صرصور في أذني

كنت أعيش في مدينة داروين Darwin في أستراليا، مع اثنين من الأصدقاء. وكان مساء يوم ثلاثاء هادئ، وذهبت إلى النوم حوالي منتصف الليل. وكان البيت الذي أسكنه من الطراز القديم، ويحتوي من أجل التهوية فارقاً من 45 سم بين الجدران الداخلية والسقف.

استيقظت حوالي الساعة الثانية بعد منتصف الليل. وقد أحسست بأني لا أسمع في إحدى أذنيّ. كنت نعساً وفي حيرة من أمري، لكنني علمت أن هناك شيئاً ما في أذني. وكان من الصعب معرفة ما هو. ولم أستطع إدخال إصبعي ما يكفي فيها لملامسة هذا الشيء، ولكنني شعرت أن داخل أذني قد تورم.
علمت فيما بعد أن صرصوراً Cockroach قد حط على أعلى جدار الغرفة. ولعل مروحة السقف قد قذفت به فوق رأسي مباشرة. ولعلني فركت جانب وجهي بيدي وأنا نائم مما أفزعه. وأفترض أنه بحث عن مكان يختبئ فيه، وجرى مباشرة نحو أذني اليمنى.
تعلمت منذ ذلك الوقت، أن الصراصير لا تستطيع الحركة إلى الخلف. وقد كانت كبيرة إلى حد كاف، كي لا تجد أمامها فراغ تتحرك فيه في أذني. ولعل معظم أرجله قد انغرست في جسمه وفي قناة أذني. كان خياره الوحيد هو الحركة إلى الأمام، ولهذا غرس مخالبه أكثر فيها يحفر إلى ما هو أعمق بواسطة فمه. وكان يخدش ويعلك طبلة أذني، وهذا يؤلمني بشكل فظيع، مثل وضع إبرة خياطة على أذني ثم الطرق عليها.
لقد كنت أعرف شيئاً كان خاطئاً بشكل كبير. فقد قلت لنفسي أنها حشرة، وكنت لاحظت أنه عندما توقفتْ عن الحفر، ذهب عني الألم. وبما أنه كان علي أن أذهب إلى عملي بعد أربع ساعات في مستودع سقالات، ففكرت أن عليّ أن أنام ثانية. ولكن بعد 15 – 20 دقيقة بدأت الحشرة الحفر من جديد.
وقد حدث هذا مرة بعد مرة، وفي كل مرة كان الألم يزداد. هززت رأسي محاولاً أن أخرج الحشرة من أذني، ولكن هذا لم يحقق لي شيئاً. قمت بوضع فتحة المكنسة الكهربائية على أذني وشغلتها علها تسحبه بأي شكل كان، ولكن ذلك لم ينفع أيضاً. وكنت كلما هيّجت هذا الشيء في أذني أكثر كلما أصبح أكثر إيلاماً لي.
فكرت بعد ذلك بحل آخر، أستطيع به طرده. فوضعت رأسي في المغسلة وملأتها حتى أذني بالماء. لكن ذلك هيج الحشرة أكثر. شلّني الألم، وانحدرت إلى حالة جنين لا حول له ولا قوة. وبدأت عضلاتي تتشنج، وكان هناك إجهاد شديد في رأسي. وكنت أُصر على أسناني بقوة حتى لا أصرخ من الألم.
أدركت أنه يجب عليّ الذهاب إلى زميلي في المنزل. وكان هذا حوالي الساعة الرابعة والنصف صباحاً. وقد أخذني إلى قسم الطوارئ في المستشفى القريب، حيث شرحت لهم ما أنا فيه من ألم. قلت لهم أنني انتظرت بقدر ما أستطيع، ولكن الشيء في أذني سيبدأ الحفر بعد حوالي 15 دقيقة، وأنا سأتلوى على الأرض. وقد رأوا ذلك فعلاً بعد خمس دقائق فقط.
فحصت الطبيبة أذني، ودهش لرؤية صرصور فيها. وبالنسبة لي فقد حمدت الله أنه لم يكن عنكبوتاً ساماً Poisonous Spider. وقد أرادت الطبيبة سحب الصرصور خارج الأذن ، وقالت أن زيت الزيتون يمكن فعلياً أن يمنع عنه الأكسجين ويقتله. وكان عليّ أن أضطجع على جانبي، حيث سكبت الزيت داخل أذني. وقد تطلب الأمر حوالي 15 دقيقة حتى يموت الصرصور. وكانت كل الآلام التي أحسست بها من قبل لا تساوي شيئاً بالمقارنة مع ما شعرته عندما كان الصرصور يعاني سكرات الموت.
بعد أن توقف الصرصور عن الحركة، استعانت الطبيبة بمقص طويل لتسحبه ببطء. وقد شعرت عندها بالارتياح حقاً.
قالت الطبيبة أن الصرصور كان أكبر حشرة رأتها في حياتها داخل أذن أي شخص. لقد كان حضناً غريباً له. وقالت أنه لو طال بقاؤه زمناً أكبر لكان غشاء الطبل تأذى، مما سيؤدي إلى فقدان سمع.
كان عندي فقط بعض عدم الارتياح في أذني، ولذلك أخرجوني مباشرة من المستشفى. وبالطبع، فقد حافظت على الصرصور، ووضعته في وعاء عينات وسميته روجر.


المصدر ,, بوابة المعرفة