إلمام الأبوين بمهارات قياس الحرارة يحمي الطفل من مضاعفات الحمى
الحمى علامة قد تنذر بإصابة المرء بأمراض وعلل مختلفة، لكنها ليست بالضرورة سيئةً، ولا هي دوماً خطيرةً. فهي تكون في الكثير من الأحيان استجابةً مناعيةً ودفاعيةً لحماية الجسم من الوقوع فريسةً سهلةً لأي التهاب فيروسي أو ميكروبي. ولذلك يقول بعض خبراء الرعاية الصحية إن الإلمام بطرق التعامل مع ارتفاع درجة حرارة الطفل أو انخفاضها يُعد من المهارات التي ينبغي على كل أبوين اكتسابها كجزء لا يتجزأ من الإسعافات الأولية الخاصة حتى لا تَغدُو الحمى بُعبُعاً يخيفهما ويقض مضجعهما.
إن معدل درجة حرارة الجسم الطبيعية هو 37 درجة. وبالنسبة للأطفال الصغار والرضع، فإن ارتفاع درجة حرارة الجسم ولو بشكل طفيف قد تؤشر إلى الإصابة بالتهاب حقيقي. وفيما يتعلق بالمواليد الجدد، فسواءً كانت درجة الحرارة تحت المعدل الطبيعي أو كانت حمى، فإن ذلك يمكن أن ينبئ عن إصابة المولود بمرض ما. أما فيما يخص الراشدين، فإن الحمى لا تُشكل خطورةً على صحتهم إلا إذا وصلت درجة حرارة الجسم إلى 39,4 سيلسيوس فما فوق.
قياس الحرارة
ينصح خبراء الرعاية الصحية بعدم التسرع في تناوُل الأدوية المخفضة للحرارة عندما تكون درجة حرارة الجسم أقل من 38,9 سيلسيوس، إلا إذا أوصى الطبيب بذلك. وحين تكون درجة حرارة الجسم في هذا المستوى، فإن الطبيب عادةً ما يوصي بتناوُل أحد الأدوية غير الموصوفة المخفضة للحرارة مثل الباراسيتامول أو الآيبوبروفين. وإذا كان الأطباء لا يجدون بأساً في استخدام الراشدين للآسبرين، فإنهم يمنعون من مناولته للأطفال، لأن تناوُله من قبل من تقل أعمارهم عن 18 سنةً يمكن أن يتسبب في الإصابة باضطرابات نادرة لكنها خطيرة مثل “متلازمة راي”، وهي مرض عصبي حاد يؤدي إلى تجمع الدهون في الكبد وتورم بعض خلايا الدماغ. ويوصي الأطباء أيضاً بعدم مناولة الأطفال الرضع الذين تقل أعمارهم عن ستة أشهر أدوية الآيبوبروفين.في الوقت الحالي، تتوافر أجهزة قياس الحرارة (ترمومتر) على قراءات رقمية أدق من مقاييس الحرارة السابقة. فهناك أجهزة تقيس درجة الحرارة عبر قناة الأذن، وهذه الطريقة تناسب أكثر الأطفال الصغار والراشدين الكبار. ويُفضل بعض الآباء استعمال الترمومتر عبر الفم أو تحت الإبط، أو عبر الشرج توخياً لقراءة ذات درجة عالية من الدقة.
وإذا كنت تستخدم الترمومتر الرقمي، فاحرص في البداية على قراءة تعليمات وإرشادات الاستخدام لتعرف ما تدل عليه رناته، ومتى يحين وقت قراءة درجة الحرارة التي يسجلها. وفي الظروف الطبيعية، تبلغ درجة حرارة الجسم أعلى مستوى لها في الساعة 4 عصراً، بينما تنخفض إلى أدنى مستوى في الساعة 4 صباحاً. ونظراً لوجود مخاطر محتملة لمقياس الحرارة الزئبقي، تم وقف استخدامه في معظم دول العالم.
القياس الشرجي
يُجمع الكثير من أطباء الأطفال على أن أدق طريقة لمعرفة الحرارة الداخلية للطفل الرضيع هي وضع الترمومتر في فتحة شرجه. ويسهل لأي أم القيام بذلك دون قلق، لكن مع الحرص على اتخاذ التدابير التمهيدية الآتية:
◆ دهن ساق الترمومتر بقليل من زيت الترطيب◆ تمديد الرضيع على بطنه
◆ إدخال الترمومتر برفق في فتحة شرج الطفل بمقدار يتراوح بين نصف سنتيمتر وسنتيمتر وربع
◆ ترك الترمومتر داخل الشرج وإبقاء الرضيع مستلقياً على الوضعية نفسها لمدة ثلاث دقائق. ولتفادي حصول أي جرح أو خدش أو إصابة، ينبغي للأم ألا تترك ساق الترمومتر ينزلق أكثر داخل مستقيم الرضيع خلال انتظار اكتمال الدقائق الثلاث قبل الحصول على القراءة النهائية
◆ إزالة الترمومتر برفق ثم قراءة نتيجة درجة الحرارة المسجلة على لوحته الرقمية.
ويقول بعض الأطباء إن طريقة قياس درجة الحرارة عن طريق الشرج تُعد خياراً مناسباً كذلك للمسنين الذين يتعذر عليهم قياس درجة حرارة جسمهم عبر الفم. ومن المعلوم لدى جميع الأطباء أن قياس الحرارة عبر الشرج أدق من قياس الحرارة عبر الفم بحوالي 0,5 سيلسيوس.
القياس الفموي والإبطي
بالنسبة لمن يُفضلون قياس درجة الحرارة عبر الفم، فيمكنهم القيام بذلك من خلال اتباع الخطوات الآتية:
◆ وضع ساق الترمومتر أسفل اللسان
◆ إغلاق الفم لمدة ثلاث دقائق، أو حسب ما تمليه إرشادات الاستخدام المرفَقة بالترمومتر.
أما فيما يخص القياس تحت الإبطي، فعلى الرغم من كونه أقل دقةً، فإنه يوفر قراءةً تقديريةً لا بأس في دقتها، لا سيما إن كنا نُدرك هامش فرق دقتها مقارنةً بالقياس الشرجي الذي يعكس تماماً درجة حرارة الجسم الداخلية. ويمكن استخدام الترمومتر الفموي نفسه لقياس الحرارة من تحت الإبط، وذلك بالقيام بما يلي:
◆ وضع الترمومتر تحت الإبط وإسدال الذراع إلى الأسفل
◆ إبقاء الذراعين مضمومتين إلى الصدر
◆ الانتظار لمدة خمس دقائق أو أقل، وذلك وفقاً لما تنص عليه تعليمات الجهة المصنعة للترمومتر
◆ إزالة الترمومتر من تحت الإبط ثم قراءة النتيجة التي سجلها.
ولمعرفة درجة حرارة الطفل عبر القياس الإبطي، ينبغي للأم أن تُجلس طفلها على حضنها، وتضع الترمومتر تحت إبطه، مع حرصها على أن يتخذ وضعيةً مقابلةً لصدرها. ويُعد القياس الإبطي أقل دقةً من القياس الفموي بمعدل 0,5 سيلسيوس.
طلب المساعدة
من المهم جداً أن يكون الآباء والأمهات على دراية وإلمام بأساسيات الإسعافات الأولية الخاصة بالحمى حتى يتسنى لهم معرفة ما إذا كانت حالة الطفل مطمئنة، أم أنها تبعث على القلق وتستدعي التدخل العاجل. ومن بين الحالات التي تقتضي الإسراع بنقل الطفل إلى المستشفى ما يلي:
- إذا كان عمر الطفل يقل عن ثلاثة أشهر وأظهر قياس حرارته عبر الشرج أن حرارة جسمه الداخلية بلغت 38 درجة سيلسيوس فما فوق. ففي هذه الحالة يجب على الأبوين الذهاب بالطفل فوراً إلى اقرب مستشفى أو عيادة حتى لو لم يظهر عليه أية علامات أو أعراض مرضية مقلقة.
◆ إذا وصلت درجة حرارة الرضيع البالغ ثلاثة أشهر فما فوق 38,9 سيلسيوس أو أكثر.
◆ إذا كانت درجة حرارة المولود الجديد المأخوذة عبر الشرج تقل عن 36,1 سيلسيوس.
◆ إذا استمرت الحمى في جسد الطفل البالغ أقل من سنتين أكثر من يوم واحد. وإذا لازمت الحمى الطفل البالغ سنتين فما فوق مدةً أطول من ثلاثة أيام.
◆ إذا بلغت درجة حرارة الشخص الراشد 39,4 سيلسيوس أو أكثر، أو إذا لازمته الحمى أكثر من ثلاثة أيام.
وإذا كان عمر الابن أو البنت يتراوح ما بين سنتين و17 سنةً ووصلت درجة حرارة جسمه عبر القياس الفموي 38,9 سيلسيوس، فيُنصح الأبوان بتشجيعه على الراحة والاسترخاء والإكثار من شُرب الماء والسوائل، دون تناوُل أية أدوية أو اللجوء إلى الطبيب إلا في حالة تطور الأمر وإصابة الابن مثلاً بحساسية أو وهن شديد، أو في حال بقاء حرارته دون انخفاض لأكثر من ثلاثة أيام. ويوصي الأطباء أيضاً بعدم تناوُل جرعات زائدة من الأدوية الموصوفة أو غير الموصوفة، مع تجنب تناوُل أدوية ذات المفعول نفسه أملاً في تسريع عجلة التعافي، لأن ذلك قد ينتج عنه تفاعلات دوائية تضر بصحة المحموم بدلاً من أن تُعجل بشفائه.
في بعض الحالات، يكون للتدخل الطبي ضرورة قصوى. ومن بينها مثلاً أن ينسى الأبوان الطفل في سيارة مغلقة في جو حار، وكذلك إن بدا على الطفل أو الراشد أحد الأعراض أو العلامات الآتية مصحوبةً بحمى: صُداع حاد، انتفاخ حاد على مستوى الحنجرة، ظهور طفح جلدي غير مألوف، ظهور حساسية عين شديدة ضد الضوء اللامع، تصلب الرقبة والشعور بالألم عند ثني الرأس إلى الأمام، فقدان التركيز والتفكير المنطقي، التقيؤ بشكل مستمر، إيجاد صعوبة في التنفس أو الشعور بألم في الصدر، الشعور بالإنهاك الشديد وباشتداد تعكر المزاج، الإحساس بآلام في البطن، أو بأوجاع خلال التبول، أو بأعراض أخرى غير قابلة للتفسير.
المصدر ,, جريدة الاتحاد