انتشرت الحشرات في سماء الأرض في وقت ما، قبل 300 أو 360 مليون سنة مضت، قبل الطيور أو الخفافيش والتيروصورات، وذلك بفضل الأجنحة التي سمحت لها بالسيطرة على المنافذ البيئية.
وفي بحث نُشر مؤخرا في مجلة Proceedings of the National Academy of Sciences، قام الباحث توموياسو بالتعاون مع، ديفيد لينز، بهندسة يرقات الخنافس جينيا بأجنحة على بطونها، كجزء من محاولة لفك أحد أعظم أسرار الطبيعة: كيف اكتسبت الحشرات القدرة على الطيران؟
وتمتلك الغالبية العظمى من الحشرات الحية أجنحة مطورة، أو اكتسبتها من أسلافها القادرة على الطيران، كما يقول لينز، وهو عالم أحياء تطوري في جامعة إنديانا. وهناك افتقار محبط للأدلة المتعلقة بالفترة التي تطورت فيها قدرة الحشرات على التحليق، كما يقول توموياسو، عالم الأحياء التطوري في جامعة ميامي.
وبهذا الصدد، قال فلويد شوكلي، عالم الحشرات في المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي في Smithsonian، إن هناك فرضيتين متنافستين فيما يتعلق باكتساب الحشرات قدرتها على الطيران.
وتشير فرضية "tergal hypothesis" (فرضية العدم) إلى أن الأجنحة نشأت على الجزء العلوي من جدار جسم الحشرات، ربما كأغشية زلقة. وتقول "الفرضية الجينية" إن الأجنحة نشأت من أجزاء الساق القديمة (التي تعود للأسلاف)، حيث اندمجت مع الجسم قبل أن ينتهي بها الأمر في المنطقة الخلفية.
ويقول لينز إن علم الأحياء التطوري إلى جانب التقدم في علم الوراثة، أعطى وزنا للفرضية الثالثة "الأصل المزدوج" المقترحة أصلا في عام 1974، حيث تقول إن أجنحة الحشرات بدأت بالاندماج بين النسيجين المنفصلين: جدار الجسد الظهري الذي وفر الغشاء، بينما نشأت المفاصل عن أجزاء الساق.
ويبدو هذا النوع من الاندماج التطوري غريبا، ولكن ربما كان لدى أسلاف الحشرات أجزاء متماثلة نسبيا في الجسم، لكل منها زوجان من الأرجل. وتم تعديل هذه الأجزاء على مدى الألفية بطرق مختلفة. في بعض الحشرات، فاندمجت الساقان في منطقة البطن، في حين تطورت لدى حشرات أخرى لتصبح أجنحة.
وفي دراسة أولية، استخدم فريق البحث مفاتيح تبديل رئيسية في جينوم الخنفساء المتسلسل بشكل كامل. ويقول لينز إن الخنافس لا تطير بشكل جيد ويسهل الاحتفاظ بها في المختبر. وقدم هذا الأمر بعض الدعم لفكرة أن الأجنحة كانت أنسجة مركبة.
وحول الباحثون انتباههم إلى الشرانق، التي لديها مجموعات دفاعية على طول بطونها، ما يجعلها نماذج محتملة لهياكل الجناح المبكر. وأدخلوا بروتينا أخضر مشعا في الخنافس، يمثل تعبيرا معينا عن جينات مرتبطة بالجناح، ما يسهل معرفة أي الأنسجة تتأثر بالتغير الجيني. وبعد التلاعب بجينات البطن، كانوا سعداء لرؤية أنسجة خضراء على الجوانب.
وبفعل ذلك، تمكنوا من إنتاج الشرانق التي تندمج في الأنسجة على شكل أزواج من الأجنحة الصغيرة.
وفي حين أن الدراسة مثيرة للاهتمام، يقول شوكلي إن الفكرة القائلة بأن تطور اليرقات بفعل تسلسل سريع التقدم مقارنة بالتعديلات التطورية السابقة، قد فُقدت إلى حد كبير. ومع ذلك، فهو يعترف بأن التلاعب في التعبير الجيني مفيد في محاولة تجميع تفاصيل الهياكل التي يصعب تصورها.