مــرَّ الإمام علي بن أبي طالب (ع) في بعض شوارع البصرة، فإذا هو بحلقة كبيرة والناس حولها يمدّون إليها الأعناق ، ويشخصون إليها بالأحداق ، فمضى إليهم لينظـر ما سبب اجتماعهم!فإذا فيهم شـاب من أحسن الشباب ، نقي الثياب، عليه هيبة ووقـار، وسكينة الأخيـار، وهو جالس على كرسـي ، والناس يأتونه بقوارير من المـاء{أي إدرار المـرضى}، وهو ينظــر في دليل المرض، ويصف لكل واحد منهم ما يوافقه من أنواع الدواء.
فتقدّم(ع) إليه ، وقال: السلام عليكـَ أيها الطبيب ورحمة الله وبركاته.
هل عندكـ شيء من أدوية الذنـوب ؟ فقد أعيى الناس دواؤهـا يرحمكـَ الله!فأطــرق الطبيب برأسه إلى الأرض، ولم يتكـلم.فناداه الإمام(ع)ثانية، فلم يتكلم،فناداه ثالثة كذلك، فرفع الطبيب رأسه عن الأرض بعد ما ردَّ السلام ، وقال : أو تعرف أنت أدوية الذنوب، باركـَ الله فيكـَ ؟
قال(ع) : نعـم. قال : صــفْ وبالله التوفيق.فقال(ع): " تعمد إلى بسـتان الإيمـان ، فتأخذ منه عروق النيـة، وحب الندامة،وورق التّـدبر ، وبزر الورع، وثــمر الفقه، وأغصان الـيقـين، ولــب الإخــلاص، وقشــور الاجتــهاد، وعــروق التّــوكل ، و أكــمام الاعــتبار، وسيــقان الإنــابة، وتــرياق التواضع.
تأخــذ هذه الأدوية بقلب حاضــر ، وفهم وافــر، بأنامل التصديق ، وكــف التوفيق، ثم تضعها في قـِــدرِ الرجــاء ، ثم توقــد عليها بنــار الشــوق، حتى تــرغـى زبــد الحكمة، ثم تفرغــها في صحائــف الرضــا ، وتروّح عليها بمراوح الاستغفــار، ينعقــد لك من ذلك شربـة جيدة، ثـم تشــربها في مكـان لا يــراك فيه أحــد إلا الله تعالى ، فإن ذلك يــزيل عنـك الذنوب حتى لا يبقى عليك ذنــب"
فأنشــد الطبيب يقول :
يــا خاطــب الحــوراء في خِـدرها شــمّــر ، فتقــوى الله مــن مــهرها.
وكـن مـُــجِـدّاً، لا تــكـن وانـيــاً و جـــاهـــد الـنفسَ على صبرِهـا.
نسألكم الدعاء