TODAY - 14 August, 2010
خارطة طريق لمعالجة ازمة الكهرباء في العراق
د.جرجيس كوليزادة
بعد قراءة مشهد الساحة السياسية العراقية وعدم تشكيل الحكومة وعدم الالتزام بتحقيق الاستحقاقات الانتخابية للكتل البرلمانية الفائزة، وإسناداً الى الواقع الميداني للعراقيين الذي يعاني من مشاكل وأزمات خانقة لخدمات الحياة والبنية التحتية والتي تركت أثرها السلبية الكبيرة على المجالات الحياتية والمعيشية للمواطن نتيجة لتراكم آثار مظاهر الفساد السياسي والمالي والاداري للحكومة المنتهية ولايتها برئاسة نوري المالكي والحكومات السابقة، وفي ظل هذا الواقع المزري بقيت قابلية العراقيين في مواجهة آثار هذه المشاكل والأزمات تحمل قدرة كبيرة خارقة لمجابهة مصاعب الحياة التي يعانون منها كل ساعة في واقعهم اليومي.
ويبدو للعيان ولكل متابع أن الحكومة الحالية لم تفعل شيئا للعراقيين خلال مسيرتها التنفيذية في السنوات السابقة خاصة في مجال الكهرباء ومياه الشرب، ولم تنفذ اية برامج عمل مميزة لمعالجة الحالة التي يعاني منها المواطنون، خاصة الأغلبية الكبيرة التي تعاني من مشاكل اقتصادية ومعيشية كثيرة، ويتبين ان الحكومة لم تأخذ على عاتقها لحد الآن بجدية إيجاد حلول ميدانية وعملية لمجابهة مظاهر حالة الأزمات المستفحلة ومعالجة المشاكل بمسؤولية وواقعية، بسبب تشكيل حكومة المالكي على اساس تمثيل حزبي بالدرجة الأولى وليس الكفاءة والمهنية والمعيار الوطني وهو ما سمح باستوزار شخصيات غير مؤهلة بتاتا لم تعمل من منطلق الانتماء الوطني ولم تقدم شيئا ملموسا في مواقعها الوزارية للمواطن العراقي.
من هذا المنطلق نجد ضرورة أن نعرض الأزمات العصيبة التي تتسم بها الواقع العراقي الراهن، للعمل الجدي الآني بتعاون عراقي واقليمي ودولي على إزالتها أو تقليل آثارها السلبية على حياة المواطن، خاصة وأن العمل الحكومي بات مشلولا في الواقع الراهن، لهذا من منطلق الحس المسؤول فان واقع الحال يتطلب جدية شديدة وفعالية مميزة في توجيه مؤسسات الدولة العراقية نحو برنامج وطني شامل، بعد أن أصبح الكيان الحياتي العراقي معرضا الى مأساة حقيقية وواقع معترف به من قبل الجميع، ومن المفروض ان يحفز هذا الواقع المأساوي الحكومة الحالية والبرلمان الجديد على بذل أقصى جهد آني ممكن بمستوى المرحلة الحالية لمجابهة المشاكل والازمات الحياتية التي نعاني منها اليوم في واقعنا العراقي خاصة الماء والكهرباء، ولكن واقع الحال ينقل لنا عكس هذه الصورة.
استنادا الى هذه الرؤية الواقعية نجد من الضرورة ان نسرد خارطة طريق لحلول عاجلة مقترحة لمعالجة أزمة الخدمات المستفحلة في مجال الكهرباء بالعراق بالرغم من إشارتنا اليها في مقالات سابقة على صفحات مجلة بغداد، والخارطة تنحصر مضمونها بما يلي:
1. اعلان حالة طواري مدنية من قبل الحكومة وكل الوزارات والمؤسسات ووضع كل الامكانيات والاليات والوسائل المتاحة للتعامل الجدي مع أزمة الكهرباء والماء، وعلى صعيد جميع مستويات الدولة بدءا من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والبرلمان الجديد، وفق سياقات عمل مسيطرة عليها لضمان حلول عاجلة لازمة الكهرباء.
2. استيراد عاجل لمحطات توليد الكهرباء المتنقلة من قبل الحكومة بالتنسيق مع الطرف الامريكي لتسهيل نقل ونصب تلك المحطات في بغداد والمحافظات، والاستعانة الفورية بالخبرات الدولية لضمان معالجة فورية لازمة الكهرباء وتقليل اثارها على حياة العراقيين.
3. الاتفاق مع الشركات العالمية التي تملك محطات توليد الطاقة على الناقلات والبواخر لتجهيز الشبكة الوطنية في العراق بالكهرباء عن طريق البصرة، وندرك أهمية هذه الوسيلة في مجال تأمين الطاقة من خلال سهولة توفير انتاج الكهرباء دون حاجة للنصب والتركيب لمحطة التوليد.
4. التباحث الجدي مع دول الجوار، خاصة ايران وتركيا، لشراء الكهرباء منها ودفعها لتجهيز الشبكة الوطنية من خلال شبكات الخطوط التي تربط بعض تلك الدول مع العراق، وتأتي اهمية هذه الطريقة انها جاهزة لاستلام الطاقة وربطها مع الشبكة وتجهيزها للمواطنين.
5. اطلاق حملة وطنية من قبل كل الكتل البرلمانية والاحزاب السياسية على الصعيد الشعبي وتشكيل فرق في بغداد وكل امحافظات حسب المناطق للتعاون والتنسيق مع الجهات الحكومية لتقديم العون والسند الى البرنامج الوطني العام للدولة لمعالجة الازمة الراهنة للكهرباء.
باختصار هذه هي خارطة طريق لمعالجة ازمة الكهرباء والماء في العراق نطرحهاللخيِّرين من القادة والسياسيين للإقرار بها لمجابهة الواقع المتدهور في مجال الخدمات، وانطلاقا من هذا الاعتقاد فإن الواقع الذي نعيشه المليء بمظاهر الخلل والأزمات الخانقة، يفرض علينا أن نقول بكل مصداقية ان الحكومة الحالية تحمل المسؤولية الكاملة في هذا الجانب بسبب حالة الجمود الكاملة التي رافقت عمل الحكومة نتيجة فسادها بسبب غياب البرامج الحكومية للمشاريع الخدمية لحل مشكلة الكهرباء ومياه الشرب وكذلك في مجالات اخرى مثل أزمة السكن وفرص العمل وفقدان الخدمات وحرمان مناطق كبيرة من اهتمامات ورعاية الدولة، والسؤال الكبير الذي يطرح الان بكل جدية وهو ماذا فعلت الحكومة بميزانية الدولة للسنوات السابقة التي تقدر بثلاثمائة مليار دولار؟، هذا السؤال بات يفتح باب جدل كبير على مصراعيها لان الحكومة مع كل هذه الايرادات الكبيرة لم توفر للعراقيين لا الكهرباء ولا الماء، فيا ترى اين ذهبت كل هذه الاموال الطائلة للشعب؟!!
في الختام لا بد ان نبين أن البحث لإيجاد حلول لهذه الازمة الحياتية الخطيرة تحتاج الى جهود مخلصة تطلب عملا استثنائيا نأمل أن تقوم به الحكومة الحالية او المقبلة في ظل البرلمان الجديد، للخروج بعمل وطني حقيقي ورؤية واقعية وجدية مستخلصة من المعايشة الحقيقية لواقعنا الحياتي في العراق، ونأمل أن تتحول هذه الخارطة الى برنامج وطني، وأن تنظر لها بعين الاهتمام من قبل المعنيين بغية أيجاد الحلول المناسبة لتأمين معيشة لائقة وحياة كريمة للعراقيين.