هُوَ أَوَّلُ الْأَوْلَادِ الذُّكُورِ لِلْإِمَامِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَام ، وَسَبَبُ تَسْمِيَتِه بِعَلِيِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ الْإِمَامَ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَام سَمَّى أَوْلَادَهُ الذُّكُور الثَّلَاثَة بِاسْمِ أَبِيهِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَام ؛ بِسَبَبِ حُبِّهِ الشَّدِيدُ لَهُ ، وَلِذَلِكَ فَقَدْ عُرِفَ أَوَّل أَوْلَادِهِ بِـ « عَلِيّ الْأَكْبَرِ » وَالثَّانِي « عَلِيّ الْأَوْسَط » وَالثَّالِث « عَلِيُّ الْأَصْغَرُ » . قِيلَ : وُلِدَ عَلِيّ الْأَكْبَر فِي الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ شَعْبَانَ سَنَة ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ ، كُنْيَتُهُ أَبُو الْحَسَنِ ، واُمّه لَيْلَى بِنْت أَبِي مُرَّة بْن عُرْوَة بْن مَسْعُودِ الثَّقَفِيِّ . ومِمّا يَجدرُ ذِكرُه أَنَّ أُمَّ لَيْلَى ـ أَي جَدة عَلَيّ الْأَكْبَرِ ـ هِيَ مَيْمُونَة بِنْت أَبِي سُفْيَانَ ، وَلِذَلِكَ فَقَدْ كَانَ مُعَاوِيَةَ كَمَا تَذْكُرُ إِحْدَى الرِّوَايَاتِ ـ يَعْتَبِرْهُ أَحَقُّ شَخْصٍ بِالْخِلَافَةِ ، وَوَصَفَهُ قَائِلًا : أَوْلَى النَّاسِ بِهَذَا الْأَمْرِ عَلِيّ بْن الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ ! جَدّه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَفِيهِ شَجَاعَة بَنِي هَاشِمٍ ، وَسَخَاء بَنِي أُمَيَّةَ ، وَزَهْو ثَقِيفٍ . وبالطبع فَإِنَّ قَوْلَ مُعَاوِيَة هَذَا يُمَثَّلُ مَوْقِفاً سياسياً يهدف إِلَى سَلبِ الْخِلَافَة مِنْ أَهْلِ بَيْتِ الرِّسَالَةِ ، لَا أَنَّهُ كَانَ يَعتبر الْخِلَافَةَ مِنْ حَقِّ عَلَيّ الْأَكْبَرِ . كَمَا يُمْكِنُ اعْتِبَار عَرَض الْأَمَان عَلَى عَلِيِّ الْأَكْبَرِ خِلَالِ حَادِثَة عَاشُورَاءَ بِسَبَبِ انتسابِه إِلَى أَبِي سُفْيَانَ مِنْ جِهَةِ الأُم ، حَرَكَةً سياسية يهدف مِنْ خِلَالِهَا عَزَلَ عَلِيِّ الْأَكْبَرِ عَنِ الْإِمَامِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَام ، إِلَّا أَنَّهُ وَاجَهَ مَوْقِفاً حازماً مِنْ عَلِيِّ الْأَكْبَرِ حَيْثُ قَالَ : أَمَا وَاللَّهِ ، لِقَرَابَة رَسُول اللَّهِ كَانَتْ أَوْلَى أَنْ تَرْعَى . وقد صَرَّحَ الْبَعْض بِأَنَّهُ قَدْ رَوَى الْحَدِيثَ عَنْ جَدِّهِ الْإِمَامِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَام ، وَهُوَ خَطَأٌ عَلَى مايبدو . وَمِمَّا يجدر ذِكرُه أَنَّ عَدَداً مِنَ الْعُلَمَاءِ الْكِبَارِ ـ كَالشَّيْخ الطُّوسِيّ وَالشَّيْخ الْمُفِيد ـ اعْتَبروا الْإِمَامَ السَّجَّادَ عَلَيْهِ السَّلَام أَكْبَر أَوْلَاد الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ . إِلَّا أَنَّ هَذَا الرَّأْيَ يتعارض مَعَ الرَّأْيِ الْمَشْهُور لِكِتَابِ السِّير وَأَصْحَاب النَّسَبِ ... وَقَدْ اخْتُلِفَ فِي سِنِّ عَلِيِّ الْأَكْبَرِ عِنْدَ شَهَادَتِه فِي كَرْبَلَاء ، حَتَّى ذَكَرَت بَعْض الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ بَلَغَ مِنَ الْعُمُرِ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً ، وَلَكِنَّ بِنَاءً عَلَى الرَّأْيِ الْمَشْهُور مِنْ أَنَّهُ أَكْبَرُ مِنِ الْإِمَامِ السَّجَّادِ عَلَيْهِ السَّلَام ، وَنَظَراً إِلَى أَنَّ الْإِمَامَ السَّجَّادَ بَلَغَ مِنَ الْعُمُرِ ثَلَاثَةً وَعِشْرِينَ عَاماً عِنْدَ وَقعة عَاشُورَاءَ ، فَإِنَّ مَنِ الْمُفْتَرَضِ أَنْ يَتَجَاوَزَ عُمرُ عَلَيّ الْأَكْبَرِ ذَلِكَ ، وَلِذَلِكَ تَبْدُوَ الرِّوَايَات الدَّالَّة عَلَى وِلَادَتِه فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ ، وَأَنّ عُمرَه بَلَغَ ٢٥ سَنَةً أَقْرَب للواقع .موسوعة الإمام الحسين عليه السلام للريشهري