شقاوات للنخوة وآخرين للاجرام بعضهم يتكفل بحماية اهل المحلة باعتباره الرجل المفتول العضلات والقوي البنية اما بعض الشقاوات فتكون مهمته على العكس تماما من تلك المثل الانسانية العليا فتجدهم يسلبون وينهبون ويتتخذون من مهنتهم كقطاعي طرق الامر الذي يقود الكثير من اصناف الشقاوات الى التقاتل حد الموت والبقاء للاصلح ، فالشقاوة هي الصفة التي يطلقها المجتمع على الرجل القوي الذي من المفروض انه حامي منطقة بأهلها ودكاكينها في عصور كان فيها القانون ضعيفا والمؤسسات الحكومية غير مكتملة النمو اذ كان لكل محلة في بغداد القديمة شقاوة يدافع عن ضعيفها ويأخذ الحق من غنيها وغالبا ما تكون هناك معارك دموية بين شقاوات المحلات ويقسم الشقاوات الى صنفين هما شقاوات الاجرام وهو الذي يسخر قوته للسرقة والنهب والاعتداء على الناس في حين يكون القسم الثاني هم شقاوات النخوة وهو الشخص الذي يسخر قوته وامكانياته العضلية لنصرة الضعيف والمظلوم على القوي والظالم واشهر شقاوات بغدد في العشرينيات من القرن الماضي هم عبد المجيد كنه واخوه خليل كنه في محلة السيد عبد الله ببغداد والذي اشتهر بمقاومة الاحتلال الانكليزي انذاك والشقاوة موسى ابو طبرة وكان نفوذه من محلة الفضل الى باب الشيخ وهو الذي قتل شقي آخر هو جواد الاجلك بعد خلاف طويل بينهما وكذلك خليل ابو الهوب الملقب بـ عروة بن الورد وفي جانب الكرخ كان هناك الشقي عبد الامير العجمي الذي كان يبسط نفوذه مستفيدا من حماية مظهر بك الشقاوي له ومن الشقاوات المشهورين بكثرة حوادث القتل محمد الاعور وهناك ايضا عبد الامير الاسود وفي منطقة الصدرية كان الشقي (كزكة) اشهر شقاواتها الذي قتل ابن شاهية وهو من الاشقياء الشرسين ايام زمان اما في محلة الافيلية فيجد الشقي جوامير النكة الذي تريع على عرش الشقاوات في تلك المحلة فيما واطلق لقب (شقي اشقياء بغداد) على حسن الشيخلي الذي لم ينازعه احد في محلة باب الشيخ في ذلك الوقت وفي بعض الاحياء تأخذ ظاهرة الشقاوة الطابع العائلي ويبرز هذا الجانب جبار كردي واخوته في جانب الكرخ من بغداد الذين اشتهروا بالاشتباك بالايدي فقط دون اللجوء الى السلاح والغريب في مهنة الشقاوات انها لن تقتصر على الرجال فقط، فقد حفظ المؤرخون لنا مجموعة من اسماء النساء اللواتي امتهن حرفة الشقاوات في احياء بغداد وازقتها وابرزهن صبية كسرة الملقبة ام اكرام وخديجة بيدي و فطومة ام خنجر وعادة مايكون الشقاوة ذا مستوى تعليمي بسيط ان لم يكن يجهل تماما القراءة والكتابة وتكون احاديث وروايات القصخون وهو الشخص الذي يسرد القصص والروايات في المقاهي قبل اختراع الراديو والتلفزيون وغالبا ماتكون احاديث وروايات القصخون هي المورد الوحيد لهم في الاطلاع على العالم الخارجي واخباره وفي هذا الصدد يروي الصحفي يونس البغدادي قصة طريفة تتعلق بالشقي ممودي الذي كان مواظبا على حضور قصص وروايات (القصخون) في المقهى وذات ليلة كانت القصة تدور عن سيرة ابو زيد الهلالي حيث وصل القاص الى اللحظة التي يقع فيها ابو زيد اسيرا بيد اعدائه ويدخل السجن وهنا ارجأ تكملة القصة الى اليوم التالي وخرج القصخون من المقهى وتوجه الى منزله وقبل ان يصله وجد الشقي ممودي ينتظره وفي يمينه خنجر طويل وقال له ملا راح تطلع ابو زيد من السجن لو لاع وعلى ضوء المصباح النفطي الذي كان تنير به البلدية ازقة وشوارع بغداد، فتح القصخون كتابه وواصل سرد قصته، واخذ يقرأ بصوت خافت كيف ان ابا زيد استطع ان يثقب سقف زنزانته ويهرب من سجنه باعجوبة هنا تنفس الشقي الصعداء ومضى في طريقه وكأنه يصطحب ابا زيد الهلالي معه تاركا (الملا) يضحك في سره من بلاهته وسذاجته..