تعلّمتُ أن احترم جسدي كثيرا ، لأنّه أداتي الحيويّة وواسطتي للحياة والإبداع والجمال ، وهو نافذتي التي أطلّ من خلالها على العالم ، ولا يمكن للآخرين أن يلتقوني إلّا متلبّسا به ، فعن طريق جسدي يعرفني الآخر ، وبواسطته أشارك الآخرين أفراحهم وأحزانهم فاثبت إنسانيتي ، وعن طريق حركات الجسد وتعابيره وإشاراته أكتشف الآخرين ويكتشفني الآخرون ، فلولا جسدي لبقيت كثير من المشاعر وردود الأفعال بلا مُعرّف ، ولافتقدنا الكثير من مفردات الحياة : كالضحك والاندهاش والفرح والمواساة والثورة .

كما أن الجسد وسيلة فعّالة من وسائل توصيل الحب والإلفة بيننا وبين من نحب وقد خلصت العديد من الأبحاث المتعلقة بتطور الطفل إلى أن الرضيع الذي يُحمل ويُحتضن ويُقبّل ، يعيش حياة أكثر استقراراً وصحية من الناحية العاطفية ، أكثر من الرضيع الذي يُترك لفترات طويلة دون اتصال بدني .

أخيراً ، فإنّ تفهّم أفكار الآخرين ورغباتهم والتعرف على شخصياتهم ، وتعريف الآخرين بأفكارنا ورغباتنا ، لا يتم إلا بالتواصل البصري والسمعي واللساني معهم والتعرّف على أبجدية لغة الجسد ، فأحياناً ترسلُ لغة الجسد رسالة مختلفة عن الرسالة التي يفيدها الكلام