لاتربط الجرباء قربَ صحيحة
خوفاً على الصحيحة أن تجرب
تصنيف الناس حسب الهوى لايمثل الحقيقة، وهو مجانب لها، وعندنا الكثير ممن عانوا من التجربة السياسية من المشتغلين بها، ولم تتح لهم الفرصة ليحققوا ماكانوا يرجونه من منجز في عملهم البرلماني والوزاري، ومن هم في خضم مسؤوليات في رتب ودرجات وظيفية في مؤسسات الحكومة والبرلمان والهيئات العامة، ولايصح أن نصفهم جميعا بالفشل، ولكن المقصود بذلك المرحلة، وليس الأشخاص بالضرورة، ولهذا قيل: المجرب لايجرب، وليس بمعنى إن كل مجرب أصبح فاسدا ومنحرفا عن المسار، وهو المعنى الذي يذهب إليه العامة من الناس، ولكن يمكن لهذا التوصيف أن ينسحب على المرحلة، وليس على جميع الأشخاص، ولو إستمر مانعانيه في المرحلة المقبلة فقد نعيش المرارة لمرة ثانية. فنجد الفشل والإحباط وعدم القدرة على فعل شيء لخدمة المجتمع، ثم ينغمس الجميع في لجج الفساد، ولايعود من أمل في التغيير والإصلاح
الأشخاص المجربون من قادة الكتل السياسية الذين لم يفلحوا، ولن يفلحوا أبدا هم مجربون بالفعل لأنهم قادوا السفينة وأمسكوا بالدفة، ثم أغرقوها في بحر متلاطم أهوج ومظلم، ولم يتركوا من فرصة للنجاة إلا بالتخلص منهم، وتسليم القياد لمن يظن به خيرا من البحارة الآخرين، وممن لديهم الخبرة في توجيه الدفة، وضبط العاملين على تلك السفينة، وعدم السماح لأحد أن يأخذ بها الى الهاوية، وتركيز الجهد في خانة العمل المنظم الذي يشرف عليه العارف، وليس المتحمس للحصول على المال والمكاسب، كما إن العديد من السياسيين الذي أصابهم جرب الفساد هم من عوامل نشر الخطر الذي يهدد المتصدين للعملية السياسية، وأرى إن الشعب قد حدد هولاء بهتافاته ومظاهراته وإحتجاجاته التي أطلقها ويطلقها، وليس من داع للحديث عن شكل آخر من العلاقة سوى أن نقول : إن ترك المجربين الفاسدين والترويج لهم، وتمكينهم ثانية أدعى الى إصابة الجدد بالجرب، وقد لاينجو منهم أحد إلا من حظي بالرحمة والرضا الرباني، أو كان بعيدا عنهم لأسباب أخرى
نحن بحاجة الى التغيير والتخلص من هولاء الذين أشبعونا قهرا، وحزنا وكمدا، وأساءوا الى الدولة، والى السلطة، والى التاريخ، وتحولوا الى وحوش تصطاد الفرائس دون تمييز، بل هم يتصرفون كأنهم مجانين، أو أصابتهم الهستيريا القاتلة، ولم يعد من السهل السيطرة عليهم، وحماية الناس من خطرهم المحدق، ولايتأتى ذلك إلا بإرادة شعبية قوية لقهرهم، وإبعادهم عن الميدان السياسي لكي لايعودوا يتمتعوا بتلك المكاسب كما هو ديدنهم الذي تعودوه في السنوات الماضية، وبعد أن إمتلأت كروشهم من السحت الحرام الذي نهبوه من خزينة الدولة، وجعلوا الشعب يعاني من تبعاته ونتائجه، وفقد الأمل بفرص التغيير التي يتوخاها ويتمناها ويريد، وقد تكون الفرصة الأخيرة مواتية وقد لايكون من أمل وهذا يعود لنوع الإرادة الشعبية، وصدقيتها، ورغبتها في الحصول على الحرية، وتغيير الواقع الى الأحسن