لَوْ أعْلَمُ الأيّامَ رَاجِعَةً لَنَا، ****بكَيتُ على أهْلِ القِرَى من مُجاشِعِ

بَكَيتُ على القَوْمِ الّذينَ هَوَتْ بهِمْ ***دَعَائمُ مَجْدٍ كانَ ضَخمَ الدّسائِعِ

إذا ما بكى العَجْعاجُ هَيّجَ عَبْرَةً *** لعَيْنَي حَزِينٍ شَجْوُهُ غَيرُ رَاجعِ

فإنْ أبْكِ قَوْمي، يا نَوَارُ، فإنّني *** أرَى مَسْجِدَيهِمْ مِنهمُ كالبَلاقِعِ

خَلاءَينِ بَعدَ الحِلْمِ وَالجَهلِ فيهما *** وَبَعْدَ عُبابيِّ النّدَى المُتَدافِعِ

فأصْبَحْتُ قَدْ كادَتْ بُيوتي يَنالُها**** بحَيْثُ انتَهَى سَيلُ التِّلاعِ الدّوَافعِ

على أنّ فِينَا مِنْ بَقَايا كُهُولِنَا *** أُسَاةَ الثّأى وَالمُفظِعاتِ الصّوَادعِ

كَأنّ الرّدُيْنِيّاتِ، كانَ بُرُودُهُم*** عَلَيْهِنّ في أيْدٍ طِوَالِ الأشَاجِعِ

إذا قلتُ: هذا آخرُ اللّيلِ قَد مَضَى، *** تَرَدّدَ مُسْوَدٌّ بَهِيمُ الأكارِعِ

وَكَائِنْ تَرَكْنَا بِالخُرَيْبَةِ من فَتىً**** كَرِيمٍ وَسَيْفٍ للضّرِيبَةِ قاطِعِ

وَمِنْ جَفْنَةٍ كانَ اليَتامَى عِيالَها، **** وَسَابِغَةٍ تَغْشَى بَنانَ الأصَابِعِ

وَمِنْ مُهْرَةٍ شَوْهَاءَ أوْدَى عِنانُها ***** وَقَد كانَ مَحفوظاً لها غَيرَ ضَائِعِ