الصين تقتحم عالم حاملات الطائرات «محلية الصنع»
يعد امتلاك دولة من الدول حاملة طائرات بمنزلة قفزة إستراتيجية كبيرة خاصة إذا كانت الدولة ذات قدرات نووية مثل الصين.وأخيرا اتجهت الأعين نحو الصين عندما أعلنت تدشين أول حاملة طائرات صينية الصنع وبذلك تكون الصين مالكة لحاملتى طائرات.
فبعد أخبار وتعليقات مقتضبة عن تشييد الصين حاملة طائرات جديدة لتنضم للأسطول الصينى، بعد الحاملة السوفيتية المستعملة التى اشترتها منذ سنوات وقامت بتحديثها على مدى سنوات سابقة، فاجأت الصين العالم بخبر مقتضب يوم ٣١ ديسمبر ٢٠١٥ عندما أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية فى بكين أن الصين تقوم ببناء ثانى حاملة طائرات فى داليان فى مقاطعة لياونينج بشمال شرقى الصين.
ومنذ أيام أذاعت الصين نبأ مهما جاء فيه:”دشنت الصين أول حاملة طائرات محلية الصنع «A001 » بميناء داليان فى محافظة لياونينج شمال شرق البلاد يوم ٢٦ ابريل ٢٠١٧ بعد اربعة أيام من الاحتفال بالذكرى ٦٨ لتأسيس القوات البحرية الصينية.”
وتم نقل الحاملة الجديدة من الحوض الجاف إلى المياه خلال حفل تدشين فى حوض بناء السفن فى داليان التابع لشركة صناعة بناء السفن الصينية.
وكان خبير عسكرى صينى قد أشار إلى ان حاملة الطائرات الجديدة صناعة صينية وستكون أكبر من حاملة الطائرات «لياونينج» التى تعتبر أول حاملة طائرات حصلت عليها الصين، وأحسن منها فى أداء «الشبح» (يقصد التخفى وصعوبة الرصد)،كما ستحمل طائرات أكثر بالمقارنة مع «لياونينج». وأضاف،انه لا يوجد فى العالم إلا عدد قليل من الدول القادرة على بناء حاملة طائرات بشكل مستقل.
وتتميز حاملة الطائرات الصينية الجديدة بتكنولوجيات قوية فى إقلاع وهبوط الطائرات وبها رادار وراديو بتكنولوجيا عالية، ما يعكس تحسن مستوى الدفاع الوطنى الصينى. مؤكدا انه على الرغم من ان هذه حاملة الطائرات ليست الأكثر تقدما من نوعها فى العالم، فإنها تتفق مع الظروف والاحتياجات الوطنية للصين.
ويبلغ طول هذه الحاملة الصينية الجديدة وفق ما تم إعلانه ٣١٥ مترا وعرضها ٧٥ مترا، والوزن ٧٠ ألف طن، والسرعة ٣١ عقدة بحرية وهى قادرة على حمل ٣٦ مقاتلة من نوع «جيه ١٥».
وقد كشف جو يينج فو، المصمم العام لحاملة الطائرات “لياونينج” والعالم الصينى بالأكاديمية الصينية للهندسة، أن الحاملة الصينية الثانية الجديدة تشبه فى شكلها الخارجى الحاملة الأولى “لياونينج”، لكنها أكثر تطورا. مثلا، تم تحسين تصميمها الداخلى، والتخلى عن الأسلوب السوفيتى القديم، كما تمت ترقية ورفع قدرات المنشآت الداخلية.
من جهة أخرى، تحدث عن المشاكل التطبيقية فى بعض التكنولوجيات الجديدة خلال عملية صنع الحاملة. مثل، تقنيات إطلاق الصواريخ. وفى هذا السياق أشار إلى أن الصين بصدد تسريع البحوث فى مجال تكنولوجيا الإطلاق التوربينية والإلكترونية، وعبر عن ميله الشخصى إلى التكنولوجيا المغناطيسية الكهربائية الأكثر تقدما، حيث يمكن إدماج هذه التكنولوجيا فى صناعة الحاملات بعد تشييدها. وهناك أيضا الطاقة النووية، التى نبه أن على الصين أن تهتم بها فى المستقبل، وآمل أن يصبر الصينيون على فريق الأبحاث، مؤكدا ثقته فى أن الصين ستستطيع دخول الريادة العالمية في هذا المجال”.
وفي إجابته على سؤال حول نطاق حاجة الصين لحاملات الطائرات، قال : “إن أمريكا تقول الآن بأنها تحتاج إلى ١٠ حاملات، نحن قد لانحتاج هذا العدد الكبير، لكن نحتاج ٣ على الأقل، وإذا توفرت الإمكانيات، الأفضل أن نمتلك ٤ أو ٥ حاملات.”
وجاء رد الفعل الروسى الدعائى بأن أعلنت صحيفة “روسيسكايا جازيتا” أن حاملة الطائرات الأولى من صنع صينى هى فى حقيقة الأمر نسخة من الطراد الروسى المهيأ لحمل الطائرات من نوع “كريتشيت”!
وأن العمل بدأ فى روسيا السوفيتية من أجل تصنيع حاملات الطائرات “كريتشيت” منذ عام ١٩٧٠. وأصبحت السفينة التى تحمل اسم الأميرال كوزنيتسوف حالياً فى الأسطول الروسى أولى حاملات الطائرات من نوع “كريتشيت”.
وأن اسم حاملة الطائرات الصينية الأولى “لياونينج” جاء نسبة إلى المحافظة (الإقليم) التى تتبع لها مدينة “داليان” التى شهدت نزول النسخة المطورة من طرادات “كريتشيت” إلى المياه، وانها هي ذاتها المدينة التى أسسها الروس فى عام ١٨٩٨ وأطلقوا عليها اسم “دالنى”!
وكانت الصين قد أطلقت فى عام ٢٠٠٨ مشروع الإصلاح وإعادة تأهيل لأول حاملة طائرات لديها والتى تم تشييدها على أساس حاملة الطائرات التى كان يمتلكها الاتحاد السوفياتى السابق وإشترتها الصين. ودخلت حاملة الطائرات تلك، تحت اسم “لياونينج”، الخدمة الفعلية فى سلاح البحرية الصينى فى ٢٠١٢. وبهذا دخلت الصين “ نادى حاملات طائرات “ للدول الكبرى. وتركز مهمة حاملة الطائرات “لياونينج” على البحث والاختبار ، والتعليم والتدريب والعمليات الدفاعية البحرية. ويعتبر البحث والتدريب أساس مهام حاملة الطائرات “لياونينج”.
أما حاملة طائرات الجديدة محلية الصنع التى دشنت أخيرا، فإنها، وفق ما أعلنته الصين، صناعة صينية من المحرك الى جهاز التحكم والبيانات التكتيكية الى الاسلحة فجميعها صناعة صينية بحتة. ومن المتوقع أن يتم انشاء ثانى أسطول حاملة الطائرات الصينية لتكون مهمته نفس مهمة أسطول «لياونينج»، إلا أن المهمة الدفاعية البحرية ستكون لها الأولوية، وتتحول مهمة البحوث العلمية والتعليم والتدريب الى المكانة الثانوية. ووفقا لما أعلنه الصينيون فإنه من المنتظر أن يشهد عام ٢٠١٩ اتمام انشاء اسطول حاملة الطائرات الصينية الثانى، حيث ستصبح الصين بعد أمريكا، «ثانى دولة تملك حاملة الطائرات قادرة على العمل فى جميع الأحوال الجوية » (يشير إلى ضمان مشاركة أسطول حاملة طائرات فى مهام قتالية أو رحلات بحرية فى أى وقت). ومن المتوقع فى السنوات الـ٢٠ المقبلة، أن تطور الصين ست حاملات طائرات.
وتعد الصين دولة تمتلك سواحل يصل طولها لاكثر من ١٨ ألف كيلومتر، و٣ ملايين كيلومتر من المياه البحرية التى تعتبرها خاضعة لها، وفى مواجهة الوضع الامنى البحرى المتوتر والجهد والمواجهات من أجل الحقوق البحرية فى المنطقة، تنظر الصين إلى انشاء قوة بحرية عسكرية، وحماية الحقوق والمصالح البحرية الوطنية الصينية، وحماية امن ممرات والمصالح الاستراتيجية البحرية الصينية “ فى الخارج”، بمثابة مهمة تاريخية لجنود القوات البحرية الصينية وعمال الصناعة العسكرية الصينيين.
المصدر ,, جريدة الاهرام