اصابني ذهول و انتابتني كآبة شديدة كأن جبلا أرتقي كاهلي ، احساس غريب يجول داخلي كأحساس طفل اخذوا منه أمّه عنوة ، اردت النهوض ولكن قدماي لم تسعفاني ، احسست بأن الارض تدور بي و كل الاشياء من حولي بدت مشوْشة الصورة ثم ..... فتحت عيني لأجد نفسي في المستشفى واهلي يحيطون بي من كل جانب ، وقد عُلّقت لي قنينة مغذي بالوريد ... ماذا جرى؟
رأيت وجه أمي الشاحب وهي تنظر ألي بقلق شديد: حبيبي... ابني... الف الحمد لله على سلامتك...
نظرت حولي وانا شارد الذهن... ماذا حدث لي؟ اخبروني
رد صديقي : ما ان ابتعدت عنك قليلا عندما كنا في النادي حتى سمعت النسوة يصرخن ... وانت ساقط على الارض... طلبت الاسعاف و الحمد لله ها انت بخير صديقي العزيز
دنا مني و همس بأذني قائلا :( على الرغم من هذا سآخذ سرمد معي ) و ابتسم ابتسامتة الصفراء .
خرجت من المستشفى عصرا وانا مستند على كتف اخي من جهة و يد ابي من جهة... دخلت البيت وكأني غريب عنه.. لا رغبة لي بالكلام انا الذي لم يكن يسكت إلا ما ندر ولا رغبة لي في الاكل انا الذي كنت الهم حتى العظام، دخلت غرفتي واستلقيت على السرير وعيناي مسمّرتان في السقف تمرّ من امامي خيالات اللقاء الساحر اتخيّل، صوتها.. وجهها البريء.. ضحكتها العفوية.. ملامحها الطفولية...
هل انا مغرم ؟ لا ادري.. فانا لم اعش هكذا إحساس من قبل.. هو احساس لطيف و لكنه يعصف بي داخليا كاعصار مدمّر يقتلع القلب و الرئتين و يبعثر أشلائي برضا تام مني!
جلبوا لي العشاء فلم اذقه... تحايلت علي امي كي آكل لكن دون جدوى.. بقيت على هذا الحال اسبوعا كاملا... هزل جسمي و بانت عظامي و خسفت عيناي في محجريهما...
قال والدي: لا بد ان اجلب له طبيبا الى البيت... لا أريد ان اخسر ابني..
( يتبع...)