ومنها أنه كان بخراسان امرأة تسمى زينب فادعت أنها علوية من سلالة فاطمة ، وصارت تصول على أهل خراسان بنسبها ، فسمع بها علي الرضا فلم يعرف نسبها فأحضرت إليه فرد نسبها وقال : هذه كذابة ، فسفهت عليه وقالت : كما قدحت في نسبي فأنا أقدح في نسبك .فأخذته الغيرة العلوية فقال لسلطان خراسان وكان لذلك السلطان بخراسان موضع واسع ، فيه سباع مسلسلة للانتقام من المفسدين يسمى ذلك الموضع بركة السباع ، فأخذ الرضا بيد تلك المرأة وأحضرها عند ذلك السلطان وقال : هذه كذابة على علي وفاطمة ، وليست من نسلهما فان من كان حقا بضعة من علي وفاطمة فان لحمه حرام على السباع فألقوها في بركة السباع فان كانت صادقة فان السباع لا تقربها ، وإن كانت كاذبة فتفترسها السباع .
فلما سمعت ذلك منه قالت : فأنزل أنت إلى السباع فان كنت صادقا فإنها لا تقربك ولا تفترسك ، فلم يكلمها وقام ، فقال له ذلك السلطان : إلى أين ؟ قال : إلى بركة السباع ، والله لأنزلن إليها ، فقام السلطان والناس والحاشية ، وجاؤا وفتحوا باب البركة فنزل الرضا والناس ينظرون من أعلى البركة ، فلما حصل بين السباع أقعت جميعها إلى الأرض على أذنابها ، وصار يأتي إلى واحد واحد ، يمسح وجهه ورأسه وظهره ، والسبع يبصبص له هكذا إلى أن أتى على الجميع ثم طلع والناس يبصرونه .
فقال لذلك السلطان : أنزل هذه الكذابة على علي وفاطمة ليتبين لك فامتنعت فألزمها ذلك السلطان وأمر أعوانه بالقائها فمذ رآها السباع ، وثبوا إليها وافترسوها ، فاشتهر اسمها بخراسان بزينب الكذابة ، وحديثها هناك مشهور .