يوم تألقَ في دجاه كواكبا
وسرى بصوت الكادحين كتائبا
هزّت جذورَ الراسيات ومزقت
حجبا تراكم ليلهن غياهبا
ولوتْ من الأغلال ما يدع الخطى
رهنَ النضال عزيمة وتوثبا
حتى تكيل الناسَ كفُ شريعة
تدني النهيب لها وتقصي الناهبا
وتعلمَ الدنيا بأن مدارها
أفق يطرزه البناة كواكبا
لولاه ما فتح الحديد شفاهه
نغما تفجره المطارق صاخبا
وتحيلُه الأصداءُ صوت تحية
للواهبين المبدعين عجائبا
وتهز سمع النائمين ليسمعوا
وتصك من فقد الضمير وأجدبا
كف رآها الله فامتدت يد
مما وراء الغيب تعضد متعَبا
فبه الأديم يفضّ قفلَ كنوزه
لتعانق الأصلابُ فيه ترائبا
تتفتح الاغصان بين بنانه
وتميس في شغف عليه ذوائبا
ويسحّ في ألق النهار جبينُه
بمزارع الأحلام غيثا صيبا
والناطحات وقد صعدن تماديا
نحو السماء تخالهن سحائبا
وترى الجسورَ به على أنهارها
فوق الظلال الناعسات حواجبا
رفعتْ بقامته الحياة شراعَها
من بعد ما صهر الضلوعَ قواربا
وكرَت براحته الجراحَ روافدا
لتعلّ ظمآنا وتطعم ساغبا
وهو السخي ولم يجفَّ عطاؤه
فرِحا بما أعيا السخيَ الواهبا
وهو النداء الحر ظل بيانه
عيدا يضم مناحلا ومذاهبا
وأطلَ للأجيال شمسَ طليعة
لم تشهد الأيام منها غاربا
( آيار) ما فتئ الزمان نديمَه
وأنا أظل له النديم الشاربا
فلقد شربتُ الكأس منذ صبابتي
من راحتيه معارفا وتجاربا
وعرفت أن الكادحين عشيرتي
وهم التقاة ولست أتبع كاذبا
وعلى خطاه أسير ما وسِعتْ خطى
إذ ترتقي صعبا يهد مصاعبا
حتى يضم الأرضَ نورُ عدالة
والأرض أنت مشارقا ومغاربا