جاءني متوسلاٌ ليس كعادته فهو يمشي والزهو يلهو بباحته، إذ صاغه الله صيغة حسنة و افرغه في قالب الكمال و الجمال فحبى الله عليه بأجمل النساء، سعى أليَّ انا المتواضع الشكل ، القليل الحيلة إذ اغرق في شبر ماء!
قال لي: اسعفني يا صديقي ... اريد التحدث الى حبيبتي على انفراد...
قاطعته مستغربا: و ما شأني بذلك؟
قال: اريدك أن ترافقني..
قلت: عجبا... ولكنك تريد التحدث معها على انفراد...
قال: بلى... ولكنها لا تستطيع مغادرة البيت لوحدها... لقد فرض عليها اهلها ان ترافقها أختها...
قلت: فهمت... تريدني ان أبعد اختها عنكما..
قال: احسنت... هذا ما اتمناه و ما ارجوه منك..
قلت بشيء من الخبث: وهل اختها جميلة مثلها؟
قال: لا أعرف.. فلم ارها قط ... دعها على الله
قلت: آمنت بالله... ومتى الموعد و أين؟
قال:في السادسة عصراً من يوم الخميس القادم في الحديقة العامة مقابل بيتنا.
قلت: اتفقنا
انصرف عني وهو يكاد يطير فرحا وانا انتابني قلق شديد ، هل يعتبر ما سأقوم به ( عمل خير ) ام أني تسرّعت و وافقت؟
قلت بما انهما متحابان ويودان تفاهما اكثر فلا بأس... فسيجلسان في منتزه عام و يتحادثان بأدب فما الضير.
جاء الخميس ودنت ساعة اللقاء، بدأ قلبي يدق بشدة فأنا لا أعرف الفتاة التي سأقابلها ، لا شيء عنها ولا اعرف كيف ستقابلني وهل ستوافق ان آخذها بعيداً عن اختها.
جاء صديقي و رحّب بي و شكرني لدقتي في الموعد... و في السادسة عصراَ رأيناهما من بعيد ... اقتربتا وتبادلنا التحايا...
عرفني صديقي بحبيبته و عرّفتني هي بأختها... وقالت لي: سأودع أختي أمانة لديك... عُد بها كما استلمتها... ضحكنا جميعاً ... جلس صديقي مع حبيبته على احدى الارائك و سرت انا و وديعتي مبتعدين بين الاشجار و عطر الورود...
بادرتُ بالكلام: أنا جميل....
قالت: أسم على مسمّى... وانا نجوى
قلت: عاشت الأسامي...
وجدنا اريكة تحت ظل شجرة وارفة فجلسنا و نحن نتبادل اطراف الحديث من جدٍّ و هزل و مرّت ساعة كاملة و نحن في وفاق و وئام كأنما يعرف احدنا الآخر منذ ألف عام... لم نشعر بصديقي و حبيبته وهما يقفان امامنا معلنان ساعة الوداع...
ما أصعب تلك الساعة... أحسست و كأن قلبي يُنتزع من صدري أنتزاع!
( سأكمل الحديث فيما بعد... اعذروني )