احكام النساء من فتاوى امام المفتين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
اولا
فتاوى إمام المفتين في الطلاق
[ ثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه سأله عن طلاق ابنه امرأته وهي حائض فأمر بأن يراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أن يطلق بعد فليطلق ]
[ وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال : إن امرأتي وذكر من بذائها فقال : طلقها فقال : إن لها صحبة وولدا قال : مرها وقل لها فإن يكن فيها خير فستفعل ولا تضرب ظعينتك ضربك أمتك ] [ ذكره أحمد ]
[ وسأله صلى الله عليه وسلم فقال : إن امرأتي لا ترد يد لامس قال : غيرها إن شئت وفي لفظ : طلقها قال : إني أخاف أن تتبعها نفسي قال : فاستمتع بها ]
فعورض بهذا الحديث المتشابه الأحاديث المحكمة الصريحة في المنع من تزويج البغايا واختلفت مسالك المحرمين لذلك فيه
فقالت طائفة : المراد باللامس ملتمس الصدقة لا ملتمس الفاحشة
وقالت طائفة : بل هذا في الدوام غير مؤثر وإنما المانع ورود العقد على زانية فهذا هو الحرام
وقالت طائفة : بل هذا من التزام أخف المفسدتين لدفع أعلاهما فإنه لما أمر بمفارقتها خاف أن لا يصبر عنها فيواقعها حراما فأمره حينئذ بإمساكها إذ مواقعتها بعد عقد النكاح أقل فسادا من مواقعتها بالسفاح
وقالت طائفة : بل الحديث ضعيف لا يثبت
وقالت طائفة : ليس في الحديث ما يدل على أنها زانية وإنما فيه أنها لا تمتنع ممن لمسها أو وضع يده عليها أو نحو ذلك فهي تعطي الليان لذلك ولا يلزم أن تعطيه الفاحشة الكبرى ولكن هذا لا يؤمن معه إجابتها لداعي الفاحشة فأمره بفراقها تركا لما يريبه إلى ما لا يريبه فلما أخبره بأن نفسه تتبعها وأنه لا صبر له عنها رأى مصلحة إمساكها أرجح من مفارقتها لما يكره من عدم انقباضها عمن يلمسها فأمره بإمساكها وهذا لعله أرجح المسالك والله أعلم
فتاوى إمام المفتين عن الطلاق الثلاث
[ وسألته صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت : إن زوجي طلقني يعني : ثلاثا وإني تزوجت زوجا غيره وقد دخل بي فلم يكن معه إلا مثل هدبة الثوب فلم يقربني إلا بهنة واحدة ولم يصل مني إلى شئ أفأحل لزوجي الأول ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تحلين لزوجك الأول حتى يذوق الآخر عسيلتك وتذوقي عسيلته ] [ متفق عليه ]
[ وسئل صلى الله عليه وسلم أيضا عن الرجل يطلق امرأته ثلاثا فيتزوجها الرجل فيغلق الباب ويرخي الستر ثم يطلقها قبل أن يدخل بها قال : لا تحل للأول حتى يجامعها الآخر ] [ ذكره النسائي ]
[ وسئل صلى الله عليه وسلم عن التيس المستعار فقال : هو المحلل ثم قال : لعن الله المحلل والمحلل له ] [ ذكره ابن ماجه ]
[ وسألته صلى الله عليه وسلم امرأة عن كفر المنعمين فقال : لعل إحداكن أن تطول أيمتها بين يدي أبويها تعنس فيرزقها الله زوجا ويرزقها منه مالا وولدا فتغضب الغضبة فتقول : ما رأيت منه يوما خيرا قط ] [ ذكره أحمد ]
[ وسئل صلى الله عليه وسلم عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعا فقام غضبان ثم قال :
أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم ؟ حتى قام رجل فقال : يا رسول الله ألا أقتله ؟ ] [ ذكره النسائي ]
وطلق ركانة بن عبد يزيد أخو بني المطلب امرأته ثلاثا في مجلس واحد فحزن عليها حزنا شديدا [ فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف طلقتها ؟ فقال : طلقتها ثلاثا فقال : في مجلس واحد ؟ فقال : نعم قال : إنما تلك واحدة فأرجعها إن شئت قال : فراجعها
فكان ابن عباس يروي إنما الطلاق عند كل طهر ] [ ذكره أحمد
وعن ابن عباس قال : [ طلق عبد يزيد أبو ركانة وإخوته أم ركانة ونكح امرأة من مزينة فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : ما يغني عني إلا كما تغني هذه الشعرة لشعرة أخذتها من رأسها ففرق بيني وبينه فأخذت النبي صلى الله عليه وسلم حمية فدعا بركانة وإخوته ثم قال لجلسائه :
أترون أن فلانا يشبه منه كذا وكذا من عبد يزيد وفلانا منه كذا وكذا ؟ قالوا : نعم قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد يزيد :
طلقها ففعل فقال : راجع امرأتك أم ركانة وإخوته فقال : إني طلقتها ثلاثا يا رسول الله قال : قد علمت راجعها وتلا : { يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن }
وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أن الثلاث كانت واحدة في عهده وعهد أبي بكر وصدرا من خلافة عمر رضي الله عنهما وغاية ما يقدر مع بعده أن الصحابة كانوا على ذلك ولم يبلغه
ورأى عمر رضي الله عنه أن يحمل الناس على إنفاذ الثلاث عقوبة وزجرا لهم لئلا يرسلوها جملة وهذا اجتهاد منه رضي الله عنه غايته أن يكون سائغا لمصلحة رآها ولا يوجب ترك ما أفتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عليه أصحابه في عهده وعهد خليفته فإذا ظهرت الحقائق فليقل امرؤ ما شاء وبالله التوفيق
فتاوى إمام المفتين عن إن تزوجت فلانة فهي طالق
[ وسأله صلى الله عليه وسلم رجل قال : إن تزوجت فلانة فهي طالق ثلاثا فقال : تزوجها فإنه لا طلاق إلا بعد النكاح ]
[ وسئل صلى الله عليه وسلم عن رجل قال : يوم أتزوج فلانة فهي طالق فقال : طلق مالا يملك ] [ ذكرهما الدارقطني ]
[ وسأله صلى الله عليه وسلم عبد فقال : إن مولاتي زوجتني وتريد أن تفرق بيني وبين امرأتي فحمد الله وأثنى عليه وقال : ما بال أقوام يزوجون عبيدهم إماءهم ثم يريدون أن يفرقوا بينهم ألا إنما يملك الطلاق من أخذ بالساق ] [ ذكره الدارقطني ]
فتاوى إمام المفتين عن الخلع
[ وسأله صلى الله عليه وسلم ثابت بن قيس : هل يصلح أن يأخذ بعض مال امرأته ويفارقها ؟ قال : نعم قال : فإني قد أصدقتها حديقتين وهما بيدها فقال النبي صلى الله عليه وسلم خذهما وفارقها ] ذكره أبو داود
[ وكانت قد شكته إلى النبي صلى الله عليه وسلم وتحب فراقه كما ذكره البخاري أنها قالت : يا رسول الله ثابت بن قيس ما أعيب عليه في خلق ولا دين ولكني أكره الكفر في الإسلام فقال : أتردين عليه حديقته ؟ قالت : نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقبل الحديقة وطلقها تطليقة ]
وعند ابن ماجه : [ إني أكره الكفر في الإسلام ولا أطيقه بغضا فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذ منها حديقته ولا يزداد ]
وعند النسائي [ أن النبي صلى الله عليه وسلم أفتاها أن تتربص حيضة واحدة وعند أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تعتد بحيضة واحدة ]
[ وأفتى النبي صلى الله عليه وسلم أن المرأة إذا ادعت طلاق زوجها فجاءت على ذلك بشاهد عدل استحلفت زوجها فإن حلف بطلت شهادة الشاهد وإن نكل فنكوله بمنزلة شاهد آخر وجاز طلاقه ]
واخر دعوانا ان الحمد للة رب العالمين
فتاوى إمام المفتين عن الظهار واللعان
[ وسئل صلى الله عليه وسلم عن رجل ظاهر من امرأته ثم وقع عليها قبل أن يكفر قال : وما حملك على ذلك يرحمك الله قال : رأيت خلخالها في ضوء القمر قال : لا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله عز وجل ] حديث صحيح
[ وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال : لو أن رجلا وجد مع امرأته رجلا فتكلم جلدتموه أو قتل قتلتموه أو سكت سكت على غيظ فقال : اللهم افتح وجعل يدعو فنزلت آية اللعان فابتلي به ذلك الرجل من بين الناس فجاء هو وامرأته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلاعنا ] [ ذكره مسلم ]
[ وسأله صلى الله عليه وسلم رجل آخر فقال : إن امرأتي ولدت على فراشي غلاما أسود وأنا أهل بيت لم يكن فينا أسود قط
قال : هل لك من إبل ؟ قال : نعم قال : فما ألوانها ؟ قال : حمر قال : هل فيها من أورق ؟ قال : نعم قال : فأنى كان ذلك ؟ قال : عسى أن يكون نزعه عرق قال : فلعل ابنك هذا نزعه عرق ! ] [ متفق عليه ]
[ وحكم بالفرقة بين المتلاعنين وأن لا يجتمعا أبدا وأخذ المرأة صداقها وانقطاع نسب الولد من أبيه وإلحاقه بأمه ووجوب الحد على من قذفه أو قذف أمه وسقوط الحد عن الزوج وأنه لا يلزمه نفقة ولا كسوة ولا سكنى بعد الفرقة ]
[ وسأله صلى الله عليه وسلم سلمة بن صخر البياضي فقال : ظاهرت من امرأتي حتى ينسلخ شهر رمضان فبينما هي تخدمني ذات ليلة إذ انكشف لي منها شيء فلم ألبث أن نزوت عليها فقال : أنت بذاك يا سلمة فقلت : أنا بذاك فأنا صابر لأمر الله عز وجل
فاحكم في بما أراك الله
قال : حرر رقبة قلت : والذي بعثك بالحق ما أملك رقبة غيرها وضربت صفحة رقبتي قال : فصم شهرين متتابعين فقلت : وهل أصبت الذي أصبت إلا من الصيام ؟ قال : فأطعم وسقا من تمر بين ستين مسكينا قلت : والذي بعثك بالحق نبيا لقد بتنا وحشيين ما لنا من طعام قال : فانطلق إلى صاحب صدقة بني زريق فليدفعها إليك فأطعم ستين مسكينا وسقا من تمر وكل أنت وعيالك بقيتها فرجعت إلى قومي فقلت : وجدت عندكم الضيق وسوء الرأي ووجدت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم السعة وحسن الرأي وأمر لي بصدقتكم ]
[ ذكره أحمد ]
[ وسألته صلى الله عليه وسلم خولة بنت مالك فقالت : إن زوجها أوس بن الصامت ظاهر منها وشكته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله يجادلها فيه بقوله :
اتقي الله فإنه ابن عمك فما برحت حتى نزل القرآن :
{ قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله } الآيات ( أول المجادلة )
فقال : يعتق رقبة قالت : لا يجد قال : فيصوم شهرين متتابعين قالت : إنه شيخ كبير ما به من صيام قال : فليطعم ستين مسكينا قالت : ما عنده من شيء يتصدق به فأتى ساعته بعرق من تمر قلت : يا رسول الله إني أعينه بعرق آخر قال : أحسنت اذهبي فأطعمي بها عنه ستين مسكينا وارجعي إلى ابن عمك ] [ ذكره أحمد وأبو داود ]
ولفظ أحمد :
[ قالت : في والله وفي أوس بن الصامت أنزل الله صدر سورة المجادلة قالت : كنت عنده وكان شيخا كبيرا قد ساء خلقه وضجر قالت : فدخل علي يوما فراجعته بشيء فغضب فقال : أنت علي كظهر أمي ثم خرج فجلس في نادي قومه ساعة ثم دخل علي فإذا هو يريدني عن نفسي قالت : قلت : كلا والذي نفس الخويلة بيده لا تخلص إلي وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكم
قالت : فواثبني فامتنعت منه فغلبته بما تغلب المرأة الشيخ الضعيف فألقيته عني ثم خرجت إلى بعض جاراتي فاستعرت منها ثيابها ثم خرجت حتى جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلست بين يديه فذكرت له ما لقيت منه فجعلت أشكو إليه ما ألقى من سوء خلقه فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
يا خويلة ابن عمك شيخ كبير فاتقي الله فيه قالت : فو الله ما برحت حتى نزل القرآن فتغشى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يتغشاه ثم سري عنه فقال :
يا خويلة قد أنزل الله فيك وفي صاحبك ثم قرأ علي : { قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله } ( أول المجادلة ) إلى قوله : { وللكافرين عذاب أليم } ' قالت : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مريه فليعتق رقبة وذكر نحو ما تقدم ]
وعند ابن ماجه أنها قالت : [ يا رسول الله أكل شبابي ونثرت لي بطني حتى إذا كبر سني وانقطع ولدي ظاهر مني اللهم إنى أشكو إليك فما برحت حتى نزل جبرائيل عليه السلام بهؤلاء الآيات ]
واخر دعوانا ان الحمد للة رب العالمين