الحلقة الثانية من كتاب واسط بين الماضي والحاضرللمؤلف السيد عبد المنعم تقي الطباطبائي
( واسط في العصر العباسي )
اتخذ العباسيون في اول عهــــــدهم الكوفة مقراّ لخلافتهم ومنطلقا لتثبيت حكمهم ولكن لم يطل بهم المقام فيــــها فأتخذوا الهاشمية مقرا جديدا ليبتعدوا عن الحياة الصاخبة في الكوفة المضــطربة الاراء المختلفة الاهواء والولاء .
ولكن لـم يطل مـــقامهم فيــــها فأتخذ المنصور قاعدة حكمه ومركز خلافة فأبتنى بغداد عاصـــمة ملــكه ومقر حكمه العامرة لتكون ام الدنيا ومركز الخلافة وبؤرة الاشعاع الحضاري والفــــكري فــــي ذلك العصر . وهذا يعني ان واسط قد فقدت مركزها السياسي والعــسكري الذي اسست عليه ولكن واسط كانت سريعة النمو والازدهار فــــي مجالات الــحياة الاخرى لقوة اقتصادها ومتانت تكوينه لما درت عليه الفتوح الاسلامية فــي العصر الاموي من خير وفير فأتسعت عمارتها وزاد بناؤها وكبرت مساحتها حتـــى اندمجت بالمدينة التي كانت على الجانب الشرقي المقابل لها وارتبطت معـــــها بجسور فتوحد شطرا المدينة ليكونا مدينة واسط . فقصدها العــــمال والحــــرفيون والتـــــجار والمزارعـــون وكثرت فيها الجوامع والمدارس والــربط وامها الــــناس فأستـــمر ازدهارها وتصاعد طيلة مدة الحكم العباسي وازدادت شهرة في العالم الاسلامي فزارها العلماء وقصدها طلاب العلم والمعرفة التماسا لعلومــــها وطــــلبا لمعــــارفها وفنونها فزداد عمرانها وزهت علومها في الفترة العباسية فكتب عنها المؤرخون وزارها البلدانيون ليسجلوا ما شاهدوه من معالم ومـــا وجدوه من تراثها كما أن انتشار معالم اثارها حاليا على مسافات شاسعة مـــن جانبي نـــــهر دجلة الــــقديم ( عقيق – الدجيلة في الوقت الحاضر ) والعثور على عدة طبقات الواحدة فوق الاخرى لابنية المسـجد الجامع وقصر الامارة وللمباني الاخرى يدل عـــلى تشديد عمارتها بين فترة واخرى من فترات عمرها العباسي (1).
لقد ذكرنا ان الحجـــاج بن يــوسف الثقـــفي وضع تخطيط مدينته التي ارادها ان تكون حصن حصـــين لجنده وادارته ليحكم قبضته في العراق ويبسط نفوذه على جميع الاقاليم الجـــــنوبية والشرقية ولذلــــك كانـت تصاميم المدينة تلبي الحاجة
المرجوة من تأسيسها .
1 – تقرير الموسم السادس للتنقيب في واسط / بقلم فؤد سفر .
ومن أبنية واسط سورها الذي تخـــــترقه ستة أبواب هــــي باب المضمار وباب الزاب وباب القورج وباب الخلالين وباب البــصرة وباب الفيل وقد ذكر أن في مدينــة واسط أربعة جوامع هي جامع الحجاج بن يوسف الثقـــــفي وهذا أنشـــئ عند تأسيس المدينة وجامع موسى بن بغا وكان يقع في الجانب الشرقي مـن المدينة وجامع أبن رقاقا ويقع فــي الجانب الشرقي من واسط على نهر دجلة وكان هــــذا الجامع قد دثر فأمر بتجديده شرف الـــــدين أقبـــال الشرابي سنــــة 632/هـ -1234/م وقــــد تــــولى عمارته أبو حفــــص عـــمر بن أبي بكــــر بن أسـحاق الدورقي(1) وجـــامع المــــصلـى (لاتوجد أية معلومات عــــن سنـــة بنائه ألا أن الدبيثي ذكر في تأريـخه أن أبا الفــــضل بن العجمي توفــــي بواسط سنـــــة 511/هـ -1117/م ودفن بتربة المصلــى(2) ) مـما يدل على أن بناءهــــذا الجامع كـــــان قد تـــم قبل هذا التأريخ . وقد أكدت التنقيـــــبات الأثاريه التي أجرتــها مديرية الأثار العامة فـــــــي موقــــع خرائب واســط وجود الجوامع الأربعة أذ عـــــثرت بعثاتها علـى بقايا أسس ومعالم تلكم الجوامع .وكــــــانت ألــــــــى جانب تلك الــــجوامع الكبيرة مســاجد خطها أفراد فــــــي محلات المدينة لأقامة الصــلاة فيها في الأوقات المختلفة عدا صلاة الـــجمعة التي تقام عادة في المساجد الجامعة(3).
ومن هذه المساجد مسجد بدر بن عبدالله ومسجد أبن أبي صالح ومـــــسجد أبن السقاء ومسجد رحمة ومسجد أسلم بن سهل الرزاز الواسطي المعروف ببحشل وكان موضعه بمحلة الرزازين في الجانب الغربي مـــــــن الجهة السفلى من المدينة ومســــجد زنبور ومسجد قصبه ومسجد أبو الحســـــــين عبد الله بن أحــــــمد بن شبح ومسجــــــد درب الواسطيين .
هذه المساجد بكثرتها وأنتشارها في محـــــــلات المدينة تعطينا دلالات قاطعه على سعة مدينة واسط وأنفساح رقعتها الـجغرافية وكثــــــافة سكانها وأزدها عمــــــــرانها ونمو أقتصادها وكثرة الأموال فــــــيها كذالك فان هـــذه المساجد كانت نجوماً زاهرة وأنواراً ساطعة في سماء الأجواء الثقافية أن ذاك يـــــشع منها مختلف العلوم والأداب والفنون التي عبقت بها مدينة واســـــــط وأخذت دورها لتــــسهم في بناء حضارة الأمة العربية الأسلامية وترفدها بالثقافة والحضارة المعارف الأخرى.
الى جانب هذه المساجد المعــــطاء هنـــاك المدارس التي أخذت دورها في بناء الصرح العلمي والثقافي والتي أنشئت في المدينة وهذه المدارس هي مدرسة .
************************************************** ****
1-أبن الفوطي تلخيص مجمع الأداب ج4 ق3 ص267-268,الحوادث الجامعه 254.
2- المعاضيدي عبد القادر / واسط في العصر العباسي .
3- نفس المصدر السابق.
(12)
القاضي ابوعلي الحسن بن ابراهيم بن علي الفارقي (المتوفى سنة 528 هـ 1133 م)
ومدرسة الشيخ ابو الفضل علي الواسطي المعروف بأبن القاريء انشــــأها قـــبل سنة ( 539 هـ - 1144 م ) فــــي النصف الاول من القرن السادس الهجري انشأ الشــــيخ ابو الفضل علي الواسطي المعروف بأبن القاريء مدرسته ( هكذا ذكرت كتب التاريخ )
وهناك مدرسة ابي الفتح نــــصر اللة بن علـــــي بن منصور الواسطي المعروف ( ابن الكيال ) ومدرسة الفقيه ابي الفضل محمود بن احمد بن عبد الرحمان الغزنوي المتوفى سنة ( 563 هـ - 1167 م ) التي كانت بمحلة الوراقين في الجانب الغربي من المدينة . ومدارس كثيرة جاء ذكرها عنــــد المؤرخين تدل على انتشار العلوم وشغف اهل واسط بها .واشهرمدارسها صيتا واكثرها ذيوعا هي المدرسة الشرابية الشهيرة .
بجانب هذه المدارس الكثيرة المنتــشرة في المدينة بقسميها الشرقي و الغربي انتشرت ايضا الربط لتأخذ دورها في الحياة الفكرية وتسهم في نشر الوعي الديني و ألثقافي في المدينة . فقد انشأ الشـــيخ ابو الفضل علــي الواسطي المعروف بأبن القاريء القرشي المتوفــــى سنـــــة ( 539 هـ - 1144 م ) ربــاطـا وكذلك الشــــيخ الزاهد منـصــــور الانصاري المعروف بالرباني البطائحي المتوفى سنــة ( 540 هـ - 1145 م ) رباطـــا ويبدوان هذه الربط كانت ايضا متعدد ومنتشرة فـي جانبي مدينــة واســــط كسابقتهــــا المدارس