الرياح : كهرباء المستقبل والإستثمار الأربح


بازدياد تكلفة إنتاج الكهرباء سنويا تبعا لارتفاع فاتورة مصادر الطاقة الأخرى كالفحم والغاز الطبيعي وبازدياد الإدراك حول تأثير هذه المصادر على البيئة والغلاف الجوي المحيط بنا فان معظم توجهات العالم اليوم تتجه للبحث عن مصادر أخرى للطاقة تكون اقل تكلفة على المدى البعيد واقل تلويثا لمحيطنا الذي نعيش فيه



والرياح احد أهم مصادر هذه الطاقة المتجددة والمتوفرة في اغلب بقاع الأرض على نحو شبه عادل مما يخلق تساويا في إنتاج الطاقة في حال اعتمادها كمصدر أساسي لتوليد الطاقة الكهربائية ويطلق عادة على محطات توليد الطاقة الكهربائية من الرياح اسم مزارع الرياح

و مزارع الرياح هذه عبارة عن مساحة تمتد لعدة كيلومترات مربعة وتحوي على 12 عنفة هوائية تولد الطاقة الكهربائية أو أكثر ويمكن ان تستخدم الأرض المبينة عليها هذه العنفات في أغراض أخرى مثل الزراعة وتتواجد هذه المزارع عادة على اليابسة أو بالقرب منها وأحيانا أُخرى بعيدة عنها في منتصف البحيرات والمحيطات للاستفادة من الرياح القوية التي تنتج عن تبخر هذه المسطحات المائية

ويعتمد مبدأ توليد الطاقة الكهربائية من الرياح على مبدأ بسيط استخدم منذ آلاف السنين وهو استغلال طاقة الرياح لتدوير عنفات كبيرة مرتبطة بمولد كهرباء صغير في داخلها يولد الطاقة الكهربائية باستطاعة متوسطة تقدر تدور حول 34 كيلوفولت ثم تنتقل هذه الطاقة إلى أسفل العنفات ليستقبلها محول كهربائي يرفع استطاعتها الى عشرة أضعاف تمهيدا لتوزيعها على المناطق القريبة او ترسل مرة أخرى إلى محطة تحويل رئيسية ترفع الجهد الى مئة ضعف لكي تنقل الكهرباء عبر خطوط التوتر العالي الى مناطق ابعد

ويتم اختيار مواقع هذه المزراع تبعا لما يسمى أطلس الرياح وهو أطلس يوضح قوة وحجم الرياح تبعا للمواقع الجغرافية حول العالم ويفضل ان تُنشأ هذه المزارع في المناطق التي تملك تيارا هوائيا مستمرا وغير مضطرب وتبلغ سرعته في حدود 16 كيلومتر في الساعة أو أكثر من ذلك ويتم تجميع معلومات أولية عادة عن الأرض المرشحة لإنشاء مزرعة هوائية عليها بواسطة توربينات صغيرة ترفع على أبراج ارتفاعها من 30-60 متر تحدد هذه الأبراج السرعة الوسطية واتجاه الرياح وتستغرق عملية جمع هذه المعلومات عادة سنتين

والرياح عادة تكون أسرع كلما ارتفعنا عن مستوي الأرض لان قوى الاحتكاك تكون اضعف بالإضافة إلى عدم تأثرها بالتضاريس أو المباني المتوزعة على سطح الأرض ويمكن الاستفادة من توليد طاقة كهربائية أكثر ب 34% ان تم رفع التوربين المولد ضعف ارتفاعه لذا فتحديد ارتفاع العنفات فوق الأرض أمر مهم جدا وخاصة على المدى البعيد من إنشاء مزرعة الرياح

ويعيب هذه الطاقة أنها متغيرة العطاء تبعا لليوم والشهر والعام ولكن هذا التغير يمكن التنبؤ به عن طريق الأرصاد الجوية وصور الأقمار الصناعية لكي يتم التأقلم معه كما أن اختيار موقع هذه المزارع هو الحكم الفاصل في إنتاجية هذه التوربينات حيث انه بالإضافة إلى شدة الرياح فان عدة عوامل تدخل أيضا في الحسابات الاقتصادية منها سعر الأرض وسعر المعدات المطلوبة وإمكانية توفر محطات التحويل وخطوط الإمداد بالإضافة الى سعر مبيع الكيلووات الساعي في المنطقة

مقارنة مع مصادر الطاقة الأخرى فان التأثيرات البيئية لهذا المصدر تعتبر صغيرة نسبيا فهي لاتستخدم الوقود ولاتسبب ايا من أنواع التلوث كما ان تكلفة بناء هذه المزرعة ومعداتها يوازي أرباح الطاقة الجديدة التي يمكن الاستفادة منها خلال أشهر من دخول المزرعة الى حيز الاستثمار

وفي نهاية عام 2008 قدر إنتاج العالم من الطاقة المستمدة من الرياح بما يقارب 121.2 جيجاوات اي ما يعادل 1.5% من استهلاك العالم من الطاقة وهو رقم يزداد باطراد كبير وهو ضعف ما كان ينتج خلال عام 2005 مثلا وقدد حققت دولا كثيرا تقدما هائلا في هذا المجال اذ ان الدنمارك أصبحت تغذي 19% من الطاقة المدنية التي تحتاجها من مزارع الرياح واسبانيا والبرتغال تغذي 13% من احتياجاتها منها وألمانيا وايرلندا تغذي 7% من احتياجاتها الكهربائية من مزارع الرياح

وقد قُدر ان الإمكانية القصوى للطاقة التي يمكن الاستفادة منها بواسطة الرياح هي ما يقارب الى 72 تيرا وات وهو رقم كبير جدا بالمقارنة مع 15 تيرا وات يمكن انتاجها من باقي جميع المصادر الغير متجددة

وتتوقع رابطة العالم للطاقة المنتجة عن طريق الرياح انه خلال عام 2010 سينتج العالم 160 جيجا وات من الطاقة بواسطة مزارع الرياح بازدياد مطرد قدره 21% سنويا ومعظم هذه الزيادات سببها الالتزامات الحكومية وجدية التعامل معها حيث نذكر ان الدنمارك قطعت وعدا لمواطنيها بان تنتج نصف احتياجاتها من الطاقة بواسطة الرياح عام 1970 وهي تسير على هذا النهج بخطى ثابتة وسريعة جدا

أما بالنسبة الى العملاق الاسيوي الصين وكما عودتنا في إصرارها على انتزاع الصدارة في جميع المجالات فهذه الدولة كانت قد خططت لإنتاج 30000 ميجا وات بحلول 2020 ولكن يبدو ان هذه الخطة كانت صغيرة بالنسبة لتطلعات الصين الواسعة فقد استطاعت أن تصل إلى إنتاجية تقدر ب 22500 ميجاوات بحلول 2009 وسترفعها بسهولة إلى 30000 مجياوات خلال 2010 مما يجعل الصين الدولة الأسرع نموا في هذا المجال وهي تلاحق الولايات المتحدة بكل صرامة لانتزاع المركز الأول في كمية إنتاج الطاقة المستمدة من الرياح

ويذكر أن إنتاج 94 جيجاوات من الطاقة المستمدة من مزارع الرياح يوفر على غلافنا الجوي ما يقارب 122 مليون طن من غاز ثاني أكسيد الكربون سنويا أي ما يعادل ما تطرحه 20 محطة لتوليد الكهرباء بواسطة الفحم

حقائق وأرقام :-
1- يبلغ إنتاج الولايات المتحدة الأمريكية اليوم من الطاقة المستمدة من مزارع الرياح ما يقارب 33,170 ميجاوات مقارنة مع 9,149 ميجاوات تم إنتاجها في عام 2005 وهي بذلك تحتل المركز الأول في كمية إنتاج الطاقة الكهربائية المستمدة من الرياح
2-اكبر عشر مزارع رياح تقع جميعا في الولايات المتحدة الأمريكية باستثناء واحدة فقط منها تقع في رومانيا
3- اكبر مزرعة رياح موجودة حاليا في الولايات المتحدة في ولاية تكساس تحديدا وتنتج مايقارب 781 ميغاوات وتسمى روسكو
4- تبني الآن الحكومة الصينية مزرعة الرياح الأكبر في العالم جانسو والتي ستنتهي عام 2020 وستنتج 20 الف ميجاوات أي مايعادل ضعف انتاج اكبر مفاعل نووي في العالم من الكهرباء
5- تقبع الدول العربية في ذيل هذا السباق اذ تنتج مصر مايقارب 390 ميجاوات فقط والمغرب 125 ميجاوات اما بقية الشرق الاوسط فلاينتج أكثر من 50 ميجاوات سنويا
6-ازداد إنتاج الصين للطاقة الكهربائية منذ عام 2005 وحتى يومنا هذا سبعة عشر ضعفاً !


المصدر شبكة ابو نواف