منذ بدء مرحلة ما يحب الشعب العراقي تسميتها اليوم ، بمرحلة العرس الانتخابي و الى هذه الايام يتحاشى الكل الكلام عن الدستور الذي اسس و حمّل بأخطار كبيرة تضر بالمسيرة الديمقراطية التي نتمنى و نتوخى و نحب ان تتطور، و تعم العراق حالة صحية نخطو بها الى الامام . لقد تحشى السياسيون و الاعلاميون و حتى مذيعو و مقدمو برامج شبكة الاعلام المستقلة العراقية، و بقية قنوات التلفزة و الاعلام ، يتحاشون الخوض في التفاصيل التي ستفرض نفسها بعد انتهاء الانتخابات، و اعلان النتائج.
سنواجه ثلاث معضلات، او عقبات تناسينا او تخوفنا الخوض فيها منذ اعلان موعد الانتخابات ،بل يتحاشى الكل طرحها للنقاش وهي:
١- انتخاب رئيس البرلمان
٢ - انتخاب رئيس الجمهورية
٣- تكليف رئيس مجلس وزراء العراق .
ان تسميه و تكليف رئيس الكتلة الاكبر في البرلمان بتشكيل الحكومة العراقية للسنوات الاربع القادمة .كيف ؟.
٢ -انتخاب رئيس الجمهورية
تعمدت البدء من النقطة الثانية .
حقائق لابد من ذكرها . يتطلع المكون السني من الحصول على منصب رئيس الجمهورية العراقية بعد ان حصل الكرد على هذا المنصب للسنوات الثلاثة عشر الماضيه . سيتعقد اليوم هذا الموضوع اكثر خصوصا و بعد فشل الاستفتاء الذي اجري في الاقليم حول الانفصال عن العراق .كما سيصر المكون الكردي على الاستمرار بالحصول على هذا المنصب كما جرت العادة الى هذه الايام و سيعتبرون غير ذلك هو تجاوز على الاخوة العربية الكردية و اكثر سيعتبرون انه عقاب اشتد بعد فشل الاستفتاء ، علما ان قيادة الاقليم لم تعلن و الى هذا اليوم تنصلها و اسقاطها للاستفتاء، اي ان الاستفتاء مازال يحمل نتائجه التي اقرها الشعب الكردي .هنا فشلت او تغاضت سياسة السيد العبادي السلسة من الحصول على تاكيد من الكرد برفظ الاستفتاء . و من الاهم ان نتذكر انه سيحتاج تسمية رئيس جمهورية العراق الى اكثرية الثلثين اي موافقة ( ٢٢٠ ) نائب في وقت " نتوقع " حصول اكبر قائمة على ستين نائب كما سنحلله في ادناه .
١- انتخاب رئيس البرلمان ، بعد تشضي الائتلافات الكبيرة، و انقسامها كما هو واضح سوف لن تتمكن قائمة واحدة من الحصول على اكثر من ستين نائب ، و للحصول على اغلبية سياسية مريحة لانتخاب رئيس البرلمان تحتاج تلك القائمة الاكبر الى التحالف مع مئة و عشرين نائب (١٢٠) منتخب ليتمكن العراق من تسمية رئيس برلمانه، و البرلمان هو الذي ينتخب رئيس الجمهورية و هذا بدوره يكلف رئيس اكبر كتلة برلمانية لتشكيل الحكومة، و اعطائه مهلة ثلاثين يوما لتقديم اسماء وزرائه. المعضلة الاولى، الاهم .
٣- تسميه رئيس مجلس وزراء العراق
.اذا لم تجري و منذ الان اتفاقات سرية بين كتل تحمل رؤى واضحة، و برامج تنفيذية لتشكيل الحكومة العراقية القادمة ، سندخل في متاهات لم نراها من قبل، و مع كل الاسف هذا ما يتحاشى الكل الخوض به .
يحتاج من سيكلف بتشكيل الحكومة القادمة الى تحالف مع قوائم لها اكثر من مئة و عشرين نائب ليتمكن من تشكيل الحكومة باريحيه، و ان يكون الاتفاق طويل الامد و ليس اتفاقات هشة و آنية حسب المواضيع و تسلسلها الزمني .
اذا نحن كالنعام نخفي رؤوسنا بالرمل خوفا من يراها الصياد، لان التوصل الى هذه الاعداد ليس باليسير اضافة الى الموضوع اعلاه ، اي رغبة المكون السني بالحصول على منصب رئيس جمهورية العراق لهذه الدورة، و مع اصرار المكون الكردي بتثبيت اتفاقات المحاصصة السابقة في تولي المناصب طائفيا و عرقيا . (المعضلة الثانية).
ما يرفض الشعب العراقي و الاعلام و السياسيين و المحللين ،يرفضون الاعتراف بالتصويت التكتيكي، اي التصويت الذي يحسب حساب النتائج كما يتوقعها و كما يعترف بإمكانية حدوثها . ان التصويت التكتيكي يحصل في كل الديمقراطيات العريقة في العالم الديمقراطي ، بالأخص في بريطانيا و المانيا و اليابان .
لكن الاعلام العراقي باكثريته يستأنس بدغدغة عقول الناس يمنيها و يحملها احلام بعيدة المنال .
نسمع هذه الايام مصطلحات فقدت معانيها و جردت من فحواها ، كالاكثرية الوطنية ،هذه هي المحاصصة بعينها استبدلوها عن مصطلح الاكثرية النيابية نكاية بالسيد نوري المالكي .الكل يستأنس بما قالته المرجعية "خطاءً"، المجرب لا يجرب و الكل يتقول و يطالب بالانتماء الى حكمة المرجعية ، بينما كان على المرجعية توضيح هذه المقولة بصورة اوضح و الا فقد استفادت منه كل الاطراف ، اليس السادة العبادي و المالكي و الحكيم و المطلك و مسعود و رائد فهمي و عدنان الجنابي مجربون؟.لم اذكر كل المجربين خوفا من الجنجلوتية! و انا مقل باستعمال الواو) . ثم اي ديمقراطية هذه ان ينسحب النائب او المسؤول لمجرد التزامه بمقولة المرجعية؟ الا يطالب الجميع بالاستفادة من الخبرات و التجارب العلمية كما هي السياسية؟ استغل كثيرون استعمال و استغلال هذه المقولة ، استغلها السياسي الجديد و يلتزم بها لمصلحته لقلة التنافس ، و المجرب يستفاد منها ليزكي نفسه كونه مجرب مخلص و ناجح ،فضاعت الحقيقة على الناس و تاهت الامور . السيده مركل، زعيمة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي تتولى رئاسة مستشارية المانيا الاتحادية منذ 10 نيسان 2000
و امامها سنوات اربعة اخرى .كما استمر السيد مخاتير محمد بادارة حكومة ماليزيا لعقدين من الزمن و انتجت ماليزا طفرة نوعية في الاقتصاد و الصناعة و في عموم التطور علما ان الشعب الماليزي يتكون من ثلاث اثنيات مختلفة و اديان مختلفة ايضا.
انا لا اتوقع سهولة او سرعة في تشكيل الحكومة القادمة و ارجوا ان اكون على خطأ.
بقى امل واحد اتمنى ان يحصل ، هو ان يتحد العبادي و المالكي و علاوي منذ الآن و قبل معرفة نتائج الانتخابات و يرشح كل منهم احدى المناصب القيادية في البلد، مثلا ان يرشح السيد علاوي شخص من قائمته لمنصب رئيس جمهورية العراق و وزيرا للدفاع ، و ان يرشح السيد المالكي السيد العبادي ليستمر بمنصب رئيس مجلس الوزراء لنجاحه و لمقبوليته عربيا و دوليا، و ان يرشح السيدة حنان الفتلاوي لمنصب وزيرة الصحة، و ان يرشح العبادي محمد شياع السوداني لمنصب وزير للصناعة و ان يرشح السيد سلمان الجميلي لمنصب وزير التخطيط.و ان تقوم السيدة ان نافع اوسي بمنصب امينة العاصمة بغداد و ان تقود رئاسة مجلس النواب السيدة ألاء الطلباني، و هي من وقفت في أخطر لحظة يوم اعترضت على تغير علم العراق الذي لف جثمان الراحل مام جلال رئيس جمهورية العراق . هذا موقف عراقي بامتياز .و هؤلاء هم المجربون الذين لم تقصدهم المرجعية .
و هكذا ، اي ان يختار هؤلاء من ضمن جماعاتهم و من ضمن الاشخاص الخبراء من غير قوائمهم .
يستغل كثير من الراغبين بالمنصب، يطمعون بالحصول على فرص كسابقيهم من اجل المصلحة الشخصية ، نستمع الى تصريحاتهم في الاعلام و نحن في كراسينا نصرخ كيف، و ماذا سيحدث بعد ان حرر العراق ابنائه الحقيقيين قبل ان يفكروا باي مردود شخصي او مادي ، و نتساءل هل يحق لبعض هؤلاء ان يستغلوا هذا النصر ليصعدوا كسابقيهم الى مناصب سنعاني منهم لأربع سنوات قادمة؟