سيدة اجنبية عجوز كانت تركب القطار من الريف إلى المدينة والعكس في كل يوم إلى آخر محطة ...
وأثناء ركوبها في القطار كانت تجلس بجوار نافذة القطار فتفتحها بين لحظة وأخرى وتخرج كيساً من حقيبتها وترمي بأشياء من الكيس إلى الخارج..
ويتكرر المشهد كل يوم ..!
أحد الايام سألها أحدهم قائلاً:
( ماذا تصنعين أيتها العجوز؟)
فردت عليه: ( أنا أقذف بذور الورد)...
استهزأ بها.. ( بذور .. ماذا ؟؟؟)
قالت السيدة: نعم بذور الورد ..
لأني أنظر من النافذة وأرى الطريق موحشة ، ولدي طموح أن أسافر وأمتع نظري بألوان الزهور ..
ضحك الرجل من كلامها ورد عليها ساخراً: لا أظن ذلك.. فكيف للزهور أن تنمو على حافة الطريق..؟
ردت: صحيح ذلك، وأعلم أن الكثير منها سيضيع هدراً، ولكن بعضها سيقع عليه التراب ، وسيأتي اليوم الذي ستزهر فيه ..!
قال الرجل: لكنها تحتاج إلى الماء ..!
فقالت السيدة: انا أعمل ما علي والله هو الذي سيسقيها..!
*نزل الرجل من القطار وهو يفكر أن العجوز قد أصابها الخرف..
ومرت الأيام والشهور..
وركب الرجل القطار وبينما هو جالس والقطار يسير إذ به يلمح زهوراً قد نمت على حافة الطريق، وتغير المنظر، وتعددت الألوان..
فقام من مكانه ليرى السيدة العجوز فلم يجدها ..
سأل بائع التذاكر عنها فقال له البائع: أن تلك العجوز قد توفيت منذ شهور ..
تحسر الرجل على موت العجوز ..
وقال في نفسه: ( الزهور نمت .. ولكن ما نفعها ؟ فالسيدة العجوز قد ماتت و لم ترها )..!!
وفي نفس اللحظة وفي المقعد الذي أمامه .. سمع الرجل فتاة صغيرة تخاطب أباها وينتابها سيل عارم من السعادة :
( أنظر يا أبي إلى هذا المنظر الجميل ..
انظر الى هذه الزهور .. إنها جميلة جدا)
أدرك الرجل حينها معنى العمل الذي قامت به تلك السيدة العجوز.
فرغم أنها لم تعش لتتمتع بمنظر الزهور؛ إلا أنها منحت هدية جميلة للآخرين..!!
لذلك ألق بذور وردك ...
فلا يهم إذا أنت لم تتمتع برؤية الزهور .. وتستنشق عبيرها..
ولكن سيتمتع بكل ذلك غيرك، وسيكون أجرها في ميزان حسناتك..
كن سبباً في سعادة غيرك ..
كن ناشرا للحب والوئام..
كن هادياً مصلحاً معلماً..
كن ذا قلب كبير، ونفس طموحة..
كن ذا سمت حسن، وأخلاق عالية، وأدب رفيع..
لا تلتفت أبداً للمحبطين ولا للحاسدين ولا للحاقدين..
فلا تنتظر الشكر والعرفان إلا من الله
قدم ما استطعت من العمل الجميل في كل زمان وعلى كل حال...