كل يوم يخرج علينا من خلال الشاشة الملونة قائداً سياسياً من النوع الناهي عن المنكر, من احزاب الغفلة الحاكمة يتحدث الينا برصانة فقيه متبحر, ليلعن المحاصصة الطائفية ويمقتها وليتبرأ من الذي اوجدها, ومن كل ما ادت اليه من مصائب لشعبنا, الى يوم الدين.
ثم يجود علينا بنصيحة ذهبية بوزن جمل, ليبهرنا بألمعيتها... فهي لم تخطر على بالنا المتبلد, يوماً, ولا تنزل بعبقريتها وقيمتها الثمينة الارض, في هذا الوقت العصيب, وهي :- عدم انتخاب وجوه الفساد السابقة التي ادت الى هذا الخراب... واتخاذه قائداً واحداً أحد للأنقاذ.
المواطن العادي الذي يرى كل هذا العرض الكوميدي بكل تراجيديته, يبقى مشدوهاً, لمقدار الوقاحة التي يتحلى بها صاحب الرصانة ومن على شاكلته, الذين انقلبوا بين ليلة وضحاها على " البطانة " الى مصلحين جدد, يتسابقون على نجدتنا وانقاذنا من محنتنا التي دُخنا في معرفة مسببيها... من ( البعض ) و ( الآخرين ) في خطاب الشفافية الرسمي.
قد يختلف المواطن مع هذا الفقيه الحزبي في نسبية تقييم عمق سوداوية الوضع وقتامته إلاّ انه متفق بالمطلق مع نصيحته بعدم انتخاب من سبّب له هذه المصائب.
ادوات ووسائل استغفالنا الجديدة لا تقتصر على هذا الخطاب الاستخذائي اللين اتجاه المواطن, المتملق للشعب وبذل الوعود, فقد سبقها اتخاذ تسميات مدنية لأحزابهم الطائفية او زج شباب من قبيل تغيير الوجوه مع بقاء الموّجه المُستهلَك " من وراء حجاب " مع ترسانة منظومة تفكيره السالفة, بصلفها الطائفي.
غير ذلك, ان هؤلاء الشباب, من ابناء الاخت والعم, المتخرجون من اكاديمية " تاج راسك " الفيسبوكية, يتحلون اضافة الى ضعف الخبرة السياسية... الى طموح القفز الكنغرلي على سلم المجد المالي, ونيّل الحُسنيين معاً المال والسلطة, ضامنين لمعلميهم - تيجان رؤوسهم حسن المآب.
ولكي تستمر وليمة طهو " الخدعة " على نار هادئة مع علم الجميع انها لن تكون اطعم من مرقة حصى...
طرحوا خطاباً بالغ الثعبنة, عندما تحدثوا حديث " الأغلبية السياسية " الذي يشرح القلب, والمتناسب مع روح العصر وجوهر الديمقراطية بعيداً عن ( هرطقة الديمقراطية التوافقية المتهافتة ). لكن حديثهم يبقى كما محاولة إلباس شمطاء رمصاء حلّة حسناء غيداء, عندما ( نسوا ) وأبقوا على الجوهر الطائفي لأحزابهم, ليعودوا بنا الى الحالة الاولانية, بتوزيع الكعكة على اساس مكوناتي تحاصصي, وتشكيل حكومة مقبولية... مرفوضة شعبياً.
ولأننا ناس من اهل الله, على لاهيتنا, موجة تجيبنا وموجة تودينا, سريعو النسيان, يظنون اننا سنفرح بأغراءاتهم الانتخابية, بعد ان خنقتنا الظلمة وأخرسنا الظلم, لسنين. ولايدرون اننا لن نتكأ, بعد اليوم, على عصا كانت يوماً تجلدنا !
الخلاصة :
" لا يجب دائماً قلب الصفحة, احياناً ينبغي تمزيقها