الحديثُ عن الحياةَ الطيبة هو الحديثُ الذي ينبغي أن يعيشه كلُ وحدٍ منا.

الحياةُ إما للإنسان وإما عليه، تمرُ ساعتُها ولحظٌاتها وأيامُها وأعوامُها تمرُ على الإنسان فتقودُه إلى المحبةِ والرضوان حتى يكونَ من أهل الفوز والجنان.

أو تمرُ عليه فتقوده إلى النيران والى غضب الواحدِ الديان.

الحياة إما أن تضحكك ساعةً لتبكيك دهرا، وإما أن تبكيك ساعة لتضحكك دهرا.

الحياة إما نعمةٌ للإنسان أو نقمةٌ عليه.

هذه الحياةُ التي عاشها الأولون، وعاشها الأباء والأجداد، وعاشها السابقون فصاروا إلى الله عز وجل بما كانوا يفعلون.

الحياةُ معناها كلُ لحظةٍ تعيشُها وكلُ ساعةٍ تقضيها، ونحن في هذه اللحظة نعيشُ حياةً إما لنا وإما علينا.

فالرجلُ الموفقُ السعيد من نظر في هذه الحياة وعرف حقها وقدرها فهي والله حياةُ طالما أبكت أناسً فما جفت دموعهم، وطالما أضحكت أناسً فما رُدت عليهم ضحكاتِهم ولا سرورُهم:

الحياة أحبتي في الله جعلها الله ابتلاء واختبارا، وامتحاناً تظهر فيه حقائقُ العباد ففائزٌ برحمةِ الله سعيد، ومحرومٌ من رضوانُ الله شقيٌ طريد.

كلُ ساعةٍ تعيشُها إما أن يكونَ اللهُ راضٍ عنك في هذه الساعةِ التي عشتها، وإما العكس والعياذُ بالله.

فإما أن تقربَك من الله وإما أن تبعدَك من الله، وقد تعيشُ لحظةً واحدةً من لحظاتِ حبِ وطاعةِ الله تُغفرُ بها سيئاتُ الحياة، وتُغفرُ بها ذنوبُ العُمر.

وقد تعيشُ لحظةُ واحدةٍ تتنكبُ فيها عن صراط الله وتبتعدُ فيها عن طاعة الله تكونُ سبباً في شقاء الإنسانِ حياتَهُ كلَها (نسأل الله السلامةَ والعافية).



وهذه الحياة فيها داعيان:

داع إلى رحمة الله وداع إلى رضوان الله وداع إلى محبة الله.

وأما الداعي الثاني فهو داع إلى ضدِ ذلك.

شهوةُ أمارةُ بالسوء، أو نزوة داعية إلى خاتمة سوء، والإنسانُ قد يعيشُ لحظةً من حياته يبكي فيها بكاء الندم على التفريطِ في جنبِ ربه يبدلُ الله في ذلك البكاءِ سيئاتهِ حسنات.

وكم من أناسٍ أذنبوا وكم من أناس أساءوا وكم من أناس ابتعدوا وطالما اغتربوا عن ربهم فكانوا بعيدين عن رحمةِ الله غريـبين عن رضوانِ الله وجاءتهم تلك الساعةُ واللحظة وهي التي نعنيها بالحياة الطيبة لكي تراقَ منهم دمعةُ الندم، ولكي يلتهب في القلب داعِ الألم فيحسُ الإنسانُ انه قد طالت عن الله غربتُه، وقد طالت عن الله غيبته لكي يقولَ إني تائبٌ إلى الله منيبٌ إلى رحمة الله ورضوانه.

وهذه الساعة هي الساعة التي هي مفتاحُ السعادةِ للإنسان ساعةُ الندم.

وكما يقولُ العلماء إن الإنسان قد يذنبُ ذنوباً كثيرة ولكن إذا صدق ندمه وصدقت توبتُه بدل الله سيئاتهِ حسنات فأصبحت حياته طيبةً بطيب ذلك الندم وبصدق ما يجده في نفسهِ من الشجى والألم.

ونسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يحي في قلوبِنا هذا الداعي إلى رحمته وهذا الألم الذي نحسه من التفريط في جنبه.

أحبتي في الله كلُ واحدٍ منا نريُده أن يسأل سؤلا أن نفسَه عن الليل والنهار.

كم يسهرُ من الليآآلي وكم يقضي من الساعات ؟

كم ضحكَ في هذه الحياة وهل هذه الضحكة ترضي الله عز وجل.

وكم تمتعَ في هذه الحياة وهل هذه المتعة ترضي الله عز وجل عنه؟

وكم سهر وهل هذا السهرُ يرضي الله عنك؟ وكم، وكم؟

سؤالُ يسأل فيه نفسَه.

وقد يبادرُ الإنسان ولماذا أسأل هذا السؤال؟

نعم تسألُ هذا السؤال لأنه ما من طرفةِ عين ولا لحظةٍ تعيشها إلا وأنت تتقلبُ في نعمةِ الله، فمن الحياءِ مع الله والخجلِ مع الله أن يستشعرَ الإنسانُ عظيمَ نعمةِ الله عليه من الحياة.

ومن الخجل أن نحس أننا نطعمُ طعام الله، وأن نستقي من شراب خلقه الله، وأننا نستظلُ بسقفه، وأننا نمشي على فراشِه، وأننا نتقلبُ في رحمته فما الذي نقدمه في جنبه؟

يسأل الإنسانُ نفسه.

يقولُ الأطباء إن في قلب الإنسان مادة لو زادت واحد في المائة أو نقصت واحد في المائة مات في لحظة، فأي لطف وأي رحمة وأي عطف وأي حنان من الله يتقلب فيه الإنسان.

يسأل الإنسان نفسه عن رحمة الله فقط

إذا أصبح الإنسان وسمعُه معه وبصره معه وقوته معه فمن الذي حفظَ له سمعَه ؟

ومن الذي حفظَ له بصره ؟

ومن حفظ له عقلَه ؟

ومن الذي حفظ له روحه؟

يسأل نفسه من الذي حفظ هذه الأشياء؟

من الذي يمتعُه بالصحة والعافية؟

الناس المرضى على الأسرة البيضاء يتأوهون ويتألمون،

والله يتحبب إلينا بهذه النعم،يتحبب إلينا بالصحة،بالعافية.

بالأمن، بالسلامة كلُ ذلك فقط لكي نعيشَ هذه الحياة الطيبة.

الله سبحانه وتعالى يريدُ من عبده أمرين:

الأمر الأول فعلُ فرائضه.

والأمر الثاني تركُ نواهيه وزواجره.

ومن قال أن القرب من الله عز وجل فيه الحياة الأليمة أو فيه الضيقَ فقد أخطاء الظن بالله، والله إذا ما طابت الحياةُ بالقرب من الله فلن تطيب بشيٍ سواه.

وإذا ما طابت بفعل فرائضِ الله وترك محارم الله فوالله لا تطيبَ بشيٍ سواه.

ويجرب الإنسانُ مُتع الحياةِ كلِها فإنه ولله لن يجد أطيب من متعة العبوديةِ لله بفعل فرائضه وترك محارم الله.

أنت مأمور بأمرين إما أن يأتيك الأمرُ أفعل أو لا تفعل.

إذا جئت تفعل أي شيء في هذه الحياة أسأل نفسك هل اللهُ عز وجل أذنَ لك بفعل هذا الشيء، أي شيء تفعله، فالأجساد ملك لله، والقلوب ملك لله، والأرواح ملك لله.

فينبغي للإنسان إذا أراد أن يتقدم أو يتأخر يسأل نفسه هل الله راض عنه إذا تقدم فليتقدم.

أو الله غير راض عنه فليتأخر، فوالله ما تأخر إنسانُ ولا تقدم وهو يرجو رحمةَ الله إلا أسعدَه الله.

ولذلك السعادة الحقيقة والحياة الطيبة تكون بالقرب من الله.

القرب ممن؟

من ملك الملوك، وجبار السماوات والأرض، الأمر أمرُه والخلق خلقه، والتدبير تدبيره.

ولذلك تجد الإنسان المعرض دائما في قلق وفي تعب.

تجد الشخص يتمتع بكل الشهوات، ولكن والله تجد ألذ الناس بالشهوات أكثرهم آلاما نفسية.

وأكثرُهم قلقا نفسيا، وأكثرُهم ضجرا بالحياة.

واذهب وابحث عن أغنى الناس تجده اتعس الناس في الحياة، لماذا؟

لأن اللهَ جعل راحة الأرواح بالقرب منه.

وجعل لذة الحياة بالقرب منه.

وجعل اُنس الحياة في الأنس به سبحانه .

والصلاة الواحدة يفعلَها الإنسان من فرائض الله بمجردِ ما ينتهي من ركوعه وسجوده وعبوديته إلى ربه، بمجرد ما يخرج من مسجده، يحس براحة نفسية والله لو بذل لها أموال الدنيا ما استطاع إليها سبيلا.

الحياة الطيبة في القرب من الله، الحياة الهنيئة في القرب من الله.

إذا كان ما طابت الحياة بالقرب من الله فبمن تطيب؟



آسآل الله الهدآيه للجميع

وآن نحيآآء حيآآتآآ طيبه لله

ودمتم بحفظ الله