُدىً وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ2الَّذِينَ يُـقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ )[7] .
فآيات القرآن الكريم تبشّر الذين آمنوا وعملوا الصالحات والذين يقيمون الصلاة والمنفقين والمضحّين في سبيل الله والمتّقين والمحسنين والصابرين بجنّات تجري من تحتها الأنهار، وبرضوان من الله أكبر وعد الله تعالى عباده المؤمنين بذلک ، وإنّه لا يخلف الوعد، فهذه بشرى إلهية لكلّ مؤمن ومؤمنة ، ولكلّ من يتّبع القرآن ويطبّقه في حياته .
وكذلک أهل البيت فإنّه من يتبعهم ويطيع أوامرهم ، فإنّه ينجو ويسعد ويدخل الجنّة ويغفر له ذنبه ويصلح أمره ، لعدم الافتراق بينهم وبين القرآن الكريم لحديث الثقلين .
ثمّ كلّ أمر لا يكون من القرآن الكريم ومن مفاهيمه القيّمة وأحكامه الرصينة وكلياته الحقّة فهو باطل وبدعة ، وإنّه من زخرف القول ، وكذلک الأمر في
ولاية أهل البيت :، فكلّ عبادة وتقرّب إلى الله من دون الإيمان بولايتهم ،
ومن دون متابعتهم تعتبر باطلة ، وإنّها من البدع لا أثر لها عند الله عزّ وجلّ .
1 ـ قال رسول الله 9 :
«لو أنّ عبدآ عبد الله عزّ وجلّ مثل ما قام نوح في قومه ، وكان له مثل اُحد ذهبآ فأنفقه في سبيل الله، ومدّ في عمره حتّى حجّ ألف عام على قدميه ، ثمّ قتل بين الصفا والمروة مظلومآ، ثمّ لم يوالِکَ يا عليّ، لم يشمّ رائحة الجنّة ولم يدخلها»[8] .
2 ـ وقال 9 :
«من أحبّ عليآ قبل الله منه صلاته وصيامه وقيامه واستجاب دعاءه ».
3 ـ وقال 9 :
«لا يقبل الله إيمان عبد إلّا بولايته والبراءة من أعدائه »[9] .
فحبّه وحبّ أهل بيته ومودّة العترة الطاهرة ومتابعتهم وإطاعتهم والعمل بمناهجهم والولاء لهم بشرى في الدنيا والآخرة .
4 ـ سَعِدَ من والاكم وهلک من عاداكم وخاب من جحدكم وضلّ من فارقكم وفاز من تمسّک بكم وأمن من لجأ إليكم وسلِم من صدّقكم وهُدي من اعتصم بكم من اتّبعكم فالجنّة مأواه ومن خالفكم فالنار مثواه ومن جحدكم كافر ومن حاربكم مشرک ومن ردّ عليكم في أسفل درک من الجحيم[10] .
5 ـ كشف ، ]كشف الغمّة [ من مناقب الخوارزمي عن الإمام جعفر بن محمّد
الصادق عن الإمام محمّد بن عليّ الباقر عن أبيه الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين عن أبيه الإمام الحسين بن عليّ الشهيد 7 قال : سمعت جدّي رسول الله 9 يقول : «من أحبّ أن يحيا حياتي ويموت ميتتي ويدخل الجنّة التي وعدني ربّي فليتولّ عليّ بن أبي طالب وذرّيته الطاهرين أئمة الهدى ومصابيح الدجى من بعده فإنّهم لن يخرجوكم من باب الهدى إلى باب الضلالة »[11] .
6 ـ ن ، ]عيون أخبار الرضا 7 [ حمزة العلوي عن علي عن أبيه عن علي بن معبد عن الحسين بن خالد عن الرضا عن آبائه : قال : قال رسول الله 9: من أحبّ أن يركب سفينة النجاة ويستمسک بالعروة الوثقى ويعتصم بحبل الله المتين فليوالِ عليّآ بعدي وليعادِ عدوّه وليأتمّ بالهداة من ولده فإنّهم خلفائي وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي وسادة اُمّتي وقادة الأتقياء إلى الجنّة حزبهم حزبي وحزبي حزب الله عزّ وجلّ وحزب أعدائهم حزب الشيطان[12] .
----------------
[1] () الكهف : 1 ـ 5.
[2] () مريم : 97.
[3] () طه : 113.
[4] () النمل : 2.
[5] () الأحقاف : 12.
[6] () النمل : 1 ـ 3.
[7] () المناقب ؛ للخوارزمي : 28.
[8] () المصدر نفسه : 2.
[9] () مفاتيح الجنان : الزيارة الجامعة .
[10] () بحار الأنوار :23 143.
[11] () بحار الأنوار :23 144.
[12] () آل عمران : 7.